حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2362

النهضة بالثقافة

النهضة بالثقافة

النهضة بالثقافة

31-12-2022 04:37 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد يونس العبادي
لربما لم يعش المجتمع العربي زمانًا كهذا الزمان بمفارقاته الممتدة ما بين الأصولية التي تصحو والنداءات بالتحديث أو «اللبرلة».

ويمكن القول، إنّ ما تمّر به الشخصية العربية اليوم من حالةٍ من فقدان سماتها، هو غير مسبوق، في زماننا العربي، نتيجة غياب نظيرٍ لزماننا الحاضر، مع تاريخنا العربي، فيما نعيشه من حالة تشظٍ باتت جلية على الصعد كافة، وقد أنهكها طروحات وأطر، وعولمة، وأدلجة، غير مسبوقة، وكل فترةٍ يحاول البعض استجرار ما مضى وإسقاطه على الحاضر، مستجلباً حقب الضعف، على أمل إعادة إنتاج طريقٍ يشبه أزمنة مضت، مثل: زمان الحمدانيين والبويهيين والإخشيديين، ولكنها تبقى أزمنة خلت.

اليوم، والحديث عن المستقبل والتركة الثقيلة، يرى البعض غياب المثقف وفقدانه لسبل التواصل الحديثة، نظرًا للزحام من قبل النشطاء ومنتجات زمن العولمة، بالإضافة إلى أنّ هذه الوسائل لا تستسيغها العامة.

ما البديل في ظل هذه الفجوة المتزايدة؟ وكيف يمكن لنا الحديث عن مستقبل للمجتمعات العربية وانحسار دور المثقف، ومن اغتال المثقفين حتى غاب تأثيرهم عن عقول العامة؟ وهل نملك البديل؟

في تقاليدنا التعليمية والمعرفية نرفع شعار النهضة بالثقافة، وفي واقعنا العربي والمحلي نرى عزوفًا عن الإنصات للمثقفين لا بل إنّ كثيرًا من المثقفين لا ينالون المساحة إلّا إن انتزعوا اعتراف الغرب بهم، وهؤلاء قلّة.

هذا الفراغ ترك للأصوليات مساحة حرّة لتأخذ توليفة باتت تنتج نقائض الحضارة وتترك مثالب اللاحضارة وخطى الهمجية على امتداد المجتمعات العربية.

اليوم، يدور حوار عن مشروع حضاري عربي يمكن قراءة إرهاصاته الأولى من تجارب عربية عدّة، يسجل للأردن أنه من بينها، فمثلًا التجربة التونسية وارتدادات الحوار السياسي على المشهد الثقافي، وطرح أسئلة تتعلّق بالدولة والمجتمع الذي نريد، وفي وطننا الحبيب نجحت الأوراق النقاشية الملكية باجتراح اختراق عن الدولة المدنية وهويتها العربية.

وأيضًا، هناك تيارات باتت تتولّد تحمل شعار التحضّر، والجديد في هذه الإرهاصات أنها لأول مرة منذ زمن عربي كبير تشرك المجتمعات بالتفكير بالشكل الذي تريده لها أو للأجيال السابقة.

إنّ وجود التواصل الاجتماعي نقلنا إلى ما يعرف باسم وسائل التواصل الشبكي الاجتماعي، وعلى المثقف أن يعي أنّ هذا المجتمع الجديد مغاير للمجتمع التنموي، الذي كان المثقف يتفاعل معه، فإمّا أن يظل المثقف محافظاً على خطابه المتعالي فيكون خارج دوائر الفعل والقرار، ويكون خارج المجتمع الرقمي وهذا يدعونا إلى الالتفاف إلى إعادة إنتاج المثقف الذي ينهض بأعباء الإصلاح والتنمية وأن يقود الفكر والثقافة إلى مستويات إبداعية أرحب لا بد من ترك مساحة للمثقف لكي يعود لدوره ويسهم في الحوار.

في ضوء هذا، من غير المعقول وسط أي نقاش -على سبيل المثال- أن يغيب الأكاديميون ممن يعتبرون أنفسهم قامات ثقافية، ومن غير المعقول أن لا نعلم في مدارسنا وقاعاتنا الجامعية ضرورة القراءة أو الإنصات للمثقفين لتنضج التجارب، ونتجاوز هذه الكبوة.. فالخشية في هذا الغياب أن يصحو مثقف المستقبل على هوية وواقع لا يشبه مفردات إرثه، فتكون أجيال جديدة أمام ظاهرة اغتراب صنعها عزوف أو تكاسل أو لربما تهميش غير متعمد!.

إننا اليوم، نعيش مرحلة تحول عربي سريعةٍ في مجتمعاتنا العربية، وتبدل الأدوات والمسارات، وسبل تفكير الجيل الجديد، لا يجب أنّ يرافقه تغييب أو غياب لدور الثقافة، بمفهومها الرحب والواسع، والقادر على المعاصرة، وهذه مهمة المثقف، أنّ يجدد أدواته.











طباعة
  • المشاهدات: 2362
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
31-12-2022 04:37 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم