حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3769

الملتقى النقدي لبيت الشعر - المفرق يقرأ المكان في القصيدة الأردنية

الملتقى النقدي لبيت الشعر - المفرق يقرأ المكان في القصيدة الأردنية

الملتقى النقدي لبيت الشعر - المفرق يقرأ المكان في القصيدة الأردنية

21-12-2022 08:12 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - تواصل ملتقى النقد الأدبي الثاني «البناء الفني في الشعر الأردني المعاصر»، الذي يقيمه بيت الشعر بالمفرق بالتعاون مع كليّة الآداب في الجامعة الأردنيّة، بمناقشة محوره الثاني المتعلق بالمكان وتجلياته في عدد من النماذج الشعريّة.

وفي الندوة التي أدارها د.عبد الحليم الهروط، تحدث كلٌّ من د.حسن المجالي حول الوطن في قصيدة «منازل أهلي» للشاعر حبيب الزيودي، ود.إبراهيم الدهون عن الطبيعة في شعر حبيب الزيودي ونبيلة الخطيب، ود.صفاء الشريدة حول المدينة في شعر حيدر محمود، ود.حنين أبداح حول المكان المجازي في شعر حبيب الزيودي.

وانطلق المجالي من أنّ حبيب الزيودي من أكثر الشعراء الأردنيين التصاقاً بالمكان؛ فحضور المكان في تجربته لم يكن حضوراً سطحياً عابراً بقدر ما كان حضوراً عميقاً يفيض حيوية وفعالية، فهو حاضر بكل محمولاته الاجتماعية والثقافية والفنية الجمالية وبكل ما ارتبط به من ذكريات يرجع إلى حضنها الشاعر في لحظات الوجد والحنين.

وبيّن المجالي أنّ المكان الفيزيائي في الدرس النقدي لا قيمة له في النص الشعري إن لم يتعالق معه وفيه عبر شبكة معقدة من العلاقات الشعرية النفسية التي تتدخل في بناء الصورة وتساير الحالة الشعورية للذات الشاعرة.

وقال المجالي إنّ حضور المكان يبدو طاغياً في قصيدته «منازل أهلي»، إذ يقود القول الشعري نحو فضاءات تعبيرية عالية رغم بساطة اللغة وبراءتها من ألعاب المجاز، إلا أنها غارقة في ماء الشعر، ففي عنوان القصيدة علامات تحيل إلى دلالات معجمية ومرجعية وسياقية، فكلمة «منازل» تحيل إلى أمكنة النزول والسكنى وهي الدلالة المباشرة، ومرجعياً تحيل إلى قرية الشاعر تحديدا، في حين أنّ لها ظلالاً تذكر بالمتنبي وبيته الشهير «لك يا منازل في القلوب منازل/ أقفرتِ أنت وهنّ منك أواهلُ».

وقال المجالي إنّ قراءة أعمق لكلمة «منازل» تحيل إلى النزول بمعناه المجازي إلى عمق الذات وإلى نواتها وكتلتها الصلبة التي تعني الهوية والذات بأخصّ ما فيها من الذكريات والصور والرؤى والأحلام والمخاوف.. أما استهلال القصيدة فاكتفى المجالي بالإشارة إلى مسألتين تتصلان به: الأولى مفردة الاستهلال «كلما» التي تجعل من دندنة العود فعلاً مرشحاً للتكرار والدوام، وهو ما يكشف أنّ الرجوع إلى منازل الأهل رجوع متكرر على خلفية الإنصات لدندنة العود، أما الثانية فتضعيف الفعل في مشهد الاستهلال (رجّع، تحوّم) قبل أن يبدأ تكوّن المشهد المدهش «أبي في المضافة». إذ ينطلق خيال الشاعر لخلق مشهد يعجّ بالحياة، حيث الصوت والحركة والرائحة (العبق) واللون الذي يراه الشاعر ويعيشه في لحظة الحلم.

ورأى المجالي أنّ أبرز ما في القصيدة تلك الثنائيات الضدية التي فجّرت ممكنات اللغة وعمقت دلالاتها وعبرت عن قلق الشاعر، من مثل (الحلم والصحو/ الماضي والحاضر/ الحياة والموت...)، وهي التي صنعت المفارقة وأنتجت فضاءات من الشعرية العالية التي وضعت الزيودي في مصاف شعرائنا الكبار.

ورأت د.حنين أبداح أنّ الزيودي أحد الشعراء الذين شكّلوا المكان بفعل خيالهم الشعري، كما هو حال المبدع الذي ما انفك يحاول نقل المكان من مفهومه الهندسي إلى العمل الفني، مستخدما أسلوب الانزياح باللغة عن دلالتها المألوفة، لينقلنا المكان من المألوف بمحسوساته المادية إلى عالم من المجاز.

ورأت أنّ المكان بحقيقته ومجازه لم يكن عند الزيودي مجرد خلفية مشهدية، أو قطعة ديكور تملأ الفراغ بعد بناء القصيدة، فكانت قصيدة «منازل أهلي» كائنا حيّا، تكاملت فيه العناصر كلها، وتعاضدت فيه الأشخاص والأحداث والأزمنة والأمكنة معا، بشكل مترابط الجزيئات والتفاصيل، حيث نمت القصيدة نموا طبيعيّا من بدايتها حتى نهايتها.

وقالت إنّ قدرة الشاعر في هذه القصيدة تجلّت في توظيف المكان المجازي والحقيقي على حد سواء، وربطه بل وتداخله بالشخصيات والأحداث والإيديولوجيا، حيث وفق الشاعر في الربط والتماهي والتداخل بينها، ليؤكد العلاقات والتشابك بينها لتسيير المشهد السردي في القصيدة، فخرج بهذا عن النمط التقليدي للقصيدة الشعرية الحديثة في ترتيب الأحداث وتسلسلها مكانيّا؛ لغايات تتمثل في: التركيز على الأحداث، وجعلها بؤرة الاهتمام.

ورأت أبداح أنّ قصيدة «منازل أهلي» لمعت فيها أهمية الشخوص وتداخلها مع المكان، إذ ظهرت العلاقة الحميمة بين المكان والشاعر وأبيه وضيوفه الذين يتحركون في الإطار المكاني، فاستطاع الشاعر أن يجعل لشخوص قصيدته وظائف تتحرك من خلالها، فالمكان كفيل بأن يوجه السرد إلى تنسيق الأحداث.

وتناولت د.صفاء الشريدة «المكان» عند الشاعر حيدر محمود، مفرّقةً بين المكان العادي والمكان الذي يفجّر قضيّةً لدى الشاعر، إذ كان يتّحد معه أو يتمرّد عليه، فلم يكن المكان فقط للذكرى بل كان قضيّةً اهتمّ بها الشاعر حيدر محمود.

وساقت الشريدة العديد من المدن التي ظهرت لدى الشاعر، من مثل القدس وعمان، ففي قصائده كان حيدر محمود يأتي كثيرا بالجملة الاسميّة كجملة حرّة.

وتحدثت الشريدة أيضًا حول عمان بكلّ معانيها كمكان عند الشاعر، وجرش كذلك، وغير ذلك من المدن.

ورأت أنّ فكرة النفي وطول الانتظار مفردات شكّلت هاجسا عند حيدر محمود، إذ كان يبحث عن المدينة، كما في بحثه عن عمان، وقلقه من المنافي وهو يصارع أو يجذّف بما في هذه الأفعال من دلالة.

وتحدث د.إبراهيم الدهون حول تجربتَي الشاعرين حبيب الزيودي ونبيلة الخطيب، دارسا سيميائيّات الطبيعة لديهما، مبيّنا أنّ الزيودي عاش الطبيعة في البيئة العالوكيّة، كفطرة على سجيّتها، مبتعدا عن التصنّع والتكلّف، فظلّ منسجما ومندغما معها، كما في ديوان «منازل أهلي»، أمّا الشاعرة الخطيب فظلّت قرية الباذان الريفية البسيطة تعيش في جنباتها، حيث دلالات الطبيعة في ديوان «من أين أبدأ».

ورأى الدهون أنّ دراسته تبيّنت مقاصد التجربتين ومعانيهما، متناولًا سيميائيّة الطبيعة المتحرّكة عند الشاعر الزيودي في «نشيد الشنفرى»، وتمظهر الطبيعة والخيل المتحرّكة والاندفاع والعنفوان والعزّة، وهو ما يحمل إشارةً في الارتقاء والتفوق ومقارنة حصان الشاعر بالخيول الأخرى سبقًا ومنزلة، فأخذ مظايا التقدّم والتفرّد والإقدام وكانت الطبيعة عنده وعاءً للمشاعر والأحاسيس والأفكار.

وقال الدهون إنّ الشاعرة الخطيب حملت صورة الطبيعة في جانب الخيل لتتقاطع مع الزيودي، فقد كانت عناية الخطيب بالمظهر ترنو إلى تقديم اللغة العربية على صهوة العاديات مثلًا، مستخدمةً «الضبح»، في محاورة لطيفة تعاملت خلالها مع هذه الطبيعة المتحركة، حيث قيمة الخيل في الزمن الماضي قيمة مرتبطة بالفروسيّة وتستدعي العاديات ضبحا لتضفي معاني الإيقاع ورمزية اللغة العربية، فهي تمزج نصّها بالنصّ القرآني في تناغم واضح. وقال الدهون إنّ قصيدة «عاشق الزنبق» للشاعرة الخطيب تحمل بعض هذه الظواهر، كشاعرة تتحدث عن نفسها، متناولا سيمياء الزهر والريح كشيفرة لتفتّق الدلالات والمعاني.

ويختتم الملتقى في العاشرة من صباح اليوم بقراءة محور «التشكيلات السردية في الشعر الأردني المعاصر في ضوء علم لغة النص»، بمشاركة د.ليندا عبيد التي تقدم ورقة بعنوان «المشهدية السردية والتجديد الفني في الشعر الأردني المعاصر» متخذة من ديوان «امرأة حجرية» للشاعر مهدي نصير أنموذجا؛ ود.عطالله الحجايا الذي يتناول السرد القصصي المتكئ على الميثولوجيا الإنسانية في الشعر الأردني المعاصر، ود.ريحان المساعيد الذي يدرس الأبعاد الفنية للسرد المتكئ على التاريخ الديني، مقدما تجربة عبدالله أبو شميس الشعرية في كتاب «المسميات» نموذجا.

 








طباعة
  • المشاهدات: 3769

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم