20-12-2022 08:31 AM
سرايا - أكد خبراء وحقوقيون، أن حرية التعبير والمشاركة في التجمع السلمي للأحداث أو الأطفال، هي من ضمن الحقوق الأساسية التي نصت عليها المواثيق الدولية، وقانون حقوق الطفل الأردني رقم (17) لسنة 2022، وعليها مراعاة مصلحة الطفل بما يتناسب مع سن ونضج الطفل أو الحدث، مترافقة مع حق توفير حماية رسمية للتجمعات، كما تتسع تلك الحقوق أيضا إلى حرية وحق تشكيل الجمعيات.
وحول كيف يفرق الطفل بين حقه في التعبير والمشاركة في التجمعات السلمية والتخريب، أكد خبراء ان هذه مسؤولية مشتركة بين المنزل والمدرسة والتوعية بالحقوق والمشاركة بالتجمعات وإبداء الرأي، والتخريب، مشيرين الى ان من الشروط الواجب اتباعها، ان يكون التجمع سلميا، وعدم اشراك الاطفال في اعمال تخدش طفولتهم كأعمال التخريب وغيرها.
ولفتوا الى انه في سياق أحداث، تشهد تجمعات سلمية معرضة لأن تفقد طابعها السلمي أو تحتمل خطورة ذلك، تبقى مصلحة الطفل هي الفضلى، وفق المبدأ العام لحقوق الطفل الذي ما يزال جدليا تقديريا، بالرغم من أن مشاركة الأحداث أو الاطفال في هذه الحالة، تبقى حقا قائما.
وفيما تساءلوا “هل يصبح حرمان الطفل من المشاركة في التجمعات السلمية ضرورة في حالات الخطر المحتمل؟”، معتبرين “أن النقطة الحاسمة هنا، تتعلق بشرط آخر، وهو توفير الدولة وسائل الحماية للتجمعات السلمية، بل وتخصيص مساحات لها، وتهيئة الظروف الملائمة لذلك، وأي خروج للتجمعات السلمية عن مسارها، فحماية المشاركين يقع على عاتقها”.
وتكفل اتفاقية حقوق الطفل الأممية التي صادق عليها الأردن في بنودها 13 و14 و15 حرية التعبير السلمي للأطفال وتكوين الجمعيات، بينما كفل قانون حقوق الطفل الأردني في المادة (7) حرية التعبير السلمي، بما يتفق مع النظام والآداب العامة والتشريعات النافذة.
ويقول عميد كلية الحقوق في جامعة البترا الدكتور علي الدباس، إن المواثيق الدولية كفلت للأطفال أو للأحداث الحق في التعبير عن الرأي، وفي مقدمتها المادة (13/ 1) من اتفاقية حقوق الطفل، التي تنص على أن “يكون للطفل الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو بأي وسيلة أخرى يختارها الطفل”.
كما أوردت المادة (15) من الاتفاقية الدولية أيضا وفقا للدباس، حق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات صراحة، إذ نصت على أن “تعترف الدول الأطراف بحقوق الطفل في حرية تكوين الجمعيات وفي حرية الاجتماع السلمي”.
كما أكدت المادة (15) ذاتها في البند (2) بحسب الدباس، على أنه “لا يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأي قيود غير القيود المفروضة طبقا للقانون، والتي تقتضيها الضرورة في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم”.
وفي سياق التساؤلات الحقوقية حول حدود تلك المشاركات أو قيودها وفقا لمصلحة الطفل الفضلى، يوضح الدباس، وهو خبير حقوقي أيضا بأن الاتفاقية الدولية، أباحت فرض بعض القيود كاستثناء على الحق، وفي حالات محدودة “تقتضيها الضرورة”، مثل صيانة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة، أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم، شريطة أن يكون ذلك في مجتمع “ديمقراطي” كما تشدد الاتفاقية.
ويعتقد الدباس، بأن قانون حقوق الطفل الأردني كان عليه أن ينص على حق حرية التجمع السلمي للأطفال، بما يتوافق مع الاتفاقية الدولية الملزمة للدول المصادقة عليها.
وفي سياق أحداث تشهد تجمعات سلمية معرضة لأن تفقد طابعها السلمي، أو تحتمل خطورة ذلك، وإذا كان مشاركة الأحداث أو الاطفال في هذه الحالة تبقى حقا قائما، يقول الدباس إن هناك مبدأ عاما في قضايا حقوق الطفل وهو مراعاة مصلحة الطفل الفضلى، مشيرا إلى أن هذا المبدأ هو من القضايا الجدلية التقديرية.
وتساءل “هل يصبح حرمان الطفل من المشاركة في التجمعات السلمية، ضرورة في حالات الخطر المحتمل؟”، معتبرا “أن النقطة الحاسمة هنا تتعلق بشرط آخر، وهو توفير الدولة وسائل الحماية للتجمعات السلمية، بل وتخصيص مساحات لها وتهيئة الظروف الملائمة لذلك، وأي خروج للتجمعات السلمية عن مسارها، فحماية المشاركين يقع على عاتقها”.
واستشهد الدباس بدولة ماليزيا التي حرمت الأطفال من المشاركة في المسيرات السلمية في قوانينها، لكن ذلك قوبل بالاحتجاج من المقرر الخاص لحرية التعبير في الأمم المتحدة، استنادا على واجب الدولة تقديم الظروف الملائمة للتجمعات كحق أصيل.
وتلجأ دول أخرى بفرض مزيد من النصوص “المنظمة لهذا الحق” وفقا للدباس، كما هو الحال في فنلندا التي نصت قوانينها على إمكانية مشاركة الأطفال في التجمعات العامة، بمرافقة الكبار، مشروطا بمحافظة الدولة على السلامة العامة، وتوفير الأمن بنصوص واضحة.
كما تبنى الاتحاد الأوروبي في العام 2010 توجيهات بهذا الشأن، بينها نص حماية التجمعات السلمية مع إدراج إضافة خاصة بحسب الدباس، تتعلق “بوجوب حماية المشاركين من أي مجموعات مخربين أو محرضين”.
ولا يعفي ما سبق، مسؤولة أهالي الأحداث أو الأسرة من تحمل مسؤولياتها بحماية الأطفال من خطورة المشاركة في أي تجمعات سلمية، بخاصة إذا كانت الدولة “عاجزة” عن توفير الحماية للتعبير السلمي، وفق الدباس.
وقال إن “حماية الأطفال من المشاركة بأي تجمعات قد تعرضهم للخطر، واجب ومسؤولية، بخاصة وأن تعرض الأطفال لأي أعمال عنف في أي تجمعات، قد يرتب عليه تبعات نفسية يصعب علاجها مستقبلا، بينها الامتناع عن التعبير، وقد تكون أخطر من الإيذاء الجسدي”، مستشهدا بالمادة (21/ أ) من قانون حقوق الطفل التي تنص على أنه “يحظر تعريض الطفل للعنف وإساءة المعاملة والاستغلال”، لافتا إلى “أن ذلك قد يندرج في باب الإهمال”.
ونبّه الدباس إلى ضرورة مراعاة معيار آخر في حرية التعبير والتجمع السلميين للأطفال، وهو “النضج”، قائلا “صحيح أن تعريف الأطفال أو الأحداث هو كل من لم يتم الـ18 عاما، لكن لا بد أن ننتبه إلى أن حق الطفل في التعبير أو غيره، يجب أن يتوافق مع نضجه، إذ يتوجب الأخذ بآراء الأطفال وفقا لمعياري النضج والسن معا، وبأن يكون قادرا على التعبير والمشاركة، لأن السن ليس معيارا وحيدا ومطلقا”.
أما في مسألة حث الأطفال على المشاركة بالتحريض أو إطلاق دعوات كراهية، فقال “إن هذه القضايا مجرمة للبالغين، فهي محظورة حكما للأطفال الأحداث”، مضيفا إن “الحث على التحريض، أكان للكبار أو للصغار جرم مضاعف، ويؤدي أيضا لتنشئة جيل على الحقد والكراهية”.
ويذهب الخبير الحقوقي كمال المشرقي، للتأكيد على منظومة حقوق الإنسان الدولية في بناء الفكر الديمقراطي، وتأصيل مفهوم المواطنة الصالحة بثوابت صلبة عبر الممارسات لأفراد المجتمع، ومن منطلق تكاملية الحقوق والحريات دون أن تكون قابلة للتجزئة.
وأشار إلى أن التشريعات الوطنية، راعت من جانبها على الحق في التجمع السلمي وأدوات تطبيقها، في مقدمتها الدستور في المادة (16) منه، ونصت على الحق في التجمع السلمي، فيما أعطي للقانون تنظيم هذا الحق في قانون الاجتماعات العامة لسنة 2004، إلى جانب تعليمات تنظيم الاجتماعات العامة والمسيرات لسنة 2011.
وتنسحب ضوابط المشاركة في التجمعات السلمية، على أي مشارك وفقا للمشرقي، قائلا، إن “التعليمات أدرجت مبدأ تحت طائلة المسؤولية القانونية عدم استخدام أي شعارات أو هتافات أو رسومات أو صور أو رموز، تمس سيادة الدولة أو الوحدة الوطنية أو الأمن والنظام العام، وكذلك عدم عرقلة حركة السير أثناء المسيرات وعدم التعرض للمنشآت العامة والخاصة، وعدم السماح لأي كان بالإخلال بالأمن أو النظام داخل أماكن الاجتماعات”.
وأوضح المشرقي، أن التطور الذي طرأ على تعديلات قانون الاجتماعات العامة، من حيث اعتماد الإخطار أو الإشعار الخطي، بدلا من الموافقة المسبقة، شكّل نقلة نوعية في ضمان التمتع بالحق في التجمع السلمي، ولم يعط القانون لأي جهة بالمنع المسبق لأي تجمعات سلمية.
كما وأعطى القانون الحق بفض الاجتماع، إذا تبين بأن مجرياته قد تؤدي لتعريض الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة للخطر أو المس بالسلامة العامة، بالتالي وضع المسوغ لحماية الأفراد في التجمع السلمي، وتسهيل نشاطهم والقيام بخطوات تنظيمية لإعمال الحق.
وبيّن المشرقي، أن القضاء المدني والدستوري في المملكة، قد حسم الجدلية المتصلة بمفهوم سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية من ناحية التطبيق، إذ تضمنت التشريعات الوطنية هذا الحق، لكن مسألة التطبيق هي التي تحتاج لبيان وتوضيح، والأكثر من ناحية مشاركة الأطفال بالتعبير عن رأيهم والمشاركة في التجمع السلمي بشكل مفصّل.
ويقول المشرقي “تبقى النظرة المجتمعية في منهجية الفكر في التربية والتوعية والتثقيف بتوسيع مشاركة الأطفال، وممارسة حقهم في التعبير عن الرأي والمشاركة في التجمع السلمي، وهذا أصلا ما أكدته اتفاقية حقوق الطفل في المادة (15) منها، والتي لم يحفظ عليها من الأردن، ما يعني أن مبدأ المشروعية واضح من ناحية الاعتراف بحق الأطفال في التجمعات السلمية، مع التأكيد على محدودية القيود، بل وفي أضيق الحدود ضمن مجتمع ديمقراطي كحالة أصيلة.
وأكد المشرقي، عدم جوازية التوسع في القيود، بل يعتبر ضمان عدم الوصول الى مرحلة الاستثناءات أساسيا وهو من الأصل.
ويتمسك المشرقي، بأهمية تطبيق كل أساليب التوعية والتثقيف بهذه الحقوق لهذه الفئة من مراحل التنشئة المختلفة، وقال “هي مسؤولية مشتركة بين كافة الجهات المسؤولة عن تنشئة الطفل، وتوفير البيئة المناسبة للتحرر من الخوف والفقر والعوز، وخصوصا من جانب استخدام الأدوات السليمة والصحية في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، وهي تبدأ من توفير برامج متخصصة لتعليم الأطفال وتدريبهم في المدارس وفي الأنشطة المجتمعية، لضمان قيامهم بالدور المنشود وبالطريقة التي تضمن احترام القانون والتشريعات النافذة، عدا عن أهمية توظيف الخطابين الإعلامي والديني في بناء وصقل شخصية الطفل، بما يكتسبه من معارف ومهارات تساهم في بناء مجتمع بكامله”.
ويعتبر أن توسيع دائرة الوعي والثقافة في التعامل مع أهمية مشاركة الأطفال في ممارسة حقهم بالتجمع السلمي هي بالدرجة الأولى، تطبيق لمفهوم حماية القانون لهذه الحق والتوازن في التطبيق، ما يؤدي لحماية حقوق الآخرين، وعدم تعرضهم لأي عرقلة في حركة سيرهم وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ النظام العام.
وفي هذا السياق أيضا، دعا المشرقي لضرورة توعية كوادر الأمن العام بـ”أعمال هذا الحق للأطفال” عبر رفع مستوى جاهزيتها لخصوصية مشاركة هذه الفئات وبشكل مستدام، يحاكي معايير التجمع السلمي وحقوق الإنسان وحقوق الطفل، بالإضافة إلى المهارات الأساسية في التعامل مع الأطفال، عدا عن استخدام الطرق السلمية في فض التجمعات، وكذلك أساليب التفاوض ومنع حالات العنف.
أما شأن استغلال الأطفال في دعوات التحريض على العنف خلال ممارسة هذه الحقوق، فيقول المشرقي، إن توفير تلك الضمانات بأعمال الحق في التجمع السلمي وحرية الرأي، والتعبير كجزء من مبدأ النماء للطفل، فإن المسؤولية تكون أشد في حال كون الأطفال طرفا في معادلة الحقوق والحريات، مشيرا إلى تحمّل المسؤولية القانونية على كل من يستغل الأطفال لأي أضرار قد تنشأ وتمس الآخرين، والعودة لأحكام القانون بالفعل الضار.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-12-2022 08:31 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |