بقلم : سهير بشناق
نحتاج دوما وسط ضجيج وصخب الحياة لشعور البدايات... بدايات أعوام جديدة.. بدايات قلوب ونفوس كل ما تحتاجه أن تحيا من جديد...

جميلة البدايات التي تمنحنا أمنيات وأحلاما تشق طريقها وسط كل ما يعترينا من ألم وتعب ورتابة أيام وسنوات لم تعد تدهشنا كثيرا..

البدايات التي تمر بنا أحيانا كطيف هي ملجأ ومرفأ آمان.. تجدد بنا الحياة وتنعش بقلوبنا مشاعر وتمنحنا فرصة جديدة كي نعيد اكتشاف السعادة التي تكمن في تفاصيل صغيرة فقط...

بدايات عام جديد نفتح له مرة آخرى أبواب قلوبنا ومساحات من الروح التي كلما نال منها التعب... تستعيد راحتها من تلك البدايات التي نحملها أحلاما مؤجلة... وروايات جميلة... وأماكن لنا بها حياة... لتحيا بنفوسنا من جديد...

تلقي الحياة أحيانا بمتاعبها وأوجاعها علينا في لحظات ما يعترينا اليأس ويؤلمنا رحيل الاشياء الجميلة من أيامنا كوجوه اصدقاء... وأماكن فارغة من أحبابها... ويوجعنا ابتعاد أحلام كنا نتوق لتحقيقها.. تتعبنا الحياة ذاتها لربما لأننا نحلم أكثر مما نعيشه.. وتكبر أحلامنا فينا وتغادرنا تاركة لنا مساحة من التأرجح بين ما نتمنى وما نحياه...

تلك المراحل التي تجبرنا الحياة أن نمر بها بين ألم وانكسارات وخيبات لا يبددها سوى البدايات... التي تهزم مخاوفنا ومتاعبنا والآمنا وتنقلنا من حالات الضعف لحالات الإيمان بأنفسنا من جديد ومنح سنوات اعمارنا فرص آخرى لتحلم... وتبدأ وتنتفس لحظات السعادة التي تحتاج للبدايات فقط لتتغلغل باعماقنا من جديد..

عام آخر جديد.. بدايات جديدة.. بها ومعها تستعيد أرواحنا القها وتفتح قلوبنا أبوابها من جديد.. نتجدد مع كل بدايه لأننا نرى النهايات تمضي.. وإن أدركنا أيضا بان كل بداية ستنهي وستمضي...

لكننا لا نملك سوى أن نتجدد ونتصالح مع اعوامنا الجديدة... أن نترك لها مقعدا جديدا بأيامنا.. علها تعيد بنفوسنا الدهشة والشغف والانتظارات الجميلة المحملة بلهفة ما وحنين لا يتوقف فينا..

عام جديد... وبدايات جديدة.. يحررنا من العودة لما مضى.. وإن كان ما يزال يسكننا..

نحن لا نملك القدرة على أن نحرر ذاكرتنا... ونفرغ قلوبنا من كل ما أوجعها.. فتلك النفس البشرية تراكمات لا تغيرها أعوام

لكننا كي نمنح أنفسنا مساحات جديدة من الأمل وجرعات من النسيان... نؤمن بالبدايات... أمامها نستنشق رائحة الحياة من جديد.. ونبحث عن السعادة ولو بتفاصيل صغيرة ولحظات فقط من تلك البدايات..