11-02-2023 11:00 AM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
أنّ الجميع يتلّكم وينشر عن الخذلان وخيبات الأمل ويبدع في التعبير عنْها وعن آلامِها وما تخلِّفه في أنفُسِهم،الخيبة والفقد وجهان لعملة واحدة ولكنّهما مختلفان في طبيعة المشاعر التي قد تسود بعدهما فالفقد قد لانكون طرفا خاسرا فيه، وأنه واقع لا مفر منه، على عكس الخذلان حيث اننا قد نكون طرفا مباشرا فيه، أو سببا من أسبابه، كما أن أثره قد يطول في النفس الإنسانية، والانفعالات الناتجة عنه مختلفة ففي الفقد نُظهِر حُزننا ونبكي حُزننا دموعاً، نصبر ونحتسب ونلتجأ إلى الله تعالي، وفي الفقد يجتاحنا شعور بالرضى ونتألم في نفس الوقت،وفي الفقد نتعايش مع حزننا ونؤمن أن الابتلاء حق وأنّه لا عودة لمن رحل عنّا، فلا نملك إلاّ تعهٌّدَنا له بالدّعاء فلا شوق ولا حنين يُرجعهم إلينا، ولا عابر يٌطمْئِننا عليهم، فقط نتمنّى أن نجتمع بهم عنده سبحانه، في الفقد قبول واستسلام بأن أمر الله كلُّه خير، فالفقد هو الشعور الحقيقي لأصل الحياة، وقد نكون أقوى مما كنّا عليه، وقد يكون نقطة انطلاق لنا للأفضل، ففي الفقد يشاركنا الآخرين حزننا وإنْ رأونا ضعفاء،فالفقد يقتل فينا أشياء ولكنّه يزرع فينا الكثير ونفهم أن الضرورة مهما كان الحال ففي الخيبات لا نتسلّح بالصبر ولا نرضى بأقداره وأن كلّ شيء بيَدِه الله وأنّه فصل من حياتنا كُتِب علينا أن نَعيشَه، ولكنّ الخيبات تترك فينا اثرا عميقاً ويَصعُب رَدمَه سريعاً فهو شعور العاجز عن التّقدم، وخلل في السيطرة على المشاعر وسحابات من الخوف فنفقد الأمل ونمارس الهُروب من كلِّ شيٍء لأنّنا لا نملك سوى التّوجع فنتمنى لو أنّنا بدون مشاعر لثقل ما تحمله أرواحنا ،فتنطفئ مصابيحنا ونبكي احيانا بصمت،ولا نسمح للناس برؤية انكسارنا،نريد أن ننسى الخذلان وخيباته كما يقال فيه موت كثير قبل الموت الأخير، وكأنّنا اكتفينا من كل شيء في هذه الحياة، تتغيّر فينا معان كثيرة، فتصبح السعادة والروحانية والإنسانية مجرّد أوهام أو أنّنا لا نستحق السعادة فنجعل الخذلان والخيبة وطناً في انفسنا وتُمرض قلوبنا لما تكدّس فيها من طعنات الخيبة والخذلان فالمؤمنون هم الذين يخوضون غمار الحياة، راضين فالحياة لا تنتهي مع خذلان وخيبة أمل يمكن أن نعيشَها،بل ونخيّب ظن من خذلونا فلا شيء أقوى من قلوب تجرّعت مرارة الخيبات لأنّها تعلّقت بربّها فطوبى لها.
* الدكتور علي الصلاحين