09-01-2023 01:09 PM
بقلم : محمد يونس العبادي
من المفارقات التي تثير السخرية، ما يطرحه بعض المحللين الإسرائيليين، عن ما يسمونه بـ "الاحتلال الأردني" أيّ الفترة الممتدة منذ عام 1948م، وحتى عام 1967م، حيث تابعت حديثاً لأحدهم عبر فضائيةٍ، يدعي خلالها أنّ الأردن كانت تحتل الضفة الغربية، وفي سياق روايته الواهنة بأنّ ما تقوم به إسرائيل، أيّ احتلالها للضفة هو "تحريرها".
هي رواية مثيرة للسخرية، بل والشفقة، لتعبيرها عن جهل المهاجرين (المحتلين) من أوروبا الشرقية وغيرها من الدول، والذين جاؤوا وهم يحملون في فكرهم وعقيدتهم، رموزاً ومفاهيم، تنتمي إلى حقبٍ مضت، وعفا عليها الزمان، وفي سبيل هذا يسخرون آلة القتل والاحتلال، ويسعون للنيل من كل ما هو عربيٍ على أرض فلسطين، ومقدساتها.
ويجيء الطرح الإسرائيلي اليوم، في توقيتٍ يحمل دلالةً هامة،ً ذلك أنّ الدور الأردني، بقيادة الملك عبدالله الثاني، والذي يتصدى للاحتلال ومحاولات تهويد المقدسات، بات يسبب وجعاً لحكومة نتنياهو المتطرفة، ذلك أنّ محاولات تسويغ واختلاق هذه الروايات، مفهوم في سياق العقلية التي نتحدث عنها، وهي عقلية عنصرية، مشوهة، لا ترى حلاً إلا بالقوة...
فالأردن، وهو الدولة الجارة، وصاحبة التاريخ والجغرافيا، وقيادتها، وشعبها، وجيشها، لم يكونوا يوماً إلا لأجل فلسطين، وبعمقٍ عروبيٍ، فالحضور الأردني يعبر عنه الفلسطنييون والمقدسيون اليوم، بما تحمله الشواهد ومقابر شهداء الجيش العربي، التي هي محل رعاية أهلنا في مدن فلسطين، والشاهد عليها، جنودنا ورفاتهم التي ما تزال حتى اليوم في أرض فلسطين وفي جنبات القدس، تروي جانباً من قصة التلاحم الأردني الفلسطيني.
فالوجود الأردني في الضفة الغربية، والذي جاء في مرحلةٍ تاريخيةٍ مهمة، صان وعمر الأرض والإنسان، ومن بين ملامح هذه الفترة، أي فترة العهد الأردني وفرة الوثائق التي تتحدث عن الجهود الني قام بها الأردن لإعادة بناء القدس، هذه المدينة التاريخية والدينية، خاصة أن الجيش العربي حافظ على القسم الشرقي لمدينة القدس عام 1948 وبذلك انقسمت المدينة إلى القدس الشرقية والقدس الغربية.
وورث الأردن مدينة أتت الحرب على معظم أحيائها وعمرانها، نتيجة المعارك التي دارت فيها ودمرت الكثير من معالم المدينة، فانتهج في سبيل نهضتها البناء والتعمير، فكان هناك شواهد ما تزال على مساعي إعادة إعمارها، ذلك أنّ الدولة الأردنية، وخلال العقد الأول من مرحلة ما بعد النكبة، بدأت تولي القدس كغيرها من المدن الفلسطينية أهمية كبيرة.
والقدس في العهد الأردني، استضافت العديد من اللأجئين من المدن الداخلية وكان لها نصيب الأسد منهم حيث ارتفع عدد سكانها حوالي النصف فشرعت الحكومة الاردنية بعمليات الأعمار بكل مناحي الحياة.
وفي قطاع التعليم يؤرد المؤرخ عارف العارف (1958م) وجود 46 مدرسة في مدينة القدس اضافة الى بناء الملاعب وإنشاء المكتبات العامة والعناية بالحالة الصحية.
وتم إعادة أعمار المستشفيات وإعادة الكهرباء للمدينة ومساعدة اللاجئين واعادة تأهيلهم والاهتمام بطرق المواصلات والكثير من اعمار المدينة، بحيث تم خصصت الحكومة عام 1957م 161.500 دينار وهو مبلغ ضخم في ذلك الزمن لاقامة المشاريع الضرورية .
ووردت هذه المشاريع في خطة البلدية والموثقة في كتاب رئيسها روحي الخطيب بتاريخ 671957م والتي تأتي على ذكر معالم في المدينة مثل: قصر الملك على الرغم من أنه بناء مستأجر وقد استخدمه الملك عبد الله الاول بن الحسين ومن ثم الملك حسين بن طلال (طيب الله ثراهما) وهو يعود لعائلة القطب وبقي حتى بداية عام 1967م، حيث تم المباشرة ببناء قصر للملك الحسين بن طلال في منطقة تل الفول في بيت حنينة ولم يستكمل وما تزال معالمه لغاية الان.
فالعهد الاردني الذي بدأ بمؤتمر شعبي في أريحا الاول من كانون الاول عام 1948 والذي جاء عقبه مؤتمر عقد في عمان بنفس العام واتخذ قرار وحدة الضفتيين تحت الحكم الاردني ووافق عليه الملك عبد الله الاول فوراً وأصبحت المملكة الاردنية الهاشمية تتكون من ضفتين الغربية والشرقية وأجريت فيما بعد انتخابات عام 1950 أكّد ان القدس هي حاضرة أردنية، ووجدان ديني وطني.
وما زال أثير الاذاعة الاردنية محفوظاً في ذاكرة ذلك الجيل عندما كان يقول المذيع هنا اذاعة المملكة الاردنية الهاشمية من عمان والقدس.
إنّ التاريخ، والأرض، والإنسان، والدور، الأردني سيبقى لفلسطين، ولأجل عروبتها.. مهما حاول الاحتلال صوغ رواياتٍ مختلةٍ، ومهما تطرف في عقليته ومراحله..
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-01-2023 01:09 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |