07-01-2023 08:42 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
جاءت حكومة نتيناهو الجديدة، بحمولةٍ من الرؤوس المتطرفة، التي في تأمل تركيبتها، العديد من العناوين والمفارقات، وهي حجم السوابق القضائية المسجلة بحق الأعضاء فيها.
فرئيسها نتيناهو، مثلاً، يواجه قضايا فساد، ورشوة، وخيانةٍ للأمانة، منذ سنوات، وما تزال هذه القضايا منظورةً أمام القضاء، علاوةً على سيرته المهنية التي تروي جانباً من تركيبته الشخصية، البعيدة عن النزاهة السياسية، والتي لا تعبر عن «فن الممكن» بقدر ما تعبر عن فن المستحيل، أيّ التعطش للسلطة، بغض النظر عن الحسابات.
وميزة هذه الحكومة المتطرفة، أنّ لا ثقة بالمطلق بين مكوناتها، لذا ترى الشكل العجيب الذي صاغته من تحالفات، وتعيينات، حتى ليحار المرء في هذا الشكل العجيب من هذه الحكومة.
ومن بين الأمثلة على ذلك، تولي بعض الوزراء المتطرفين، مناصب لنصف المدة القانونية لها، ثم ذهابهم إلى وزارات أخرى، فمثلا المتطرف سموتريتش هو وزير ثانٍ داخل وزارة الدفاع، وسيتولى وزارة المالية لنصف المدة القانونية، بالإضافة إلى إلياهو كوهين، والذي سيتولى وزارة الخارجية لنصف الولاية، ثم يتولى وزارة الطاقة!.
وفي تأمل السيرة الذاتية لغالبية وزراء هذه الحكومة، ترى أنّ الجامع بينهم هو أنهم ملاحقون بقضايا، وحتى فاشل أكاديمياً، إذ تلقى تعليماً حاخامياً وفشل بالحصول على ماجستير بالقانون، ويبدو أنّ مرّد هذا الامر إلى خلفية تعليمه المقتصر على الدين.
والمفارقة أنه وزير ثاني، لما تسمى بوزارة الدفاع، ولكنه لا يفهم بالعسكرية، سوى لفترة قصيرة قضاها في إحدى معسكرات جيش الاحتلال، وقد اعتقل عام 2005م، إثر توجهاته التي عارضت خطة إخلاء المستوطنات قرب غزة، آنذاك.
أما الآخر، فهو الوزير المتطرف بن غفير، فهذا يسابق سموتريش في نزعاته، وعقده المتطرفة، وسيرته مليئة بما يعبر عن تطرفه، وعقده النفسية، ذلك أنه ينتمي لحركة «كاخ»، وهي حركة إرهابية ومحظورة في العديد من دول العالم، بل وحتى أنّ إسرائيل ترفض هذه الحركة لنزعاتها «المجنونة» في التطرف، وينتمي لأسرة يهودية عاشت لقرونٍ في العراق، قبل أنّ ترحل إلى فلسطين، بعد احتلالها.
وهذا أمر بحاجة إلى مزيدٍ من الدراسة، وهو محاولة اليهود الشرقيين، الذين عاشوا لقرونٍ في ظل حضارة العرب، وسماحة الإسلام، النزوع إلى التطرف، وكأنهم يتبارون في إثبات صهيونيتهم، والتي بقيت محل تشكيكٍ، مع بدايات نشوء هذا الكيان المحتل.
ومثالاً، يعبر عن هذا الأمر، حزب شاس، الذي هو حزب ذو هويةٍ تنتمي إلى اليهود الشرقيين، السفارديم، وهي فئة شعرت بتمييز من قبل اليهود الغربيين «الإشكناز»، فهؤلاء الأخيرون بقيوا مسيطرين على مواقع حساسة، حتى برز هؤلاء ليثبتوا ولاءهم من خلال نزعاتهم الغارقة بالتطرف.
ومن بين وزراء هذا الحزب، آرييه درعي، وهو وزير الداخلية والصحة، من مواليد مدينة مكناس في المغرب، ومتهم بقضايا فسادٍ وبموجب الاتفاقيات التي أبرمها نتيناهو، فقد عدلت القوانين لتسمح له بتولي منصب الوزارة، رغم إدانته بقضايا فساد.
هذه الحكومة، بشكلها الحالي، تحمل في داخلها عوامل فرقتها، وعاد بها نتيناهو بتطرفٍ يميني، وهي مسميات نستخدمها لغايات فهم المشهد بشكل أكبر، وتحليله، ذلك أنّ الحكومة التي انتهت ولايتها قبل نيتناهو كانت ممارساتها متطرفة، إذ شهد العام الماضي ارتفاعاً في أعداد الشهداء في فلسطين المحتلة بشكلٍ غير مسبوق، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الاقتحامات، فكل الوجوه لدى المحتل واحدة، ولكن النزعات الغرائزية، والنفسية، التي تحملها هذه الحكومة، توجب علينا مزيداً من الجهود للتصدي لهذه الغرائز، ودعم فلسطين وعمرانها البشري والمادي ليبقى?قادراً على التصدي للاحتلال، على اختلاف وجوهه.
فما جاء به نتيناهو ليس بحكومةٍ، بل بمجموعة من أصحاب العقد، والمأزومين..!.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-01-2023 08:42 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |