29-01-2023 08:55 AM
بقلم : د. عدلي قندح
توفر الميزانية العمومية للبنك المركزي نظرة ثاقبة لإجراءات السياسة النقدية التي يتخذها البنك المركزي، مثل سياسة التيسير الكمي أو عمليات السوق المفتوحة أو السياسة النقدية الانكماشية. وبصورة مبسطة، تعكس ميزانية للبنك المركزي تطور موجودات (أصول) ومطلوبات (خصوم) البنك المركزي خلال عام. وتشتمل الأصول عادةً على أشكال مختلفة من الأوراق المالية الحكومية واحتياطيات العملات الأجنبية والقروض للبنوك التجارية وللحكومة المركزية. بينما تشتمل المطلوبات عادةً على النقد المتداول وودائع البنوك التجارية وودائع الحكومة ورأس المال والاحتياطيات والمخصصات.
فقد شهدت ميزانية البنك المركزي تطورات بسيطة محدودة خلال العام 2022 مقارنة مع العام 2021 في جانبي الموجودات والمطلوبات، عكست سياسة البنك المركزي الانكماشية وتدخلاته لمواجهة تداعيات الصدمات التي تعرض لها الاقتصاد خلال العام المنصرم وأهمها تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وأثرها على مستويات الاسعار العالمية وخاصة اسعار المشتقات النفطية والسلع الاساسية والغذائية وما ترتب عليها من ارتفاعات في مستويات الاسعار التي رفعت معدلات التضخم على المستوى المحلي لتتجاوز 4% خلال عام 2022 مقارنة مع 1.35% عام 2021.
وقد كانت أبرز تلك التطورات تراجع حجم اجمالي الموجودات بنسبة 3.8% في نهاية عام 2022 مقارنة مع نهاية 2021، وذلك نتيجة لتراجع الموجودات الاجنبية بنسبة 4.2% وتراجع الموجودات المحلية بنسبة 2%. وقد جاء تراجع الموجودات الاجنبية محصلة لتراجع بند نقد وأرصدة وودائع جاهزة بنسبة 10.4% والتي قابلها زيادة موجودات البنك المركزي من الذهب بنسبة 7.2% أو من ما قيمته 2.6 مليار دينار الى 2.8 مليار دينار، نتيجة شراء حوالي 137,580 أونصة من الذهب لتعزيز محفظة الاحتياطيات وتنويعها لدى البنك المركزي. وكانت النتيجة أن وصل رصيد اجمالي الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي، بما فيها الذهب وحقوق السحب الخاصة، في نهاية عام 2022 الى 17.3 مليار دولار، وهي احتياطيات أكثر من كافية وتغطي حوالي 7.5 شهرا من المستوردات، مقارنة مع معايير دولية تتطلب تغطية 3 اشهر من المستوردات فقط.
أما في جانب الموجودات المحلية، فقد تراجعت بنسبة 2% في نهاية العام 2022 مقارنة مع نهاية 2021، وذلك بالرغم من نمو محفظة البنك المركزي من سندات واذونات الخزينة الاردنية بنسبة 22.4%.
أما في جانب المطلوبات، والتي تبين حجم التزامات البنك المركزي تجاه عامة الناس والبنوك والمؤسسات المالية والحكومة، فقد أظهرت أيضا بعض ما قام به البنك المركزي من تدخلات لمواجهة تداعيات الصدمات الخارجية التي أثرت على البنك المركزي.
فقد تراجع بند ودائع البنوك لدى البنك المركزي بنسبة 5% في نهاية عام 2022 بالمقارنة مع العام 2021 وذلك محصلة، من جهة، لإصدار شهادات ايداع خلال الاشهر الخمسة الاخيرة حيث وصل رصيدها في نهاية السنة 600 مليون دينار هدفه امتصاص جزء من السيولة المتوفرة في السوق لمحاربة التضخم، وتعتبر شهادات الايداع إحدى أدوات السياسة النقدية المستقلة التي يمتلكها البنك المركزي للتحكم بالسيولة في السوق، وكان رصيدها صفراً في السنتين 2021 و 2020. ويبدو أن البنك المركزي قد عاد لاصدار شهادات ايداع خاصة به كوسيلة للتحكم بحجم السيولة في السوق بهدف محاربة التضخم. ومن جهة ثانية، ارتفاع بند أموال الاحتياطي النقدي الالزامي بنسبة 9.1% في نهاية عام 2022 مقارنة مع نهاية 2021.
أموال الاحتياطي الفائض، وهي أموال فائضة لدى البنوك تودعها لدى البنك المركزي، تراجعت بنسبة 43.9% وهذا يفسر استخدام البنوك جزءا من هذا المبلغ لشراء شهادات الايداع التي أصدرها البنك المركزي. كما أن هناك ما يقارب 3.5 مليار دينار ودائع بفوائد للبنوك مودعة لدى البنك المركزي وهي بمثابة سيولة جاهزة تستخدمها البنوك لتلبية احتياجاتها لأغراض مختلفة، وهذا المبلغ كان حوالي 1.5 مليار دينار فقط قبل خمسة سنوات.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-01-2023 08:55 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |