08-01-2023 10:21 AM
بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
شهد الكونجرس الأمريكي فيالأيام الماضية حادثة نادرة لم تحصل إلا قبل 100عام وبالتحديد عام 1923 عندما عجز مجلس النواب الأمريكي « الكونجرس» عن انتخاب رئيسه والمتحدث باسمه في الدورة الأولى من الانتخابات وهذا ما حدث مع النائب كيفين ماك كارتي ممثل ولاية كاليفورنيا والبالغ من العمر 57 عاماً حيث كان يطمح في أن يشغل أهم ثالث منصب حكومي امريكي بعد الرئيس ونائبه والذي شغلته نانسي بيلوسي .
فبعد ثلاث محاولات في اليوم الأول حصل النائب على 203 الى 204 صوت أي امتناع 19 الى 20 نائب من حزبه عن التصويت له وفي الأيام اللاحقة وبعد 13 مرة من التصويت والفشل والعناد تم تأجيل انتخاب رئيس الكونجرس للأسبوع القادم والمضحك أن الرئيس رونالد ترامب قد حصل على صوت واحد لدى ترشيحه من قبل أحد النواب، وهذا يمثل صورة لانقسام كبير لكتلة الحزب الجمهوري في الكونجرس وللحزب نفسه.
ان أهمية انتخاب رئيس للكونجرس تكمن في عدم إمكانية هذه المؤسسة اتخاذ اية قرارات شرعية أو البت في أمور مالية أو موازنات إلا بعد انتخاب الرئيس، وكذلك لا يسمح بأداء اليمين القانوني للأعضاء قبل ذلك أي أن الوضع يضع المجلس في سبات عميق.فالحزب الجمهوري منقسم الى جماعات من المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترامب والمعارضين لسياسته والباقي محايدين.
الانتخابات النصفية في شهر نوفمبر الماضي أوجدت وضع سياسي صعب في الولايات المتحدة فالجمهوريون فازوا بالأغلبية البسيطة في الكونجرس حيث حصلوا على 222 صوت من أصل 435 صوت ويحتاجون الى 218 صوت لانتخاب الرئيس ، وفاز الديمقراطيون بفارق صوت واحد لمجلس الشيوخ البالغ 50 صوت وهذا الوضع يجعل اتخاذ القرارات السياسية صعب وإدارة شؤون البلاد في غاية التعقيد فمعظم قرارات الكونجرس يجب موافقة مجلس الشيوخ عليها وهنا تبدأ سياسة المبادلة بين كتلة الديمقراطيين والجمهوريين فالكل سيقدم تنازلات مقابل مكاسب معينة واحياناً يصاب اتخاذ القرارات بالشلل مما يؤخر اتخاذ قرارات عاجلة وضرورية .
ولقد صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن الوضع الحالي في الكونجرس يعطي صورة سيئة عن بلادنا.
المعارضون لانتخاب كيفين ماك كارتي (تجمع الحرية) أعلنوا ذلك قبل الانتخاب وكان من المتوقع حجب 4-5 أصوات عنه مما سيتيح له الحصول على 218 صوت ولكن الأمور سارت بشكل اخر فرغم قيامه بتقديم تنازلات لمعارضيه إلا أن هذا لم يسعفه في الفوز وصرح بأنه سيعمل من أجل البلد وكتلة حزبه منوهاً الى وجود نوايا لدى البعض للحصول على مكاسب شخصية ومناصب لدى المعارضين لانتخابه، ويطالب المعارضين بعض الوظائف في مصلحة الضرائب وتغيير قانون عزل رئيس الكونجرس.وضع كهذا موجود في كل دول العالم وفي أكبر الديمقراطيات التي عرفها التاريخ.
ان الخاصية التي تعيق الأمور في الكونجرس هي طول مدة الانتخاب وذلك لاستجواب كل نائب على حده لمعرفة موقفه.
إن التشتت الذي يعيشه الحزب الجمهوري سيؤدي ربما الى ترشيح شخصية أخرى كبديل للأسماء المتداولة مثل جيم جوردان المحسوب على معسكر رونالد ترامب أو أحد مساندي ماك كارتي وهو ستيف سكاليس ، واخيراً دخل ترامب على الخط بدعوة أعضاء كتلة الجمهوريين بانتخاب ماك كارتي وقال»لا تحولوا انتصاراً عظيماً الى هزيمة «.
إن الموافقة على كيفين ماك كارتي في النهاية سيكون له ثمن كبير فحقيقة فارق الأصوات القليلة ومعارضة بعض أعضاء كتلته سيكون مضطراً دائماً الى تقديم تنازلات لخصومه في تمرير التشريعات.
لقد وصف النائب الديمقراطي دانيل جولدمان الوضع في الكونجرس بالعشوائي والمشتت.