08-02-2023 09:43 AM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
تُشكل المُساعدات الإنسانية واحدة من أدوات العلاقات الدولية المتعارف عليها، والتي اعتبرتها بعض الدول فرصة لتحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية للدول التي تقوم بتقديم المُساعدات للدول المُتضررة من الكوارث كالزلازل والظروف الطبيعية وغير الطبيعية وفق منظوري الواقعية السياسية والبنائية في العلاقات الدولية ، وهي المصالح الدبلوماسية ذات الصفة الأمنية والعسكرية، المصالح الاقتصادية والتجارية والتي تنال أهمية إضافية في تحديد توجّهات تلك الدول ، والمصالح الثقافية والأيديولوجية .
وتساهم المُساعدات الانسانية في بناء صورة ذهنية داخلية وخارجية قائمة على التفوق والريادة العالمية لهذه الدول خاصة في مجالات الانقاذ والاسعاف ، وزالة الانقاض بشك يُسهل عملية البحث عن ناجين ومصابين لديهم مساحة من الامل في العيش ، وهو أمر يحاول الكثير من الزعماء، وخاصة في الدول الصاعدة صناعته بشكل مُنظم من خلال برامج مُتقدمة لا تقف عن الاستجابة التقليدية ، وتدرك هذه الدول أن تقديمها للمُساعدات يعكس على الأقل من الناحية النظرية سيطرتها على الأزمة الداخلية، وامتلاكها القدرة فوق ذلك على مدّ يد العون للآخرين.
وقد سمحت الكوارث والزلازل بإحداث تغييرات آنية في خارطة الاحتياج الإنساني، الأمر الذي سمح لدول فقيرة تتلقى المُساعدات تاريخياً بتقديم الدعم الإنساني لدول في قد تحسب انها لا يقدر عليها احد ، وان مجالات المناورة لديها في كافة المجالات ذات مساحات واسعة ، وتمكنها من القدرة على السيطرة في مجالات عدة .
وتترك صورة النمُساعدات الانسانية آثارها في المحافل الدولية وبشكل مؤثر لا يعرف المواربة ، وفي قدرة الدول التي لها خبرات واسعة في الانقاذ والاسعاف على دعم تحركاتها الدبلوماسية.، بغض النظر عن صغر مساحتها او حجم قوتها من منطلق ان المُساعدات الانسانية لا تعرف حدود ولا قدرات الدول ، ان كان هناك نية لتعظيم الاعلى على الادنى .
كما تترك آثاراً أكثر أهمية على المستويات الداخلية، حيث تُعزّز هذه التحركات من الشعور بالاعتزاز الوطني، وبانتماء المواطنين إلى دولة قادرة على مدّ يد العون للآخرين. ويتعزّز هذا الأمر في حالة الدول التي تُقدّم بالفعل مستويات متميزة من الأداء في عمليات الانقاذ والاسناد والاسعاف والاخلاء ، والوصول الى ناجين بين الانقاض ، كما تُسهم هذه المُساعدات في منح السلطات مادة للدعاية المحلية للدولة عن الدور وحجمه والمكانة العالمية للدولة.
وتُظهر هذه المُساعدات إمكانيات الدولة الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، ومتانة بنيتها الحيوية، والتي تسمح لها بتقديم يد العون للآخرين في الوقت الذي تواجه فيه بنجاح أزمة مُماثلة لما يواجهونها. ويمكن أن تنعكس هذه الصورة إن كانت تمثّل الواقع فعلاً في تعزيز التموضع الدولي للدولة لاحقاً ، وتوسع علاقاتها مع دول اخرى لما انعكس من جهود خلال مُشاركتها في المٌساعدة في منح اروح كثيرة على الاستمرار في الحياة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-02-2023 09:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |