بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
أحد أصدقائي يعمل في ولاية براندنبورغ الألمانية وبالتحديد في شركة الكهرباء وهو مدير لقسم الطاقة البديلة لهذه الشركة وبالحديث معه بدأ اهتمامي بمصادر الطاقة المتجددة وخاصة للصعوبات العالمية في مجال الطاقة في الوقت الحاضر ، فإمكانية تزويد العالم بالبترول والغاز محدودة الى جانب الأسعار المرتفعة جداً والناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية ،فارتفاع سعر الطاقة أدى الى ارتفاع تكاليف النقل بكافة اشكاله مما رفع أسعار السلع وخاصة المواد الغذائية وهذا يهدد بموجات من الجوع في الكثير من الدول المتواضعة الدخل وقد يؤدي هذا الوضع الى اضطرابات سياسية واحتجاجات جماهرية ستكون نتائجها الأولى عدم الاستقرار السياسي.


صناعة الهيدروجين تتم عبر عملية تحليل المياه كهربائياً الى عنصر الهيدروجين والاكسجين وبعد دمج هذه العناصر يتم توليد طاقة وتخزينها واستعمالها لإنتاج الكهرباء ولكن عملية التحليل الكهربائي للماء تحتاج طاقة وهنا يمكن استعمال الغاز او البترول اوالفحم ويتم انتاج الهيدروجين السكني الأزرق او الجنزاري ولكن لهذه الطرق سيئات ،فاستخدام الطاقة التقليدية لا يخرج العالم من المأزق الحالي الى جانب انتاج ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة مما يؤدي الى عدم الاستغناء عن مصادر الطاقة القديمة لذلك يتم استعمال الطاقة المولدة شمسياً أو عبر الرياح وطرق أخرى محافظة على البيئة في عملية التحليل الكهربائي وإعادة الدمج لإنتاج الطاقة ويسمى الهيدروجين المصنع بهذه الطريقة بالهيدروجين الأخضرومن مخلفات هذه العملية انتاج الماء والامونياك الذي سيتم استخدامه في صناعة السماد وفائض من الماء النقي.


الى جانب انتاج الكهرباء سيتم استخدام الهيدروجين الأخضر في مجالات متعددة فمثلاً يمكن تحويل الهيدروجين الى سائل عبر ضغطه الى درجة حرارة 230 تحت الصفر واستعماله كوقود في الطائرات حيث تحتاج طائرة عملاقة 400 كغم من هذا السائل للسفر من أوروبا الى أمريكا، كما سيتم استخدامه في تسيير الشاحنات والقطارات، وفي الوقت الحاضر يجري تشغيل سيارات عادية بالهيدروجين الأخضر في دول متعددة كتجربة وهي المانيا اليابان كوريا الجنوبية وامريكا وكندا.


ستكون صناعة السيارات المسيرة بالهيدروجين الأخضر منافس قوي للسيارات التقليدية والكهربائية، فتزويد هذه السيارات بالهيدروجين يحتاج الى دقائق قليلة مقابل عملية شحن البطاريات طويلة الأمد كما ان المسافات التي سيتم قطعها بكمية الهيدروجين السائل أبعد من السيارات التقليدية مما سيجعل استخدام الشاحنات والقطارات أسهل وأقل تكلفة فكيلو غرام من الهيدروجين السائل يساوي 2.7 كيلو غرام من الديزل أي أن السعر سيكون أرخص بمرتين.


إن ادخال هذه الصناعة في المنطقة العربية وافريقيا سيكون له آفاق نجاح كبيرة وذلك لإمكانية توليد الطاقة البديلة خلال العام دون انقطاع ولكن هذا يتطلب تطوير البنية التحتية لإنتاج الطاقة البديلة وتوصيلها الى مصانع الهيدروجين الأخضر.


لذلك يجب علينا المبادرة في دراسة مشاريع جديدة في هذا الاتجاه وتسهيل عملية الاستثمار به بل ودعمه.
فالهيدروجين الأخضر سيغير معادلة الطاقة في العالم وسيؤدي خلال الثلاثين سنة القادمة الى إمكانية التخلي عن البترول والغاز وبأسعار أقل، كما ان الماء متوفر في معظم دول العالم كمادة خام لصناعة الهيدروجين الأخضر.