بقلم : سهير بشناق
الاشياء العميقة والصادقة جدا لا تتكرر كثيرا بالحياة بل قد تحدث لمرة واحدة فقط... نعيش بعدها ونحن نحاول إقناع أنفسنا بأنه لا معنى «لمرة واحدة فقط» لأنها الحياة التي تحمل لنا دوما أناسا مختلفين... ومواقف آخرى.. وأصدقاء... وأحباء..

ولكن مع مرور السنوات والتجارب والخبرات ندرك أن هناك اشياء لا تتكرر تحدث فقط مرة واحدة تماما كالعمر.. فكلما مر عام من أعمارنا لا يمكن أن نستعيده أو نعيد أنفسنا لسنوات مضت..

في حياة كل منا إنسان لا يتكرر لربما كان حبيبا أو صديقا... أو إنسانا عابرا لم تسعفه الأيام والظروف للبقاء معنا لكنه لا يتكرر..

في حياة كل منا موقف ما... لحظات لا تتكرر لا يمكنه مهما استغرق بالحياة أن تفارقه تلك اللحظات التي تستوطن أعماقه..

لا تتوقف الحياة أبدا عند فراق الأحبة وانتهاء الصداقات مهما كانت تلك العلاقات عميقة... لن تتوقف الحياة عندها ستمر فوق جراحنا وستمضي بنا.. تحمل معها صداقات جديدة وأحباء آخرين.. ومواقف كثيرة.. لكننا ندرك في أعماقنا أن كل البدائل التي تقدمها لنا الحياة لن تمحي من ذاكرتنا لحظات لن تتكرر... ووجوها أدمنا تفاصيلها.. وقلوبا كنا نحيا بها ومعها...

لن تتكرر...!!

تلك اللحظات... تعود إلينا كلما مر على اسماعنا اسماء أناس نحن وهم كنا مختلفين لن يتكرروا..

تلك اللحظات تعود إلينا كلما استغرقنا بالآخرين وتملكنا الحنين لما مضى... لاشياء لا تتكرر.. لأن كل لحظات الصدق والعمق التي كنا نحياها هي يقيننا بأن هناك قلوبا لا تتكرر... وصدقا لا يمكننا أمامه إلا أن تكون نحن فقط مهما حاولنا أن نتبدل ونتغير لا نستطيع...

في أوراقنا المتعبة.. وبين سطور مذاكرتنا اسماء لا تتكرر... وحروف من الفرح الراقصة على وجودنا الذي لن يتكرر..

في ثنايا الذاكرة... تحيا بنا تفاصيل لقصص الحب والصداقات والصدق والبراءة التي لن تتكرر...

لربما الاشياء العميقة بالحياة لا تحدث مرتين.. ولربما القلب.. وإن أحب مرات ومرات لا يمكنه ان يتناسى تلك النبضات الاولى التي لا يعلم لماذا لم تتكرر مرة آخرى بذات الشغف والاختلاف والعمق...

لربما ذاكرتنا أصبحت مثقلة بالآخرين وبالمواقف وبتفاصيل الحياة التي تستنزف وجودنا يوما تلو الآخر وتاخذنا إلى أماكن اخرى بالعمر نفقد قدرتنا على أن نحيا حقا ونتمسك بلحظات الحياة... لكننا ما نزال نرتبط بكل ما لا يتكرر مرة آخرى دون أن نعي ذلك... فالاشياء العميقة لا تتكرر كثيرا..

حب مضى... صديق غاب... سعادة غمرت وجودنا.. صدق مع أنفسنا ومع أناس لن يتكرروا... جميعها تختصر.. حقيقة العمر..

عندما يغادرنا كل عمق وكل صدق وكل ضعف... وكل فرح وجودي.. ندرك أن هناك أناسا لا تتكرر وقلوبا لا بديل عنها.. ولحظات لا يكررها الزمن..

أي حنين ووجع يسكن قلوبا بحياتها اشياء لا تتكرر... وما تزال تحيا..