02-02-2023 08:42 AM
سرايا - بدعوة من رابطة المرأة العربية النمساوية في فينا، قدمت د. نهلة الجمزاوي محاضرة حول “إشكالية الأدب النسوي وهموم المرأة العربية المبدعة”، في ظل الكوارث التي تغرق الساحة العربية من احتلالات عسكرية واضطهادات سياسية واجتماعية واقتصادية.
المحاضرة التي أدارتها رئيسة الرابطة ماري كرياكي وبحضور نخبة من المثقفين، استعرضت فيها الجمزاوي الاصطلاحات اللغوية والدلالات المختلفة لمفهوم الأدب النسوي، مشيرة إلى تاريخ نشوء هذا المصطلح الذي اقترن بحركات التحرر في العالم الغربي ولا سيما الحركات النسوية وشعارات الثورة الفرنسية.
وأشارت الجمزاوي إلى دخول هذا المصطلح إلى الأدب العربي بطريقة ميكانيكية لا تتسق مع الواقع العربي بشكل دقيق. وعبرت عن رأيها في أن الأدب فعل ذهني ثوري يهدف إلى معالجة قضايا الحياة وهو نتاج عقلي إنساني لا يمكن تصنيفه وفقاً للنوع البيولوجي لصاحبه.
وأكدت أن المغالاة في استخدام هذا المصطلح من قبل البعض هو تمييز ضد المرأة المبدعة وتقزيم لنتاجها الأدبي، وارتأت أن النص الأدبي الجيد هو الذي لا يشي بجنس صاحبه ذكراً كان أم أنثى فالقضايا المعيشية والهم الإنساني لا يقع على أحدهما دون الآخر.
وناقشت الجمزاوي قضية الاختلاف حول معنى المصطلح بين النقاد فقالت: “إن هناك جدلا كبيرا حول هذا المصطلح النقدي الذي ألمس فيه تمييزاً مبطنا ضد المرأة الكاتبة.. إذ اختلف النقاد على معنى هذا المصطلح ودلالاته وفيما إذا كان يعني الأدب الذي يعالج قضايا المرأة سواء كتبه رجل أو إمرأة .. أم الأدب الذي تكتبه المرأة بغض النظر عن موضوع الكتابة.. من هنا استعرضت مواقف بعض النقاد إزاء ذلك، فمنهم من يسمي التفسير الأول أدباً نسويا أو أثوياً، والثاني أدباً نسائياً.. وهناك من لا يعجبه المصطلح رغم إقراره بوجود سمات للأدب الذي تكتبه المرأة فيما أكدت الجمزاوي، أنها لا تنسجم فكرياً مع كل التصنيفات السابقة فهناك نص جيد، ونص ردريء بغض النظر عن الجنس البيولوجي لمنتجه، أو طبيعة الموضوعات التي يعالجها النص.
واستعرضت الجمزاوي عدداً من الشخصيات الأدبية على مر التاريخ على الصعيد العالمي والعربي والمحلي.. رجالا ونساءً ممن تم احتسابهم من قبل النقاد على الأدب النسوي، سواء ممن اعترفوا بالنسوية أم لم يعترفوا بها.
وعن هموم المرأة العربية المبدعة؛ أشارت الجمزاوي إلى أن الهم العام للإنسان العربي يحاصر المبدع العربي عموماً، سواء رجلاً كان أم امرأة، فالفقر والاحتلال واللجوء والألم وقمع الحريات، ظروف شمولية مست المجتمعات العربية برمتها، وتلك ظروف عامة لم تطال المرأة وتستثني الرجل، كما أن تداعيات تلك الظروف أثرت سلباً على المنتج الإبداعي للإنسان عموماً ولا سيما الأدب، إلا أن الثقافة الاجتماعية العربية ومقيداتها، ربما أضرت بالمرأة بوصفها مدبرة شؤون البيت ومكلفة بالكثير من الظائف الحيوية والاجتماعية التي لم تسقط عن كاهلها، حتى وإن كانت عاملة أو مبدعة، وربما انعكس هذا على إبداعها بصورة أكبر فافتقرت إلى الوقت والحرية والصفاء الذهني الكافي لإنجاز أعمالها الأدبية.
كما أن الساحة الثقافية العربية أيضاً جعلت من نتاج المرأة أحياناً عرضةً للتهميش والتشكيك ومحاولة التقزيم، ومن ذلك نشوء المصطلحات النقدية الذكورية مثل الأدب النسوي/ الأنثوي/ النسائي..الخ. ورغم كل الإرهاصات السابقة ظهرت قامات إبداعية حفرت أسماءها عنوة على صفحات الساحة الثقافية العربية والعالمية. واختتمت الأمسية بحوارية مميزة بين الجمزاوي والحضور الذي تميز بنخبويته وثقافته الواسعة فيما أدارت الحوار الأديبة والناشطة الاجتماعية ماري كرياكي.