سرايا - لم تكن أوروبا في أسوأ كوابيسها تتوقع أزمة الطاقة التي عانت منها خلال العام الجاري، بالتزامن مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

روسيا كانت تمد أوروبا يوميا بأكثر من 1.9 مليون برميل من النفط الخام، و2 مليون برميل من المشتقات النفطية، إلى جانب 175 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى غالبية دول الإتحاد الأوروبي وتركيا، بحسب بيانات وزارة الطاقة الروسية.

اليوم، تحصل أوروبا في أفضل الأحوال على 700 ألف برميل يوميا من النفط الخام، ونحو 1.4 مليون برميل يوميا من المشتقات النفطية بصدارة الديزل، الشحيح على مستوى العالم، وفق تقرير لوكالة الطاقة الدولية، الشهر الماضي.

كذلك، لا يتجاوز إجمالي صادرات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا، حاجز 100 مليون متر مكعب يوميا، أي 36.5 مليار متر مكعب سنويا، أي أقل بنسبة 79 بالمئة عن الكميات المصدرة في عام 2021.

صحيح أن الاتحاد الأوروبي من ملء مخزونه من الغاز بنسبة 95% قبل فصل الشتاء الحالي، وفقًا للتقرير الفصلي لوكالة الطاقة الدولية، الصادر الشهر الماضي، إلا أن المؤشرات لا تبشر بخير لدول التكتل.

إذا بدأت دول الاتحاد الأوروبي في السحب من مخزونات الغاز الطبيعي، قبل بدء فصل الشتاء رسميا، والذي يبدأ في 21 ديسمبر/كانون أول الجاري، وسط توقعات بطقس بارد في الشهور الثلاثة المقبلة.

وتقول الوكالة إنه قد تكون هناك حاجة لتغيير السلوك وخفض النفقات، إذا خفضت روسيا صادرات الغاز أكثر خلال الفترة المقبلة، ما يعني أن دول التكتل ستواجه بردا قارسا للأسر والشركات والقطاع الصناعي المتراجع.

ذلك، دفعت الحرب الروسية الأوكرانية والتقليص اللاحق لتدفقات الغاز إلى أوروبا، الأسعار الدولية إلى مستويات عالية جديدة، مع توقع استمرار اضطراب السوق في عام 2023، وفقا لتصريحات لرئيسة المفوضية الأوروبية كريستين لاغارد.

ليس هذا فحسب، بل إن الأسواق التي قدمت نفسها على أنها ستكون بديلة للغاز الروسي، والحديث هنا عن الولايات المتحدة، قد تكون غير قادرة على استمرار توريد الغاز لأوروبا بسبب ارتفاع الطلب المحلي وارتفاع أسعار الإنتاج.

أدت الأزمة إلى انخفاض استهلاك الغاز الطبيعي في غالبية المناطق. في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا، انخفض الطلب على الغاز بما يقرب من 10% على أساس سنوي في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2022، وانخفض بنسبة 15% في الصناعة بسبب خفض الإنتاج.

في الظروف الطبيعية تحتاج دول الاتحاد الأوروبي إلى قرابة 350 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، وهو رقم يجب أن يأتي من مصادر كبرى ومستدامة، بصدارة روسيا وقطر والنرويج والولايات المتحدة، لكن أوروبا فقدت روسيا مبدئيا.

أما قطر، فإنها ملتزمة بعقود طويلة الأجل مع مستوردين في آسيا بصدارة الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان، وبالتالي فإن معظم الصادرات تتجه إلى هذه الأسواق، منذ عدة سنوات، وليس من اليوم.

سيكون توفير الطلب على الغاز وواردات الغاز الطبيعي المسال أمرا حاسما للحفاظ على تخزين الغاز عند مستويات مناسبة حتى نهاية موسم التدفئة 2022/23 استجابة لأزمة الطاقة.

ويبدو أن أوروبا ستكون مطالبة بخفض الطلب بنسبة 13% من أجل الحفاظ على مستويات التخزين أعلى من 33% حتى عام 2023 إذا استمرت التدفقات المنخفضة الحالية.

النبأ السار هو أن أسعار الطاقة انخفضت بالتأكيد كثيرا في الأشهر الثلاثة الماضية؛ وانخفضت أسعار الغاز الطبيعي إلى حوالي 135 يورو (141.14 دولارا) لكل ميغاواط في الساعة من ذروة 350 يورو المحددة في أغسطس.

وانخفضت أسعار الكهرباء في أوروبا بأكثر من النصف في نفس الفترة؛ بالإضافة إلى ذلك، تمكنت أوروبا من زيادة مخزوناتها من الغاز إلى أقصى حد تقريبا، وأدى أحد أحر فصل الخريف على الإطلاق إلى خفض الاستهلاك بشكل كبير.

لكن حتى بعد الانخفاض، أصبح الغاز اليوم أغلى سبع مرات مما كان عليه في الفترة 2000-2020؛ الكهرباء أعلى بعشر مرات؛ التأثير التراكمي مهم أيضا؛ لا يتعلق الأمر فقط بمدى ارتفاع الأسعار، بل إلى متى تظل مرتفعة هناك.

لا يزال هناك خطر كبير يتمثل في مطالبة المستهلكين بتقليل الطلب؛ يظل انقطاع التيار الكهربائي المحلي احتمالًا قويًا، لا سيما في فرنسا وفنلندا وأيرلندا والسويد.

في توقعاته الشتوية، التي صدرت مطلع ديسمبر، قال اتحاد الشركات الأوروبية : "الوضع هذا الشتاء حرج ولكن يمكن التحكم في.. لا يبدو أن الأسوأ قد انتهى".

من الآن فصاعدا، فإن السيناريو المخيف هو ما يسميه خبراء الطاقة في ألمانيا Dunkelflaute - وهذا يعني حرفياً حالة الركود المظلم، وهي فترة تقل فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مع ارتفاع الطلب عليها بسبب درجات الحرارة المنخفضة.

• إقرأ أيضاً : روسيا: لا نفكر باستخدام أسلحة بيولوجية
• إقرأ أيضاً : ليبيا ترفض ترسيم الحدود البحرية مع مصر
• إقرأ أيضاً : الرئيس الأوكراني يطلب بث رسالة في نهائي المونديال .. ما رد الفيفا؟