16-01-2023 09:52 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
كثيراً ما يتم تداول مفهوم الإعلام الرسمي، وكثيراً ما يتم الحديث عنه بوصفه حالةً مختلفةً عن الإعلام الآخر، أيّ غير الرسمي، أو ما يمكن تسميته بالإعلام الخاص، والمجتمعي، وغيرها من المفاهيم، والتي ساد من بينها سابقاً مفهوم الإعلام التنموي، وهو مفهوم طفا على السطح في بلادنا لسنواتٍ ثم غاب، إثر تحولاتٍ عميقةٍ في المشهد.
على أيّة حال، وبالعودة إلى الإعلام الرسمي، فهذا المفهوم برز مؤخراً على الساحة الإعلامية، وبات يُحمَل أكثر من اللازم، من جهة أنّ الإعلام هو ما بين رسميٍ وغير رسمي، رغم أنه وبمهنه كافة، سواء أكان الصحفي، أم المرتبط بوظائف أخرى مثل التلفزة والإذاعة وغيرها، هو إعلام، ووظيفته الأساسية ومنطلقه، هو الناس، وهمومهم، والمسؤول وتقصيره.
ونظرة إلى مشهدنا الإعلامي الأردني، فإنّه يوجد لدينا في الأردن، مساحات أخرى، ومشهد أوسع، بعيداً عن مفاهيم الإعلام الرسمي وغيره، والتي لا تعطي صورةً حقيقية عن واقع مشهدنا المحلي.
وفي إعلامنا المطبوع، فإنه وبحسب موقع هيئة الإعلام (128) موقعاً إلكترونيًا، هي في غالبيتها العظمى ملك لأشخاصٍ أو شركاتٍ، أما بالنسبة إلى الصحف المطبوعة، وبالرجوع إلى ذات موقع الهيئة، فإنّ عددها يبلغ (32) صحيفة تتنوع ما بين يوميةٍ وأسبوعيةٍ وشهريةٍ، ويوجد لدينا (60) مطبوعة ورقية متخصصة، بين الاقتصادي والطبي والعائلي.
كما يوجد (38) محطة بث إذاعيٍ تتنوع غاياتها ما بين الإعلام المجتمعي، والملكية الخاصة، بالإضافة إلى (23) محطة فضائية تبث من الأردن، ولكن المحلية منها لا يتجاوز عددها العشر محطات، بالإضافة إلى عشرات شركات الإنتاج.
إذاً، يوجد حيوية بالأرقام، يعبر عنها نظرياً التنوع الكبير في الغايات والمُنتجات المتنوعة، ولكن، الأكثر استحواذا على المتابع أو الجمهور، هو بعض أسماءٍ ليومياتٍ وفضائياتٍ وإذاعات، وهذه الأسماء تزدحم المنافسة بينها، وهي جميعاً تحاول الوصول إلى الجمهور، الذي أغرقته منصات التواصل الاجتماعي، وأدوات التحول، وهذه حالة عابرة، ولا تقتصر على الأردن وحده، ذلك أنّ النقاش حول التنافسية أو التكاملية بين وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي هو نقاش يمتد عبر العالم، ويصل حتى إلى الولايات المتحدة الامريكية، ما دفع مالك ومؤسس موقع «فيسبوك»، إلى التصريح مرةً، إنّ «فيسبوك» ليس موقعاً إخبارياً.
غير أنّ ما يهمنها في هذه العجالة، وفي ضوء ما ذكرناه آنفاً، أنّ ندعو إلى تجاوز تصنيفات الإعلام، من رسميٍ وغيره، وأنّ لا يبقى ما يوصف بأنه رسمي أسير عقليةٍ تجاوزها الزمان، فالغاية والرسالة واحدة، وفضاؤنا الأردني رحب بفكره، وامتداده، وهو يمتلك إرثاً جيداً، وصلت بروافده إلى مجتمعاتٍ مجاورةٍ، وأسهم بتأسيس مدارسها الإعلامية، وهي حالة ما تزال لدينا محل فخر.
إنّنا اليوم، وفي ضوء تحولاتٍ متسارعة، بتنا بحاجة إلى مغادرة عقلية التفكير بالرسمي وغير الرسمي، إلى فضاءٍ أرحب، يكون فيه الإعلام، ورسالته هو الغاية، فالبقاء ضمن عقلية «الرسمي» وأنه مختلف عن الآخر في طرحه، هو مفهوم يجب أنّ نغادره لنستطيع إيصال الرسائل المطلوبة للناس، من منطلق الدولة بمفهومها الواسع الرحب، أيّ الدولة التي تمثل المجتمع، وفلسفة الأردن، وتكون منسجمةً مع غايات الناس.
وإذا ما كان البعض يحاول التذرع بـ «السقف» فإن تجربتنا، تمتلك سقفاً جيداً، يسمح بالحوار حول العديد من القضايا، وقد قادت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً الكثير من التحولات، وصنعت رأياً عاماً، في وقتٍ تراجعت فيه بعض الوسائل الإعلامية، أو تراخت في التعاطي معه، من منطلق التفكير بالرسمي وغير الرسمي، من جهة هويتها، في وقتٍ اندفعت به بعض صفحات التواصل الاجتماعي، ما ترك مساحةً او فراغاً، غابت فيه أو تأخرت الرواية الإعلامية الرصينة.
فأولويات الأجندة الإخبارية، وذهنية التعاطي مع الوقائع، والولوج إلى القضايا التنموية، ومشاريع الإصلاح التي على الطاولة بحاجةٍ إلى حوارٍ، تقع قيادته في صميم مسؤوليات الإعلام، بتصنيفاته كافة.
واليوم، ننتظر اكتمال مشروع وزارة الاتصال الحكومي، التي دشنت مؤخراً صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأدوارها وغاياتها في صُلب مشهدٍ متغيرٍ بحاجة إلى مغادرة حقل التصنيفات، والتركيز على الغايات.. فباب الإعلام أوسع من تصنيفاتٍ، تجاوزها الزمان والجمهور..!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-01-2023 09:52 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |