حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1659

حديث الملك .. نهج وتصميم

حديث الملك .. نهج وتصميم

حديث الملك ..  نهج وتصميم

03-01-2023 08:44 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. بسام الساكت
كلما تحدث الملك مع الصحافة العربية والاجنبية، لابد للمستمع له والقارئ، التأمل والتأني في المعانى والمقاصد.

لقد تحدث الملك قبل أيام مع شبكة CNN.

هو يتحدث مع الغرب والقوى العظمى، بلغتهم وطريقة تفكيرهم. كما نجد للاقليم حيزاً ضمنيا في حديثه الأخير. وجاء هذا الحديث، يوم 29/ 12/ 2022 من العام الهجري 1444، مع الإعلامية «بِكي أندرسون» من CNN.

وكان بمجمله هادفاً ويرسل رسائل هامة مفصلية وموجهة للخارج والإقليم. إن معرفة هذه المراسلة بالشرق الاوسط والأردن تراكمية، واسئلتها شفافة، وإجابات جلالة الملك عليها جادة ومحسوبة.

كما وأن الموقع الذي جرى فيه الحديث كان اختيارا موفَّقاً–في المغطس- في غور الأردن قرب القدس، إذ له دلالة سياسية وتاريخية، خاصة لكل ذي فِطْنَة.

لقد أنعش الحديث وموقعه ذاكرتي. فعدت إلى التاريخ. نحن اليوم في العام الهجري 1444.

وفي العام 16 للهجرة النبوية الشريفة، حرر عمرو ابن العاص القدس حين أرسل سبعة جيوش إلى ايلياء (القدس) على رأسهم ابو عبيدة ويزيد وخالد بن الوليد وشرحبيل ومعاوية.

فحاصرت جيوش العرب والمسلمين القدس فطال الحصار لأربعة اشهر، حينها أدرك أسقفُ المدينة صعوبة الوضع فبعث إلى أبو عبيدة يسأله عن سبب تحرير القدس.

فأجابه أنها بلاد الانبياء ومسرى رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم.

فدعى الأسقف المسلمين إلى دخول المدينة. فدخل الخليفة عمر ابن الخطاب بيت المقدس من الباب الذي دخله رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء والمعراج، وصلى مُسْتَقبِلًا القبلة.

ولاحظ الخليفة أن الأسقف يبكي. فقال له عمر: «لا تحزن. هوّن عليك، فالدنيا دواليك، يوم لك ويوم عليك.

فأجاب الأسقف: «أظَنَنْتَني على ضياع المُلْكِ بَكَيْتْ؟ والله ما لهذا بكيت، وانما بكيت لمّا ايقنت أن دولتكم على الدهر باقية، ترق ولا تنقطع، فدولة الظلم ساعة ودولة العدل الى قيام الساعة...».

وحين لبّى الخليفة عمر دعوة الأسقف لزيارة كنيسة القيامة، وأدركته الصلاة وهو فيها، سأل الخليفة الأسقف، أين أُصلّي، فأجابه مكانك صل، فرد الخليفة عمر ابن الخطاب: ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجدا، فابتعد رمية حجر وفرش عباءته وصلى خارج الكنيسة. أنها بنظري بعد نظر واحترام من الإسلام للشريعة المسيحية وأهلها. وهي حكمة إنسانية دهرية.

لقد جاء حديث الملك إلى مراسلة CNN ليُنعِشَ وليُرسِّخ مفاهيماً لدى الاجيال المتعاقبة في الغرب الغافل المتغافل، والذي يدير ظهره أيضا للتعاليم الحقة لسيدنا المسيح، عليه الصلاة والسلام.

لقد أنعش الحديث الذاكرة في أن الأردن مكان مقدس فاء إليه الإنسان اللاجئ منذ القدم، ليجد فيه مظلة تُؤنِسه وتحميه من ظلم الطبيعة والبشر.

فهو أرض الأمن والأمان، من أيام رسول الله المسيح عيسى ابن مريم، عليه السلام.

إذ أقام عليه السلام، في ربوع الأردن واحب نهره وجباله وباركها وأهلها. }ورد ذلك في إنجيل مرقس 3/7-8، في كتاب المطران سليم الصائغ «الآثار المسيحية في الأردن"{. وكذلك فاء إلى الأردن اللاجئون المسيحيون الأرمني من ظلم السياسة في بلدانهم، ومثلهم من إخوتنا من العراق وفلسطين وسوريا.

وساد الملوك الهاشميون أوصياء على القدس وأماكنها الإسلامية والمسيحية في ضفتي نهر الأردن المقدس.

وأصبح الأردن جامعا وملاذا يعزز الروابط والاستقرار، وأميناً على التراث الإنساني والروحي فيها. في حين جاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عام 1967 ينفذ سياسات الاستيلاء الزاحف مُصادِراً للارض طامساً للتراث، إحلاليٌ مُهَجِّراً، وبأساليب متعددة، للسكان العرب -المسلمين والمسيحيين- ويُذكي الصراع والعنف الديني والبَيْنِي والعِرقي.

وانعكست على الفلسطينين، مسلمين ومسيحيين فتقلصت أعدادهم في فلسطين.

لقد أظهر حديث الملك قلقاً من تفريغ المنطقة من مكوِّنها التاريخي المسيحي بشكل خاص - الوجِلْ من المستقبل، والإسلامي أيضاً، جراء عمليات التفريغ الإسرائيلية، والقلق من القادم من سياسات احتلال إحلالية تُخل بالاستقرار وحقوق الإنسان، وتزرع العنف، والعداوة في داخل فلسطين وتنقله إلى محيطها العربي.

ونقل حديث الملك بوعيٍ وبأمانة، القلق بمجمله، للغرب، والمناصرين لإسرائيل، (وللعرب أيضاً) ومن هم ضد سياسة إسرائيل وبلغتهم وبلسانهم، لعلهم ينتبهون للشائك الأكبر القادم، إن استمرت إسرائيل بسياساتها دون كوابح من مجتمعها في الداخل، ومناصريها في الخارج.

وما قدوم حكومة نتانياهو وفصيله اليمين الأكثر تطرفا، إلا شاخصة ومؤشرا مقلقاً.

فكان حديث الملك بمثابة صافرة إنذار، ومن موقع رمزي هام، موقع المغطس، بجانب نهر الأردن، القريب للقدس، والمكان الذي تعمَّد فيه رسول السلام.

فرسم حديث الملك للغرب وللمجتمع الدولي كله، والقوى المساندة لسياسات إسرائيل، أنه رغم قلقه فإنه مستمر برفع مظلة الأمن والأمان، والوئام والدفاع عن الحق.

فأعلمهم بمشروع تطوير المنطقة - المغطس.

وقصد بذلك أن يؤكد على الحاجة للابتعاد عن السياسة، تلك التي تولد العنف والصراع، بأشكاله العسكري أو الفردي. والتوجه نحو اخرى تؤكد أن المستقبل الجامع، والمستقبل التكاملي الاقتصادي بالمنطقة، هو رهينة، ولن يتم أو يصل لقناعة الشعوب في المنطقة وخارجها، ما لم يكن فيه للفلسطينيين مستقبلا أميناً عادلا.

إن حديث الملك هذا، هو رسم آخر توضيحي جديد متجدد، متزن، واثق، ينبع من الأردن، ويضع تصميم طريق وخارطة الاستقرار والسلام المستدامة، تلك الجديرة بإسناد عربي وإسلامي ودولي شجاع، وفهم ولو مصلحي، من إسرائيل والغرب المساند لها.








طباعة
  • المشاهدات: 1659
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-01-2023 08:44 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم