حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1571

الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة ..

الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة ..

الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة  ..

17-12-2022 10:09 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الشيخ سعيد نواصره آل عبّادي
أجدني - هنا - مضطراً ألا أحدث الناس بما امرنا به نبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم - من الصبر على جور الحكام وظلمهم ، وطاعتهم في غير معصية الله - تعالى - كما جاء في قوله - عليه السلام - :

" مَن كرِه مِن أميره شيئاً فليصْبر عليه .. "
أو : " يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي ] ويهدون بغير هديي تَعْرِفُ منهم وتُنكر [ وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطين في جثمان إنس ] " ...
قلت : [ يارسول الله ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : " تلتزم جماعة المسلمين وإمامهم [ تسمع وتطيع الأمير وإن ضربَ ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ] "

أو : " إنها ستكون أثرةٌ وأمورٌ تُنكرونها قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " أدَّوا الحقَّ الذي عليكم وسَلوا الله الحقَّ الذي لكم "
وغيره مما صح عمن لا ينطق عن الهوى ، بل بوحي من يعلم ما يكون إلى يوم القيامة ، ولا يعجزه شيء في السموات والأرض .

اقول هذا لأن غلبة العاطفة والحماس - مع قلة الصبر والعلم - عند الشعوب قد طغت بصورة ظاهرة ، وتجاوزت الحد إلى أن بلغت الرد على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمره ونهيه ، او تفسير كلامه بالهوى والظن ، وربما إنكاره دون واسطة أهل العلم و الاختصاص! .

ولو أنا اردنا بحث المسائل بالعقل لا بالنقل فلنا السؤال :
هذا أو ذاك المعارض الذي يجيّش عوام المسلمين في سبيل الخروج على الحاكم الذي يحكمون بفساده بالسلاح عملاً أو رفض إمرته وحكمه بالاعتصامات والمظاهرات قولاً ، على أي شيء استند وما الذي يرتكز عليه في السلامة من العواقب التي تصل - كما شهدت به التجارب العديدة - إلى سفك دم الأبرياء وتشريدهم واقتتال الأخوة وكثير من المفاسد العظيمة ؟

العلماء - هنا - لا يتحدثون عما يبيح الخروج على الحاكم الظالم - وحتى الكافر - وإنما عن الذي يتيح للمسلمين ذلك من الشروط والضوابط الشرعية الدقيقة والصارمة التي تحفظ أوطان المسلمين وتحقن الدماء وتحمي الأعراض ، وتقيهم شر تسلط الأعداء وعدوانهم ، وغير هذا من عظيم الفتن ...

لا ندري ما الذي يريده المعارض او الثائر من الناس أن يفعلوه على ارض الواقع ودون هرب في الإجابة إلى عبارات الرفض ومهيجات النفوس المختلفة !
هل تريد خروجهم بالمظاهرات والاعتصامات التي سرعان ما تتحول إلى مواجهات مع الامن او تكسبر وتخريب ؟
وماذا بعدُ إن لم يستجب الحاكم او الوزير ؟!
ام يريد حمل السلاح ومجابهة جيش الدولة ولا يهم بعدها ما يكون !
إن مجرد الكلام في الحاكم سهل لأي احد ، ولكن عاقبته وأثره لا يملك مخلوق ضبطه وقيده أو معرفة مآلاته مطلقاً ..

فهل هذا الذي ندندن حوله هو فقه أئمة الإسلام وأعلامه الفقهاء ؟
نرى ...

روى الخلّال عن محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أنَّ أبا الحارثِ حدَّثَهُم قال : سألتُ أبا عبد الله ( يعني : الأمام أحمد ) في أمرٍ كان حدث في بغداد ، وهَمَّ قومٌ بالخروج !
فقلتُ : يا أبا عبد الله ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم ؟!!
فأنكرَ ذلكَ عليهم ، وجعل يقول : سُبحان الله ! الدّماءَ الدّماءَ ! لا أرى ذلك ، ولا آمرُ به ؛ الصَّبرُ على ما نحن فيه خيرٌ من الفتنةِ : يُسفكُ فيها الدّماءُ ، ويُستباح فيها الأموال ! ، وينتهك في المحارم ! .
أَما علمتَ ما كانَ الناسُ فيه ؟! يعني أيام الفتنةِ
قلتُ : والناسُ اليوم ! أليس هم في فتنةٍ يا أبا عبد الله ؟!
قالَ : وإنْ كانَ فإنَّما هي فتنةٌ خَاصةٌ فإذا وقع السَّيفُ عَمَّتِ الفتنةُ ، وانقطعتِ السُّبلُ ؛ الصَّبرُ على هذا ، ويَسلم لك دينُكَ خَيرٌ لك .
ورأيتُه يُنكرُ الخروجَ على الأئمة ، وقالَ : الدّماءَ ، لا أَرَى ذلكَ ، ولا آمر به ُ

مع التنبيه على أن ما جاء به حكام زمانهم هو اعظم عند الله ، فإنه يتعلق بالدين والعقيدة ، وربما جمعوا معه الظلم المادي !

وأمّا الأصول الفقهيّة : فقد جاءت الشريعة السمحة باعتبار المصالح وتكميلها ، ودرء المفاسد و تقليلها ولذا ' فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة، فينظر في المعارض له ، فإن كان الذي يفوت من المصالح ، أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به ، بل يكون محرمًا إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته ، لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة ' [ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ]

وقال تلميذه البارّ ابن القيّم : ' إنّ النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله ؛ فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره ، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله ...
إلى أن قال : ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر ! ، فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه ! '

ينبغي للمسلم ان يكون هذا منطلقه الشرعي والعقلي عند النظر فيما يسمع ويرى من دعوات هنا وهناك ، فيكون ميزانه في الحكم والقرار والسلوك العملي ، فلا تأخذه عاطفة او يسوسه حماس ، وخير لنفسه الا يلقى خالقه بدماء معصومة او يد في فتنة عمياء ..

أسأل الله العظيم أن يحفظ بلدنا من الفتن ، ويجعله آمناً مطمئناً وسائر بلاد الإسلام ، وأسأله تعالى أن يوفق ولاة أمورنا لكل خير وأن يرزقهم البطانة الصالحة التي تأمرهم بالمعروف وتعينهم عليه ، وتنهاهم عن المنكر وتعينهم على تركه ..








طباعة
  • المشاهدات: 1571
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
17-12-2022 10:09 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم