حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1393

الباحثة أفنان زلوم تخط “صورة البطل في الشعر الأندلسي”

الباحثة أفنان زلوم تخط “صورة البطل في الشعر الأندلسي”

الباحثة أفنان زلوم تخط “صورة البطل في الشعر الأندلسي”

14-01-2023 08:28 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - صدر، بدعم من وزارة الثقافة، كتاب بعنوان “صورة البطل في الشعر الأندلسي في عصر الموحدين 540-667هـ”، للباحثة أفنان زلوم، وكتب تقديما لها أستاذ الأدب الأندلسي في الجامعة الأردنية والوزير الأسبق لوزارة الثقافة أ.د. صلاح جرار.
يقول جرار، في هذا التقديم، إن موضوع الكتاب من المواضيع المهمة التي تكشف لنا عن وظيفة الشعر واتصاله بالحياة اتصالًا وثيقًا وخدمته للمجتمعات وانخراطه في همومها وقضاياها ومساهمته في التصدي للتحديات التي تواجهها، وبذلك يكون للشعر قيمته التي يحتفى بها إلى جانب قيمته الجمالية.
ويبين جرار، أن الشعر الأندلسي لم يقف في الأندلس على الحياد، بل انخرط بصورة فاعلة ومؤثرة في الأحداث التاريخية التي شهدتها الأندلس، كالذي نجده في شعر وصف الحروب وتمجيد الانتصارات والأبطال، وشعر الاستنجاد ورثاء المدن والحض على الجهاد وغير ذلك كثير، ولما كان عصر الموحدين (540-667هــ) في الأندلس قد شهد فيه المسلمون انتصارات مؤزرة، مثل موقعة “الأرك سنة 591هــ”، وهزائم مفصلية نكراء، مثل هزيمة “العقاب سنة 609هــ”.
ويضيف جرار “في هذه الحالة، كان لا بد للشعر أن ينهض لأداء دوره في هذه المواجهات، ويحث على الصبر وتمجيد البطولة والأبطال الذين حققوا الانتصارات سواء أكانوا قادة أم أمراء أم خلفاء أم جنودًا أم شهداء أم متطوعين وإبراز فضائلهم وبطولاتهم، ويبحث عن الأبطال في أوقات الهزائم ويستنهضهم بكل ما أمكن من الوسائل البلاغية والفنية”.
ويشير جرار، إلى أن زلوم وقفت في هذه الدراسة الجادة المهمة على قضايا تفصيلية تتصل بصورة البطل مثل: الأبعاد البطولية في الشعر الأندلسي في عصر الموحدين (البعد المادي والبعد المعنوي والبعد الفكري)، وأنماط البطولة كما تجلت في عصر الموحدين (البطل المحارب والبطل المجاهد والبطل القائد والبطل الشهيد). ووقفت بشكل خاص على صورة الخليفة أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن الموحدي بطل موقعة الأرك سنة 591هــ، وبينت أصداء هذا الانتصار الكبير في الشعر وتأثيره على صورة البطل.
ويوضح جرار، أن الباحثة لم تغفل ما كان لهزيمة “العقاب سنة 609هــ”، من أثر على صورة البطل، فخصصت لذلك الفصل الرابع من كتابها، وختمت كتابها بدراسة فنية كشفت فيها عن انعكاسات الحديث عن البطل والبطولة في الأبنية والخصائص الفنية للقصائد التي تناولت هذا الموضوع.
وتقول أفنان زلوم، في مقدمتها للكتاب، إن الغرض من هذا الكتاب هو إبراز صورة البطل في الشعر الأندلسي، وتحديدًا في عصر الموحدين في الفترة التاريخية الممتدة بين العامين 540 -667هـ؛ إذ وقع في هذه الحقبة أحداث كثيرة مفصلية، حيث انتصر الموحدون، ووقعت عليهم هزائم، وظلت أعين الشعراء تتجه إلى القادة والأبطال من أجل تحقيق مزيد من الانتصارات وتجنب الهزائم والصمود أمام محاولات النصارى للاستيلاء على المدن الأندلسية؛ حيث عبر شعراء عصر الموحدين عن هذه الوقائع والأحداث، بما فيها من انتصارات بصورة تعلي من شأن البطولة، مبينين قيم البطولة بمختلف أشكالها في ذلك العصر.
وتشير المؤلفة إلى أنها قسمت الكتاب بعد المقدمة والتمهيد إلى خمسة فصول، يتبع هذه الفصول خاتمة، يتناول الفصل الأول، الأبعاد البطولية في الشعر الأندلسي في عصر الموحدين، فيما يتحدث المبحث الأول عن البعد المادي، وفيه إشارة إلى استعداد الموحدين للجهاد في الأندلس ماديًا من خلال امتلاكهم الأدوات الحربية، والمبحث الثاني: البعد المعنوي، ويتضمن حديث الشعراء عن الروح المعنوية التي أسهمت في تشكل صورة البطل، ويتناول المبحث الثالث: البعد الفكري، ويوضح هدف الموحدين في صراعاتهم الداخلية والخارجية.
ويتحدث الفصل الثاني، عن أنماط البطل في شعر الموحدين، ويشكل هذا الفصل الأنماط المختلفة للبطل، وجميعها يتفق على أن البطل شخصية تمتلك الشجاعة والإقدام والقيادة الحربية، وما إلى ذلك من صفات نبيلة وإنجازات بارزة، يتناول المبحث الأول، البطل المحارب، وينضوي تحت ذلك فروسية المحارب، وبسالته، أما المبحث الثاني فيتحدث عن البطل المجاهد، الذين أَمْلت عليهم طبيعة الحياة وجود أفراد وجماعات تسعى للدفاع عن وطنهم ودينهم، أما المبحث الثالث فهو يتحدث عن البطل القائد، حيث يقدم صورة للبطل القائد كما وصفه الشعراء، فهو يتمتع بصفات إبداعية خلاقة وفريدة، والمبحث الرابع بعنوان البطل الشهيد، إذ قدم الشعراء صورة مثلى للتضحية وبذل الروح في سبيل إعلاء كلمة الله.
أما الفصل الثالث، فهو بعنوان “أبو يوسف يعقوب الموحدي البطل النموذج في معركة الأرك”، وجاء فيه الحديث عن القصائد الشعرية التي تناولت الخليفة أبا يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، وبطولته المثالية بعد أن استطاع القضاء على ألفونسو الثامن ملك قشتالة في معركة الأرك، المبحث الأول: العوامل التي أسهمت في تشكل صورة البطل، أما المبحث الثاني فهو وصف الشعراء نتائج معركة الأرك وانتصار الموحدين على النصارى.
وجاء الفصل الرابع بعنوان “البطولة بين الحضور والغياب بعد معركة العقاب”، الذي يكشف عن الأسباب التي أدت إلى غياب البطل، وقد عبر الشعراء عن ذلك من خلال رثاء مدن الأندلس، يتحدث المبحث الأول، عن تداعيات غياب البطل بعد معركة العقاب، المبحث الثاني: دلالات غياب البطل عند شعراء عصر الموحدين، بينما يتحدث الفصل الخامس عن الخصائص الفنية في شعر البطولة في عصر الموحدين، ويقدم دراسة في خصائص الفنية لشعر البطولة من جوانب عدة، منها: ويتناول المبحث الأول: بناء القصيدة، والمبحث الثاني: الصورة الشعرية، والمبحث الثالث: الصنعة البديعية.
وتبين زلوم، أن أهمية هذه الدراسة تكمن في بيان مدى اهتمام شعراء عصر الموحدين بالبطل واعتزازهم به، فالبطل في عصر الدولة الموحدية لا يقل أهمية عن البطل في باقي العصور السابقة، فقد ضمت بعض الدراسات الأدبية أبحاثًا كان موضوعها البطل والبطولة في الشعر في عصور مختلفة، وقدمت هذه الدراسات والأبحاث صورة البطل للقارئ بمفاهيم وأبعاد مختلفة تبعًا لمعطيات كل عصر وحيثياته وبينت إلى أي مدى تأثر الشعراء بالبيئة والمجتمع المحيط بهم، بحيث تشكلت لديهم صورة البطل من وجهة نظرهم من خلال الأحداث التي شهدها الشعراء بما فيها من أحداث سياسية، واجتماعية، وفكرية، وعقائدية. أما صورة البطل في الشعر الأندلسي في عصر الموحدين، فهي صورة متأثرة بالبيئة والظروف التي عاشتها الأندلس في ذلك العهد.
وخلصت الباحثة إلى أنها أوجزت في كتابها أهم النتائج التي توصلت إليها، من خلال اعتمادها على المنهجين الاستقرائي والتحليلي، بما يتناسب مع هذه الدراسة من خلال العودة إلى دواوين شعراء عصر الموحدين، والمصادر الأدبية والتاريخية والأندلسية للبحث عن صورة البطل، ومن أهم المصادر والمراجع التي مهدت الطريق للكشف عن صور البطولة: “كتاب المن بالإمامة، لابن صاحب الصلاة، الذي يضم أهم القصائد الشعرية في عصر الموحدين، البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب، لأحمد بن محمد المراكشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، لعبد الواحد المراكشي، زاد المسافر وغرة محيا الأدب السافر، لأبي بحر صفوان بن إدريس التجيبي، نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، لأحمد بن محمد المقري التلمساني”.
وفي خاتمة الكتاب، تقول زلوم “عكست بعض القصائد الشعرية في عصر الموحدين أهم الأبعاد التي ساعدت على بناء مجتمع بطولي في عصر الموحدين؛ إذ استعد الموحدون لمواجهة التحديات التي تقف عائقًا أمام غاياته، فكانت هنالك أبعاد مادية، كامتلاك الأدوات الحربية، كالسيف والرمح، وأبعاد معنوية كالعزيمة والإصرار، والصبر والجلد على الصعوبات، وأبعاد فكرية مبنية على إيمان عميق ومبادئ وعقيدة يجب أن يتحلى بها البطل لكي ينجح في القيام بدوره”.
كما تنوعت أنماط البطولة في شعر عصر الموحدين، فنجد البطل المحارب، وهو المقاتل الذي يشارك مباشرة وفعليًا في الحرب، والبطل المجاهد وهو الذي يحارب من أجل فكرة دينية، والبطل القائد الذي يتولى قيادة عسكرية ويتزعمها، لما يمتلكه من مؤهلات وضعته في هذا المكان، وقد تباينت أنماط البطولة بين فردية، وجماعية، ولم يخل المجتمع الموحدي من أنماط أخرى، إلا أن هذه الأنماط هي الأبرز في شعر البطولة.
وتشير إلى أن الصورة البطولية كانت أكثر وضوحًا كما ذكر شعراء عصر الموحدين في عهد الخليفة الموحدي أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، إذ استطاع بذكائه وحنكته أن يبطئ توسع النصارى في الأندلس، فقد تمكن من هزيمة ألفونسو الثامن في معركة الأرك بإعداد جيش مجهز ماديًا ومعنويًا، وعلى الرغم من ذلك تؤخذ على الخليفة بعض الأمور التي تتنافى مع بطولته، كعدم تقديم يد العون للقائد صلاح الدين الأيوبي، ولكن تبقى الصورة التي قدمها الخليفة المنصور صورة مشرقة للمجتمع الموحدي خلال فترة حكمهم.
وكان يقابل تلك الصورة البطولية صورة انهزامية للنصارى، فقد وصف الشعراء في كثير من قصائدهم حال النصارى وهم في فزع وخوف، وخصوا في حديثهم ألفونسو الثامن الذي فر هاربا يجر أذيال الخيبة، وقدم الشعر صورة مؤثرة لمأساة المسلمين في الأندلس بعد غياب البطل، فكل الدلائل والإشارت تؤكد غيابه من خلال رثاء المدن، فقد سقطت إشبيلية وبلنسية، وقرطبة، وغير ذلك من المدن الأندلسية.
ولم يبق بيد الموحدين سوى غرناطة وبعض أعمالها، فعمد الشعراء إلى توجيه خطاب للعامة والخاصة من أجل إنقاذ الأندلس، فقد عاث ألفونسو الثامن فيها فسادًا وعمل على محو الأثر الإسلامي في تلك المدن، فدمر المساجد وأقام على أنقاضها الكنائس، وخرب العمران وأخرج أهلها منها، ولم يكن للموحدين أي دور بطولي بعد معركة العقاب، وعلى الرغم من انتهاء حكم الموحدين في الأندلس العام 667 هــ، ولكن يبدو أن سقوطهم الفعلي كان بعد هزيمة العقاب العام 609 هـ.
وتقول إن شعر البطولة اعتمد على غرض المديح والرثاء، وكثرت فيه عبارات الاستنجاد والاستنهاض، ومالوا إلى استخدام البحور الطويلة، والعبارات الرصينة، والألفاظ الجزلة، والتراكيب القوية مترابطة الأفكار التي تنأى عن التنميق البديعي، واستحوذت الصور الحربية والجهادية وطرائق التعبير القديمة على بعض الشعراء الذين نظموا القصائد البطولية، فهم يتغنون بالانتصارات، ويأسفون الهزائم على الطريقة التي سار عليها السلف، وكأنهم يرون بهذا نوعًا من حفظ التراث الثقافي الحربي والجهادي والقوة في صد العدو، وقد كشف لنا شعر البطولة جوانب قوة وعظمة كانتصار المسلمين في معركة الأرك، وجوانب أخرى من الضعف وسوء التخطيط والتنظيم كما حدث في معركة العقاب.








طباعة
  • المشاهدات: 1393

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم