18-12-2022 09:00 AM
بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
الاحتجاجات ضد الحكومات في دول كثيرة من العالم جاءت بعد مرور العالم بأزمتين كان لهما تأثير واضح على الاقتصاد العالمي الأولى جائحة كورونا والثانية الحرب الروسية على أوكرانيا ، فالجائحة أدت الى تعطل عجلة الإنتاج العالمية وزيادة أعداد العاطلين عن العمل وتأخر تسديد الديون وزيادة الأعباء على الحكومات والمواطنين، اما الحرب الروسية الأوكرانية فقد أحدثت أزمة طاقة وغذاء عالميتين كما أدت الى زيادة غير مسبوقة في أسعار الطاقة والمواد الغذائية ومواد الإنتاج، وهذا أدى الى تراجع الاقتصاد في جميع دول العالم وسيكون العام القادم أكثر قسوة من العام الحالي حسب تحليل رجال الاقتصاد ومن المحتمل حدوث زيادة كبيرة في أعداد العاطلين عن العمل وربما نشوء ركود تراكمي سيكون اكبر ازمة مالية بعد ازمة 1929 وسيمر العالم في نفق مظلم لعدة سنوات .
وهذا الوضع يتطلب الان تغيير مفهوم الناس لنمط الحياة وعلينا إيجاد نمط حياة جديد يتناسب مع شح الموارد المادية فارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والتغيير المناخي والحروب وما يترتب عليها من كوارث وتراجع الإنتاج وعدم توفر المواد الخام بشكل كافي سيؤدي الى ضرورة التخلي عن بعض الأمور الحياتية والترفيهية والتي كانت سائدة سابقاً ويجب أن تزول احلامنا بأن أطفالنا سوف يعيشون أفضل منا ، مطلب كهذا سوف يؤدي الى استفزاز بعض الناس وخاصة محدودي الدخل والذين يكافحون يومياً من أجل الحصول على الحد الأدنى وربما الأقل لسد رمقهم ، كما أن بعض الفجوات في الاقتصاد العالمي سيؤدي الى زيادة دخل الدول المنتجة للطاقة مثل أمريكا وروسيا ودول الخليج العربي ، وهذا سيحدث توازنات سياسية واقتصادية جديدة في العالم ، وثراء فاحش لبعض الاشخاص.
إن الإرهاق المادي والنفسي والخوف من المستقبل أدى الى الاحتقان والى الأحداث المؤسفة خلال الأيام القليلة الماضية، إن ما حدث من احتجاجات سلمية شيء مشروع وقانوني ولكن انجراف الأمور الى العنف والاعتداء على افراد الامن وإلحاق الأذى بهم واستشهاد أحدهم واحداث اضرار مادية لممتلكات الدول وممتلكات المواطنين ليس مفهوما وغير مقبول من كافة المواطنين إن هذا الرأي لا يعني دفاع اعمى عن الحكومة أو الدولة إنما هو دفاع عن الوطن. إننا لا نعفي الحكومة من بعض الأخطاء ويجب أن يكون ما حدث درساً لاتخاذ إجراءات جديدة وواقعية لحل الكثير من الإشكالات وخاصة أسعار الوقود كما يجب على المواطن فهم الواقع العالمي الجديد وما سيترتب عليه من تغيرات غير سارة لنا جميعاً.
هذا الوضع يتطلب تعاونا شعبيا برلمانيا حكوميا لتجاوز الصعوبات في الفترة القادمة كما يتطلب من الحكومة إشراك فئات مجتمعية في اتخاذ القرارات الاقتصادية والعودة الى خبراء في هذا المجال.
إن إرضاء الجميع غير ممكن ولكن الشفافية في طرح القرارات والصدق في أداء الالتزامات من الحكومة أمر ضروري جداً ويجب وضع
خطة واضحة وخارطة طريق واقعية عن كيفية التوفير في استخدام الطاقة والبحث عن مصادر بأسعار مقبولة وزيادة الاعتماد على الطاقة البديلة وتوفير الدعم المادي الحكومي لها وفتح آفاق للاستثمار وجلب المستثمرين بأساليب مشجعة وبتعاون كافة المؤسسات والابتعاد عن البيروقراطية والتصرفات السلبية من البعض مع المستثمرين مما أدى الى نفور بعضهم وفتح المجال لشركات عملاقة للاستثمار في الصناعة والزراعة في بلدنا ومنحها تسهيلات في الحصول على امتيازات خاصة لهذا الشأن ، كما يجب تطوير قطاع السياحة وهذا يتطلب جهدا حكوميا ومجتمعيا لتقديم خدمات مميزة للسياح وبأسعار منافسة ، فالأردن يعتبر من أغلى دول المنطقة في تقديم الخدمات السياحية ، فكل هذه الواجبات ضرورية للنهوض بالبلد من الصعوبات في هذه المرحلة .
ويجب الثقة بقدرات الشعب الأردني وامكانياته فنحن بلد 25% من مواطنيه تحت سن 18 سنة وهذا مكسب عظيم إننا وطن الشباب وهنا يجب التركيز ومنح الشباب إمكانيات وصلاحيات واشراكهم في اتخاذ القرارات.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-12-2022 09:00 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |