05-01-2023 02:47 PM
بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
في نهاية عام 2022 نُشر خبر عابر لم يتم اعارته أي انتباه وذلك لانشغال العالم في نتائج جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا ومشاكل التلوث البيئي وتغير المناخ والتي أدت الى حراك سياسي في دول متعددة حول العالم بسبب غلاء الطاقة والمواد الغذائية أو عدم توفرها. انصب اهتمام الحكومات في الحصول على موارد للطاقة وبأسعار معتدلة وتأمين حاجاتها للسنوات القادمة، في هذا الوقت صرحت وزيرة الطاقة الامريكية جينيفر جرانهولم عن اكتشاف مصدر جديد للطاقة وهو الطاقة الاندماجية ووصفت ذلك بالحدث العلمي الأهم في القرن 21.
الطاقة الذرية الانشطارية التي نعرفها تنشأ عند اصطدام النيوترون في نواة لليورانيوم المخصب مما يؤدي الى انقسام الذرة الى جزءين يحتويان على النيوترونات والبروتونات وهذا يؤدي الى تولد طاقة هائلة هي التي كانت تثبت النواة بطاقة كبيرة قبل التصادم وينتج عن ذلك ايضاً ثاني أكسيد الكربون ومخلفات ذرية يجب المحافظة عليها ونقلها في أجواء خاصة وذلك لإشعاعاتها الذرية الضارة للبيئة والكائنات الحية فالطاقة المولدة من الانشطارات يتم استخدامها في أمور متعددة في الحياة كتوليد الطاقة الكهربائية للصناعة والانارة أو تشغيل السفن الحربية وفي المجالات الطبية التشخيصية والعلاجية، إن حجم الطاقة المصنعة عبر الانشطار النووي لا تزيد عن 15% من الطاقة حول العالم.
اما في الطاقة الاندماجية فيتم دمج النواة باستخدام الليزر؛ ما يؤدي الى توليد طاقة ذرية كبيرة ولا يوجد للطاقة الاندماجية اي مخلفات ذرية وهذه العملية تحدث على كوكب الشمس بشكل دائم؛ ما يولد طاقة هائلة. إذن استخدام هذا النوع من الطاقة سوف يحد مستقبلاً من استخدام الطاقة التقليدية المولدة من البترول والغاز والفحم ويقلل من الانبعاثات الغازية المؤثرة سلبياً على المناخ والبيئة.
ان استطاعة علوم الفيزياء تقليد التفاعلات الفيزيوكيميائية من الشمس على الكرة الأرضية حدث ذو أهمية قصوى وسيغير أسلوب الحياة البشرية مستقبلاً.
من الناحية الأخرى فإن صناعة مفاعلات نووية للطاقة الاندماجية سيكون مسألة في غاية الصعوبة وتحتاج الى سنوات كثيرة من البحث العلمي والتطوير وهذه التكنولوجيا لن تكون متوفرة إلا في بعض دول العالم القادرة على تطوير البحث العلمي وحشد طاقات علمية وموارد مادية ضخمة لهذا الغرض.
لقد حيت منظمة الأمم المتحدة هذا الإنجاز لأنها ترى فيه اكتشافا مهما لحماية البيئة ومنع التلوث والتقليل من الكوارث الطبيعية الناتجة عن تغير المناخ على الكرة الأرضية وهذا سيقلل من الخسائر البشرية والمادية للإنسانية مستقبلاً.