حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3428

ليالي أُنْس تطوير الثّانويّة العامّة

ليالي أُنْس تطوير الثّانويّة العامّة

ليالي أُنْس تطوير الثّانويّة العامّة

22-01-2023 10:14 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور عماد نعامنة
منذ ما يقرب من نصف قرن غَبَرَ ودرَس، والأوساط التربويّة وأسيادُها التعليميّة تلوك بألسنة عجاف مسألة تطوير امتحان الدراسة الثانويّة العامّة في أردنّنا الحبيب، ولولا استحيائي من عروبتي لسمّيتها قضية لا مسألة، ولقرنتها بقضية العروبة والسّماء القضية الفلسطينية السليبة التي ناف عجز أمّتنا عن حلّها على نصف قرن وفوقه ربع منه آخر أو كاد.
حقًّا، لقد بتنا نستحيي من أنفسنا ونحن نسمع على امتداد خمسين سنة ما يتردّد في عتبات وزارة التربية والتعليم ومكاتبها عن تشكيل اللّجان وعقد الجلسات وتجاذب أطراف الحديث، ثم ما تلبث أنْ تتبخّر وتتلاشى، وربّما يُكتفى منها بقشور ليوضع موضع التطبيق، فيبدو هذا إلى الترقيع المقلوب أقرب منه إلى التطوير المطلوب.
ولستُ بذاهبٍ شأْوًا بعيدًا إنْ زعمتُ أنّه كلّما جاءت لجنة نقضت غزلَ أختٍ لها خلَتْ من قبلها – وربّما لعَنَتْها– حتى إذا ولّتِ السابقة تبسّمت اللاّحقة ساخرةً ولسان حالها أنْ أضلَّتنا تلكم السابقة سواء السبيل، فتنقض غزْلَها من بعد إِحْكامه أنكاثًا، وتعتلي نوْلَها من جديد، وإذْ بغزْلها هي الأخرى كبيت العنكبوت بلْ أوهى، وكأنّنا نحيا في دولة شخوص تتوالى لا مؤسّسات تتجذّر؛ فلا ديمومة والحالةُ هذه للسياسات، وإنّما مَن يتسيَّد الحلبة يؤمئذ ليس سوى المتنفّذين من كِبار السّادات وعِلْية الشخصيّات ممّن تبسّمت في وجوهم الحياة، ولعبتْ في أيديهم الحظوظ.
ويكاد يتّفق كثيرون أنّ ما طالَعَتْنا به لجان تطوير امتحان الثانويّة العامّة من إجراءات أو اجتهادات حتّى هذه اللحظة لا يرتقي إلى تطوير الجوهر، هذا إنْ لم يكن يمتّ للتطوير بِأدنى صِلَة أو سبب، فليس من التطوير في شيء عقد الامتحان على دورة أو دورتين، أو عام وعامين، ولا تحديد مباحث مشتركة وأخر تخصّصيّة، ولا التَّقلُّب بين شكل امتحانيّ وآخر بأسئلة موضوعيّة وأخرى مقاليّة، أو زيادة نسبة أحدها على الأخرى، ولا كيفيّة احتساب معدّل الطالب من مئة أو من ألف وأربعمئة، ولا بتكريم مباحث والغضّ من شأن مباحث أخرى بجعْل بعضها إجباريّة وأخرى اختياريّة، أو نصف إجباريّة يُمتَحنُ فيها نجاحًا أو رسوبًا ثم تُحذَف كما هو حال اللغة العربيّة المسكينة المنقوص حقّها إنْ لم يكن مهضومًا..... إلّا أنّ كلّ تلك الإجراءات وغيرها ممّا شاكلها وماثلها لا تعدو كونَها تحسيناتٍ شكلانيّة وتجميلاتٍ مَظْهريّة.
فكلّ تطوير لا يشمل عناصر المنظومة التعليميّة التّعلُّميّة طالبًا ومعلّمًا وإدارةً ومباني مدرسيّة ومرافقها، وقوانينها وأنظمتها وتعليماتها النّاظمة وخططها وكيفيّات إدراة تلك الخطط وتنفيذها، ناهيك عن مصفوفة التقييم المدرسيّة على مدار ثماني عشرة عامًا، فأَوْلى بوزارة التربية والتعليم، ثمّ أوْلى بها أنْ تبدأ في انطلاقتها التطويريّة النّهضويّة من أوّل يومٍ يجلس فيه الطلبة على مقاعد الدّرس في أوّل صفّ مدرسيّ، وإلّا فإنّ حديثًا عن تطوير يبدأ من القمّة أو رأس الهرم، كتطوير امتحان الثانويّة العامّة بمعزل عن تطوير المنظومة التقييميّة التقويميّة في المرحلة الأساسيّة أو قاعدة الهرم سيغدو هشيمًا تذروه الرّياح، فكيفَ يكنِ التّعليم يكنِ التّقييم، وكيف يكن التّقييم يكن التّعليم.
إنّ تطويرًا يتوقّف على مجالَي التّقييم والتّقويم فقط دون تطوير عناصر العمليّة التّعليميّة التعلّميّة جميعها هو تمامًا كزبد البحر يذهب جفاء، بل مثل ليالي الأنس في ليالي السّمر يتجاذب فيها سُمّار الحيّ أطراف الحديث، ثمّ يغادرون كما الْتَقَوْا بأيادي خاوية إلّا من أوراق بيضاء، فكلام الليل يمحوه النّهار.
أكتفي في هذا المقال التمهيديّ بهذا القدر، فثمّة مقالات قادمة سأبسط القول فيها عمّا يتلجلج في دهاليز محاولات تطوير الثانويّة العامّة وغياهبها.


بقلم: الدكتور عماد زاهي نعامنة
خبير تربويّ مناهج، ومدرِّب دوليّ مُعتَمَد








طباعة
  • المشاهدات: 3428
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-01-2023 10:14 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم