حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,24 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3929

التعقيد الاقتصادي .. أمامنا فرصة كبيرة!

التعقيد الاقتصادي .. أمامنا فرصة كبيرة!

التعقيد الاقتصادي ..  أمامنا فرصة كبيرة!

05-02-2023 08:55 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. عدلي قندح
تلوح في الأفق الأردني فرصة كبيرة لزيادة وتعزيز تعقيد الاقتصاد الاردني بعد أن أشارت آخر الدراسات الصادرة عن مختبر هارفرد للنمو الى أن الاردن كان يحتل مكانة جيدةً في مؤشر التعقيد الاقتصادي Economic Complexity Index ECI بالرغم من انخفاض دخله وصغر حجم اقتصاده، حيث احتل عام 2020 المرتبة 59 من بين 131 دولة في العالم بعد أن كان يحتل المرتبة 48 عام 2008.

ومؤشر التعقيد الاقتصادي هو مؤشر صاغه الاقتصاديان ريكاردو هاوسمان من جامعة هارفرد الاميركية وسيزر هيدالجو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الاميركي عام 2009 يقارن الدول ببعضها على أساس تعقيد وتنوع اقتصاداتها. ويعتمد المؤشر على نوعين أساسين من البيانات لتحديد مستوى التعقيد الاقتصادي بكل بلد: أولاً، الانتشار، ويدرس عدد الدول التي تستطيع صنع مثل هذه المنتجات. وثانياً، التنوع، ويقيس عدد المنتجات المختلفة التي ينتجها البلد. وبشكل أكثر تحديداً، يعتمد مؤشر التعقيد الاقتصادي على عاملين هما تنوع صادرات الدولة الذي يدل على تنوّع المعرفة الإنتاجية المنتشرة بين أفراد المجتمع، و درجة تطور هذه الصادرات التي تدل على القيمة المضافة لاقتصاد الدولة.

فعلى سبيل المثال، اذا كان بلد ما يستطيع انتاج عدد قليل من السلع فان اقتصاده ليس «معقداً» وايضا ان نجح البلد في طرح تشكيله من المنتجات لكنها «بسيطة» في تركيبها فلا يكون الاقتصاد معقداً ايضا.

ويشير مفهوم التعقيد الاقتصادي إلى تنوع وترابط صناعات الاقتصاد. فالاقتصاد الأكثر تعقيدًا هو الاقتصاد الذي يحتوي على مجموعة واسعة من الصناعات ودرجة أكبر من الاعتماد المتبادل فيما بينها. ويعكس التعقيد الاقتصادي مقدار المعرفة التراكمية المضمنة في الهيكل الإنتاجي للاقتصاد والتي تنعكس على قدراته الانتاجية. وتشمل القدرات الإنتاجية كل من البنية التحتية، والأراضي، والقوانين، والآلات، والأشخاص، والكتب، والمعرفة الجماعية. ونظرًا لصعوبة قياس مثل هذه القدرات الإنتاجية المتنوعة والمعقدة ومقارنتها، طور الباحثان هاوسمان وهيدالجو مؤشر التعقيد الاقتصادي، والذي يحاول قياس القدرات بشكل غير مباشر من خلال النظر إلى مزيج المنتجات التي تصدرها البلدان. والسؤال اذي يطرح ويحتاج الى اجابة هو «هل تؤدي زيادة تعقيد المنتج وتنوعه إلى نمو اقتصادي على المدى الطويل؟».

أجابت احدى الدراسات التي أجريت باستخدم بيانات مجمعة من 31 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) وتغطي الفترة من 1982 إلى 2017، على سؤال «هل يعتبر مستوى تعقيد المنتج محدد جيد للنمو الاقتصادي على المدى الطويل؟». وكانت النتيجة أن مؤشر التعقيد الاقتصادي له تأثير إيجابي كبير على النمو الاقتصادي وعلى الدخل الفردي. ومن أبرز الامثلة، تنوع وتعقيد منتجات دول مثل سنغافورة وأميركا والمانيا واليابان ومساهمتها في نمو هذه الدول بشكل كبير.

وقد وجدت الأبحاث التي يجريها مخبر النمو في جامعة هارفرد أن البلدان التي تكون صادراتها أكثر تعقيدًا تنمو بشكل أسرع. لذلك يمكن أن يكون الدافع وراء النمو هو تنويع المعرفة لإنتاج مجموعة أوسع وأكثر تعقيدًا من السلع والخدمات.

وعودة للاردن، حيث تشير الدراسات الى أن هناك تركز كبير في صادرات الأردن من السلع في منتجات متوسطة التعقيد مثل الكيماويات والمنسوجات، وأن النمط المثير للقلق هو أن نمو الصادرات جاء من المنتجات منخفضة ومتوسطة التعقيد، وخاصة الملابس المنسوجة والمنتجات الكيماوية غير العضوية. وهذا يعود الى حقيقة أن أكثر من نصف الانتاج الصناعي الاردني يقع ضمن الصناعات قليلة الكثافة التكنولوجية.

اذن يمكن القول إن التعقيد الاقتصادي عامل مهم في زيادة نمو الصادرات ويجب أن يأتي من المنتجات المتوفرة في الاردن بمختلف أنواعها وأشكالها. فبدلاً من تصدير البوتاس والفوسفات والخضار والفوكه والملابس بشكلها الخام والبسيط، يجب تصنيعها وتعقيد مكوناتها لتصبح قيمتها المضافة أكبر وأغلى. وبدلا من انشاء شركة في الاردن ونقلها للخارج أو بيعها لشركة عالمية يجب الابقاء عليها داخل الاردن لتنعكس قيمتها على الاقتصاد الاردني لتساهم في زيادة تعقيده ورفع قيمته المضافة.

واخيراً، لا بد من إعادة النظر في الهيكل الإنتاجي للاقتصاد الأردني على المدى الطويل، لأنه لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي مستدام وزيادة مستوى التعقيد من خلال الإبقاء على الهيكل الإنتاجي الحالي وبدون تطوير واستقطاب لصناعات جديدة. وهناك حاجة ماسة لسياسة صناعية شاملة تركز على القطاعات والمنتجات ذات القيمة المضافة وترفع من التعقيد الاقتصادي لتحقيق الازدهار للاقتصاد الأردني. رؤية التحديث الاقتصادي تركز في احدى محاورها على زيادة الصناعات عالية القيمة لتطوير الأردن ليكون مركزًا للصناعة في المنطقة من خلال رفد الصادرات سريعة النّموّ بالمنتجات المتميّزة وذات القيمة العالية.








طباعة
  • المشاهدات: 3929
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-02-2023 08:55 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم