05-01-2023 08:48 AM
بقلم : د. بسام الساكت
رحل عن الديار، رجل الدولة المُهاب الوقور، دولة الطبيب الانسان والمعلم، ابو سامر، عبد السلام المجالي، رحمه
الله. رحل ولن يرحل ذِكْره فلقد عاش وقرينته وذريته في فلك الاردن والجوار العربي وشؤونهما، هموماً وافراحاً. رحلت نفسه الى ربها راضية مرضية.
كان اول لقاء لي به حين رافقت والدي للعلاج، الى المستشفى العسكري في ماركا في منتصف الستينيات من القرن الماضي، (الخدمات الطبية الان)، فاقبل علينا رجل عالي الهندام، مرحِّبا و بشوشاً. ففرحت، و أحتضن والدي بحماس فعرَّفني والدي انني ابنه.و قال مخاطبنا اهلا بأستاذي الذكي «انا الان طبيب مسؤول هنا،ولك فضل عليّ لن انساه فعلى يديك تعلمت وعرفت الرياضيات والجبر، وعرفت منك الانضباط وتشجيع النابه المنجز من الطلبة، وتقويم المقصر منهم. » فأدركْتُ ان هذا الرجل الطبيب وفيٌ تربَّى على تقدير اهل الفضل واحترامهم. وقدمني والدي?اليه فشجعني بكلمات لا تُنْسى ثرية بالنصح. فكفاني منه حينئذ ما شاهدته بعيني من تعاليم الوفاء. وعرفته بعدها في مواقع، كان فيها الباني على المُنْجَز لا المحتكر المدعي بالفروسيات لمسنا ذلك في قيادته للجامعات وفي حقول الطب وهيئاته والوزارات ورئاسة الحكومات، وترؤسِ الوفود. عرفته عن كثب حين كلفه جلالة الملك الراحل الحسين رحمه الله، مستشاراً لجلالته، وكنت حينها امينا عاما للديوان الملكي. وبتواضعه تقبل سيارة مستخدَمة ودون كادر كبير حوله. عرفته واثقاً دون تعالٍ وقبل ذلك مُقوِّماً لفعاليات وقرارات حكومات وناصحا للملك?بتواضع الحكيم المجرِّب وبموضوعية متجاوزاً عن اية نزعات، او زلل عابر. في حين آخرين كُثْرْ، وقعوا بنقيض هذه الصفات. فتعلمت منه دروساً. وحين استدعاني مرتين كوزير للصناعة والتجارة عام ١٩٩٣، ووزيرا للنقل والبريد والاتصالات عام ١٩٩٧، كنت الشاب الاصغر سنا في مجلس الوزراء بصحبة كِبار. كنت اتحمس لامور كان دولته لي المهدئ الناصح مخاطبني احيانا ب «يا فصيح »، فأتقبل ذلك من مسؤول كبير مجربٍ مهذِّب ناصح. وكم من مرة ادخل مكتبي في الوزارة لاجده قبلي بانتظاري، سائلا وموجِهاً ناصحاً مقترحا حلولا.
لقد رحل بالامس عن الديار. التقيت به قبل اشهر في جمعية الشؤون الدولية التي ترأسها طويلا، جسمه ضعيف لكن ما يعلو كتفيه -ثروته العقلية -شابة يَقِظة، رغم جهاز الاكسجين بجانبه مساعدا.لقد رحل عنا رجل كبير، رحمه الله، ولن يرحل ذِكْره. عاش وقرينته وذريته في فلك الاردن واهله وشؤونه. رحلت نفسه الى ربها راضية مرضية. عرفناه منجزاً وأباً حنونا، معلماً يعتز بتراثه الوطني، رجل دولة صاحب قرار، شجاع،مرن، مهني، وطني،مُهابٌ لا يبخل بجاه له، ولا مال.
فيا أهلي ابناء الطبيب الانسان ابو سامر واحفاده، ويا اهلنا جميعا في الاردن وفلسطين، لقد ترك لنا ولكم وللوطن تراثا غنياً من حسن الادارة وحسن التدبير والحكمة والوفاء. فودعاءً أبا سامر، معلمنا ووالدنا. ولنا من ذريتك الطيبة وعطائك خير ذكرى. إنا الى ربنا راجعون.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-01-2023 08:48 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |