26-12-2022 08:16 AM
بقلم : د.محمد الزبيدي
يقال ان المقصود بالأغلبية الصامتة ، هو مصطلح سياسي مستحدث اكتسب أهمية وزخما كبيرا في الفضاء السياسي ، ويقال ، انه اغلبية الشعب العازفة عن السياسة بأشكالها كافة ، ومنهم من حصره بقطاع من الشعب يتجاهل كل نداءات الانخراط في الاحزاب أو المشاركة في الحياة السياسية ، والبعض الآخر، يراهم بانهم هم الجالسون الذين يراقبون شاشات التلفزيون يوميا ومتابعين ما تبثه من شجار سياسي وشو انفعالي ، وبرامج اخبارية وتحليلات عشوائية، ، لذا كنا نعتقد بانهم اغلبية المجتمع في اي دولة ، لا يتدخلون في الشأن العام في دولتهم مهما كانت الاحداث ، أو في أي أمر جوهري يتعلق في معيشتهم اليومية ، لكن عندما قال معالي الدكتور جواد عناني ، بانه من الخطأ القول، الاغلبية الصامتة لأنك عندها تتحدث عن الأموات ، فعندما راجعت معظم معاجم اللغة العربية ، فوجدت انها تعرف الصامت ، بانه الساكن غير الناطق ، فمن هو الإنسان الساكن غير الناطق الا الميت .
وحيث ان هدف اي دولة هو الرقي بالإنسان، فمن أركان اي دولة ؛ هو الشعب ، فلتنظيم أموره لابد من سلطة ، تتمثل بالحكومة ، ولطبيعة تنظيم المجتمع لابد من آلية معينة ، تختلف من دولة الى دولة اخرى او من فئة لفئة اخرى ، فهنا تبرز ما يسمى بالمعارضة اي معارضة سياسة الحكومات في آلية الادارة كأصل عام ، فتجد السلطة لها آلية معينة لخدمة المجتمع وتجد المعارضة لها افكار اخرى لخدمة المجتمع ، وكلاهما يدعي انه الأفضل، لتبرز مقولة ” يكفي للحق مفخرة بأن الكل يدعيه ” ، وكلاهما له مبادئه ومخططاته ، ضمن الاطار الديمقراطي ، لتوفير الأفضل للمجتمع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وهذا من مسلمات الامور ، فتجد كل طرف يسعى لإبراز فشل وعجز الطرف الآخر عن تحقيق أهدافه أو التشكيك فيها ، لإقناع الأكثرية للوصول لرئاسة الحكومة من خلال الآليات الدستورية والقانونية ، فوجود المعارضة أمرا ضروري لا يستغنى عنه خوفا من تعسف السلطة ، فالهدف هو الاختلاف بالرأي ضمن الحوار الهادف بعيدا عن الخلاف ، اما آلية المعارضة فتختلف من مجتمع لآخر، فتجد بعض المعارضة مصنعة ومزيفة فتكون اراءها غير مقنعة ، حتى وجودها اصلا ، وهي تتزلف للحكومات من وقت لآخر، وهناك معارضة موجودة فقط بقصد المعارضة ليس لها أهداف غير اشعار وجودها ، وهناك معارضة مأجورة ليس لها هدف سوى الإساءة وهي تتفاعل مع جميع الاحداث بسبب أو بدون سبب مقنع ، الهدف هو فقط الإساءة لرأس السلطة وتجييش المجتمع وبالنهاية تكون الاثار وخيمة على بعض الافراد ، وهي بالنهاية ليست لها علاقة بالأثار، اما المعارضة الخارجية أو كما تسمي نفسها معارضة ليس لها هدف سوى الإساءة لأفراد النظام وتدخل في أمور لا تفيد المجتمع، ليس لهم هدف سوى الشهرة وكسب المال والإضرار بالمجتمع ، وهناك معارضة ليست موجودة اصلا، لكن زج بأفراد فيها بقصد الإساءة لهم من بعض المتنفذين بخصوص أراء خاصة فيهم ، اي ما يسمى باغتيال الشخصيات ، لأن وجودهم يثبت عجز بعض افراد الحكومة.
وعند حصر جميع أفراد الحكومة والمعارضة، تجد نسبة ضئيلة بالمقارنة بأغلبية أفراد المجتمع لا تتجاوز ٥ % منهم.
لذا وحسب وجهة نظري فإنه من الأصوب ان نسميها ( اغلبية المجتمع المراقب ) بدلا من ( الاغلبية الصامتة ) ، لانهم يمارسون حياتهم الطبيعية وبنفس الوقت مراقبين ومطلعين على كل الاحداث عن كثب ، ويتأثرون حتى بالإشاعات، لانهم يبحثون عن الأفضل لهم ولحياة أبنائهم ، ويخافون من المجهول ، ويتأملون ان تكون حكوماتهم قادرة على تلبية مطالبهم اجتماعيا ، وعدم الاستهتار بالمال العام ، مطالبين بعدم الاكثار من الامتيازات الخاصة ، كونها خروجا عن مبدأ المساواة بين افراد المجتمع وهي كثيرة ، وكمثال امتياز قبول ابناء العاملين بالجامعات، التي اخذت ثلثي مقاعد تخصص الطب في الجامعات الحكومية تقريبا كونها دراسة مجانية، وهناك اكبر مشكلة وتحدي تواجه القطاع العام وهي الرواتب الفلكية المرتفعة للعاملين في القطاع الحكومي والهيئات المستقلة وما يتبعها من مكافأة نهاية الخدمة ،وكذلك المدرسين والعاملين في الجامعات ، بالمقابل تجد بعض موظفي القطاع العام كالبلديات تنتهي خدماتهم دون مكافأة نهاية الخدمة نهائيا ، فارتفاع الرواتب أرهق الميزانية وادى الى عجز بعض المؤسسات ، فهل يعقل ان تصل بعض مكافاة نهاية الخدمة لبعض المدرسين الى ثلاثمائة الف دينار أردني او اكثر ! ، فكان على الدولة عند الحديث عن تطوير القطاع العام ، النظر بإعادة هيكلة الرواتب على مستوى الدولة ، من خلال قرار سيادي لتحديد سقف أعلى وأدنى للرواتب ، كونها تسمى معاشات وليست تجارة ، وذلك بما تمر به الدولة من ظروف صعبة ، وهذا ما شاهدنا فD بعض رواتب متقاعدي الضمان الاجتماعي الفلكية، التي يجب أن تحدد بسقف أعلى، لان مصلحة الدولة هي مصلحة المجتمع بشكل عام ، فمن أراد الاغتناء والتكسب فعليه الاتجاه إلى القطاع الخاص ، ان تحديد الدولة وهيكلة الرواتب باثر رجعي سيصب في مصلحة الدولة ويخفف البطالة كون ان الوظائف في بعض القطاعات أصبحت وراثية ، وهذا ما جعل اغلب أفراد المجتمع يبحثون عن التوظيف بدلا من التشغيل، وهناك مشكلة أدت الى زيادة البطالة وهي ان اغلب المتقاعدين العسكريين والمدنيين بعد حصولهم على التقاعد ، يتنقلون إلى وظائف اخرى بالقطاع العام ، محاربين تطلعات الشباب وخاصة في الوزارات والجامعات الحكومية والهيئات الحكومية، أليس من الأفضل والانسب على المتقاعدين العمل بالقطاع الخاص بدلا من مزاحمة الشباب ؟
ونتمنى اذا وجدت معارضة فعلا، ضمن الاطر الدستورية والقانونية، طرح الحلول في كل أمر يتعلق بالمجتمع ، علما ان اغلبية المجتمع تعي المشاكل وتنتظر الحلول ، ولو كانت لا ترضي البعض .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-12-2022 08:16 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |