حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1635

المؤرخون الجدد ..

المؤرخون الجدد ..

المؤرخون الجدد ..

12-01-2023 09:12 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد يونس العبادي
مؤخراً ظهر المؤرخ الإسرائيلي، أو المؤرخ اليهودي العراقي، آفي شلايم، عبر لقاءٍ متلفز، وهو من تيارٍ ينتمي لجيل مؤرخين، أطلق عليهم «المؤرخون الجدد» في إسرائيل.

وهذا التيار ولد بعد أنّ كشفت إسرائيل عن بعضِ من أرشيفها عام 1988م، أيّ بعد نحو أربعة عقودٍ من إنشائها، وما احتواه هذا الأرشيف، على قلته مقارنةً بما لم يكشف، شكل معلوماتٍ جديدةٍ أعادت النظر بالرواية الصهيونية، وبخاصة تهجير اللاجئين الفلسطينيين، وما ارتكبته العصابات الصهيونية من مجازر، بينها: مجزرة قرية الطنطورة في حيفا.

ومعظم المؤرخين من هذا التيار، تبنوا فكرة حل الدولتين، ودعوا إلى ضرورة أنّ تتوقف حدود إسرائيل عند عام 1948م، وتراجع بعضهم لاحقاً عن هذا الأمر، مثلما فعل واحد من أهم المؤرخين المنتمين إلى هذا التيار، وهو بينيه موريس، صاحب كتاب «مولد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين»، والذي صدر عن عالم المعرفة عام 2013م، إذ أحجم عن طروحاته وعاد بحماسٍ لتأييد نتنياهو، وهذا ما بدا عليه في مقابلةٍ أجرتها معه «هآرتس» قبل نحو 3 أعوام، وهذه من المفارقات.

وبالاعتماد على الوثائق التي كشف عنها عام 1988م، يستعرض موريس بعض جوانب التهجير القسري، وتدمير القرى العربية، وما تعرض له الفلاحون الفلسطينيون من منعٍ من جني محاصيلهم، ومنعهم من العودة إلى أراضيهم، وغيرها من التضييقات.

ومما جاء في الكتاب، قول موريس، انّ كثيراً من الصهيونيين، أو محبيهم، في بريطانيا والولايات المتحدة، اعتقدوا، أو على الأقل كانوا يجادلون، أنّ فلسطين كانت «أرضاً خالية» انتظرت بولعٍ وصول موجاتٍ من المستوطنين اليهود، ولكن حقيقةً عشية التدفق الصهيوني على البلاد كان هناك سكان (عرب) بلغ عددهم 450 ألف عربيٍ، واليهود نحو 20 ألفاً، في مناطق شمالي فلسطين».

ويطرح موريس تساؤلاتٍ بينها: كيف من الممكن أنّ تحول الحركة الصهيونية فلسطين إلى «دولةٍ يهودية» إذا ما كانت الأغلبية الساحقة من العرب؟ ويرى بأنّ هذا الأمر حاولت وسعت إليه العصابات الصهيونية من خلال الترانسفير، أيّ الترحيل بالقوة، وإرهاق الأهالي العرب بالضرائب.

وفي هذا الكتاب شرح، أو إشارة، لملامح الفكر الاستعماري، ذلك التفكير في الدوائر الاستعمارية البريطانية، أو فكرة الترانسفير، كانت جليةً، من خلال ما شهدته الفترة بين عامي 1947 و1948م، من عمليات ترانسفير، كانت دمويةً بين الهند والباكستان، وشملت المسلمين والهندوس، وعمليات أخرى أقل وطأةً، مثل عمليات نقل سكانٍ من الأقلية الألمانية غربي بولندا والتشيك، إلى قلب ألمانيا مع نهاية الحرب العالمية الثانية.

ويمضي هذا الكتاب إلى شرح كثير من الحوادث التي جرت في مدن فلسطين التاريخية، محاولاً تضخيم ظواهر التواطؤ مع المحتل.

إنّ هذا التيار، على أهميته، في شرح جانبٍ من مجريات النكبة، إلّا أنه حاول إغفال دور العصابات الدموي، ومخططات الحركة الصهيونية، إذ حاول انتهاج مقارباتٍ أكثر ما تكون بأنها تريد ألّا يتحمل أولئك الصهيونيون، تبعات النكبة، وتحديداً «اللجوء الفلسطيني»، كما أنه تيار تغافل الحديث عن «دول المنشأ» التي جاء منها الصهيونيون.

وأهمية الحديث عن هذا التيار اليوم، وبالعودة إلى ما تحدث به آفي شلايم، فإنّه يلحظ أنّ هذا الرجل ابتعد أكثر في فهمه للتاريخ عن خط المؤرخين الجدد، ولربما كان بادياً عليه حالة المغالبة، التي لم يستطعها بين هويته العربية العراقية، وهويته اليهودية، ولربما في هذه الحالة تجسيد لمّا يعيشه الكثير من اليهود، وبالأخص منهم العرب الشرقيون، من حالة «فصام» تتبدى في إما إلى نزوعهم إلى التطرف، أو محاولة إيجاد التوفيق بين هوياتهم السابقة، وأوضاعهم الحالية، وهذه مفارقة أخرى.. ذلك أنّ حتمية الفشل هنا ستبقى، ما دامت فلسطين محتل?، ولم تحظ بالعدالة.

ولربما كان هذا سبباً في اندفاع الرجل إلى البحث في تاريخ العرب، فكتب العديد من الكتب، بينها كتابه الأبرز عن الملك الحسين بن طلال (طيب الله ثراه)، وهو كتاب «أسد الأردن»، وكتاب آخر، وهو: إسرائيل وفلسطين، محاولاً إظهار رواية مضادة للتطرف اليهودي، محاولاً صياغة رؤية أكثر انصافاً تجاه العرب.

فشلايم، لربما حاول الشرح للقارئ الإسرائيلي، والغربي، روايةً جديدة للتاريخ، تستند إلى حقائقه، وتضيق بها صدور اليمنيين المتطرفين، ولكنها تبقى تذكرهم أنّ أيّ نكبةٍ جديدةٍ للفلسطنيين اليوم، هي غير معقولة، بالنظر إلى اختلاف الأسباب والحقب التاريخية، وتجذر الوعي، ليس في فلسطين وحسب، بل ولدى معظم الشعوب العربية في المشرق العربي، فالأمر ليس نزهةً كما يتصورون، لذا للتاريخ صيرورة، وللجغرافيا حقائق، تتبدى مع الأيام، وتتسق مع الحق، لا مع سواه.








طباعة
  • المشاهدات: 1635
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-01-2023 09:12 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم