28-12-2022 08:40 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
صدر في الجريدة الرسمية مؤخرًا نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي رقم (68) لسنة 2022، الذي أقره مجلس الوزراء تنفيذا لأحكام المادة (20) من قانون الأحزاب السياسية رقم (4) لسنة 2022، والتي تنص على أنه «يحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب ممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم، على أن يصدر نظام خاص ينظم هذه الأنشطة».
وتأتي هذه الخطوة التشريعية غير المسبوقة بهدف تطبيق النصوص الدستورية المستحدثة في عام 2022، والتي تلزم الدولة بتمكين الشباب من المساهمة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنمية قدراتهم ودعم إبداعاتهم وابتكاراتهم. فالقوانين السياسية التي جرى إقرارها في عام 2022 قد تم توجيهها لفئة الشباب، وذلك بهدف تعزيز مشاركتهم وإتاحة المجال أمامهم بأن يتقدموا الصفوف في إدارة الشؤون العامة للدولة. فقانون الانتخاب الجديد قد ضمن للشباب حضورا لافتا في القائمة الانتخابية الحزبية على مستوى الوطن، في حين اشترط قانون الأحزاب السياسية تواجدهم في الحزب بنسبة لا تقل عن (20%) من المؤسسين، وهي النسبة ذاتها التي تقررت للمرأة، والتي حتما سيتسع نطاق تطبيقها ليشمل الأردنيات من فئة الشباب.
ويبقى اللافت للنظر فيما يخص النظام الجديد الذي توشح بالإرادة الملكية السامية أن الحكومة قد عمدت إلى تأخير العمل به ودخوله حيز النفاذ لمدة ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وهذه المدة الزمنية أقل ما يمكن القول عنها بأنها طويلة نسبيا، خاصة إذا ما جرى قياسها مع تاريخ دخول قانون الأحزاب السياسية الجديد حيز النفاذ، وذلك في منتصف شهر أيار من العام الحالي.
وقد يكون التبرير الحكومي لتأخير نفاذ النظام هو السماح لإدارات الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بأن ترفع من جاهزيتها الفنية والمؤسساتية لاستقبال الفعاليات والأنشطة السياسية التي ينوي الطلبة الحزبيين تنظيمها داخل الحرم الجامعي. فهذه المؤسسات التعليمية فيها من الطلبة العدد الكبير الذين ينتمون لخلفيات وجنسيات متعددة؛ بالتالي لا بد من تهيئة الظروف المناسبة لممارسة الأنشطة الطلابية الحزبية بما لا يخل بسير العلمية التربوية وإدارة المرفق العام التعليمي.
في المقابل، فإن الكُلفة السياسية لتأخير نفاذ نظام ممارسة الأنشطة الطلابية في الجامعات ستكون عالية، يخشى معها أن تلقي بظلالها السلبية على عملية الإصلاح السياسي. فقانون الأحزاب السياسية الجديد قد أعطى الأحزاب القائمة والمسجلة قبل نفاذه فرصة سنة كاملة لتوفيق أوضاعها بما يتوافق مع النصوص المستحدثة، والتي من أهمها تضمين هيئاتها العامة النسب المقررة قانونا للشباب والإناث، وذلك تحت طائلة اعتبار الحزب السياسي منحلا بحكم القانون.
فهذه الفئة من الأردنيين تواجدهم الأساسي في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي؛ بالتالي فإن التسويف في إنفاذ النظام قد حرم الأحزاب السياسية من استقطاب الشباب الجامعي من خلال عقد الفعاليات السياسية داخل مؤسسات التعليم العالي. كما أنه قد فوّت على الطلبة الجامعيين فرصة الالتقاء الجماعي بالقيادات الحزبية والتعرف على برامجهم وأهدافهم السياسية، لعل وعسى أنهم يقتنعون بها ويقبلون العضوية في الأحزاب السياسية، أو على الأقل المناصرة العلنية لها.
ويبقى التساؤل القانوني الأبرز يتعلق بمدى أحقية طلبة الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في تنفيذ أنشطة حزبية في الفترة الحالية وقبل نفاذ النظام الجديد. فإذا تقدم عدد من الطلبة الحزبيين بطلب عقد فعالية سياسية داخل حرم إحدى الجامعات الوطنية، قد تضطر الإدارة الجامعية إلى رفض الطلب بحجة عدم سريان النظام الخاص بممارسة العمل الحزبي.
إن حق الطلبة الأعضاء في الحزب السياسي بممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم المؤسسات التعليمية قد تقرر ابتداء بموجب القانون، وأن النظام الذي اشترط المشرع إصداره هو لغايات تنظيم هذا الحق، وليس تقييده بفترة زمنية معنية لمباشرته. فلا يقبل لنظام تنفيذي أن يُعلق نفاذ نص قانوني، خاصة وأن النظام بطبيعته قد اقتصر على إيراد قواعد إجرائية لممارسة الحق، وليست موضوعية ذي صلة بمضمون الحق وفحواه.
وعليه، فإن الجامعات ومؤسسات التعليم العالي مدعوة إلى التعامل مع أي طلب يقدم من الطلبة الحزبيين بعقد فعالية سياسية كأي طلب آخر يتعلق بتنظيم الأنشطة الاجتماعية أو الفنية أو الرياضية، وأن يخضع للرقابة الموضوعية للإدارات الجامعية المختصة، وذلك لحين دخول النظام المعني حيز النفاذ.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-12-2022 08:40 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |