11-02-2023 03:26 PM
سرايا - تسابق عمليات البحث عن ناجين الزمن في المناطق المتضررة من الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب تركيا والشمال الغربي لسوريا، بعد مرور 5 أيام على حدوث الكارثة، وذلك من أجل انتشال وإنقاذ أكبر عدد من الناجين تحت أكوام الأنقاض والركام.
لكن بعد انقضاء هذه المدة، تبدأ الآمال في التضاؤل في العثور على أحياء استطاعوا الصمود في ظروف عصيبة تحت الأنقاض.
فبعد زلزال الاثنين المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، وأسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى تكشفت قصص إنسانية مؤثرة لأشخاص كتبت لهم النجاة، وظلوا أحياء تحت الأنقاض لفترة طويلة حتى تم انتشالهم فيما يشبه المعجزة.
ومن خلال تلك القصص ثار تساؤل مهم وهو كم من الوقت يمكن أن يبقى الإنسان حيا تحت الأنقاض خاصة أنه يمكث في ظروف غابت عنها مقومات ووسائل الحياة من طعام وشراب وهواء، ووسط آمال تتضاءل وتصعب من استمرار عمليات الإنقاذ، بحسب المتعارف عليه في عمليات الإغاثة والتي غالبا ما توقف البحث عن ناجين بعد مرور عدة أيام على وقوع الكارثة.
الدكتورة سمر عبد العظيم، أستاذة الطب الشرعي بجامعة عين شمس المصرية، تجيب بوضوح على هذا التساؤل وتقول "للعربية.نت" إنه في المجمل يمكن للإنسان أن يعيش بدون ماء لمدة 3 أيام حسب حالة الجو ودرجة الحرارة وفقدان جسمه للسوائل، ويبقى كذلك وبدون طعام لمدة 18 يوما، لكن هذا يتوقف على عوامل كثيرة منها صحة الإنسان القابع تحت الأنقاض وعمره وإصاباته التي أصيب بها.
وكشفت أن عمر الإنسان مهم جدا للبقاء على قيد الحياه لفترة أطول تحت الأنقاض، لأنه كلما كان الشخص أصغر في العمر فستكون قدرته على التحمل أعلى من الأكبر سنا، مضيفة أن تراكم الحطام حول الشخص قد يقلل من دخول الهواء إليه، وهو ما يؤثر على تنفسه ويقلل من قدرته على استنشاق الهواء وبالتالي صعوبة بقائه حيا.
وتضيف أن الإنسان القابع تحت الأنقاض قد يستمر حيا لفترة طويلة لو لم يكن مصابا بأمراض مزمنة تحتاج لتناوله لأدويته باستمرار وفي أوقاتها، فضلا عن أن بقاءه لفترة أطول قد يؤدي لتدهور صحته النفسية نتيجة فقدانه الأمل في النجاة وشعوره بالعزلة والوحدة.
وكشفت أن بقاء الإنسان في وضع ثابت وبدون حركة لفترة طويلة تحت الأنقاض قد يعرضه لمشكلة في العضلات وقد يصاب بما يسمى قرح الفراش، وفي حالة تعرضه إلى الكسور فسيحتاج لبذل مجهود في محاولة إعادة بناء الكسر من جديد، وهو ما يكون صعبا في ظل بقائه لفترة طويلة تحت الأنقاض.
شاهدوا فيها الموت بأعينهم
وتؤكد الخبيرة المصرية أن الكثيرين ممن كتبت لهم النجاه تحت الأنقاض وتم انتشالهم يحتاجون لعلاج نفسي مكثف، لتجاوز تلك المرحلة الصعبة والتجربة القاسية التي تعرضوا لها، فهي تجربة مريرة شاهدوا فيها الموت بأعينهم وزلزل الخطر كيانهم وحطم معنوياتهم وبالتالي يحتاجون لإعادة بناء نفسي وذهني وصحي ليعودوا من جديد.
إلى ذلك يرى خبراء أن الوقت الذي يمكن أن يقضيه الضحايا صامدين تحت الأنقاض قد يصل إلى أسبوع أو أكثر، لكن ذلك يعتمد على درجة إصاباتهم، والظروف الجوية ووضعياتهم تحت الأنقاض، بحسب ما نقلته وكالة "أسوشييتد برس".
وذكرت الوكالة نقلا عن مصادرها أن معظم عمليات الإنقاذ تتمّ بشكل عام في أول 24 ساعة بعد وقوع الكارثة. وإثر ذلك، تنخفض فرص النجاة مع مرور كل يوم، لأن العديد من الضحايا تكون إصاباتهم شديدة ولا يستطيعون التحرك بسبب سقوط الحجارة أو غيرها من الحطام عليهم.
الحظ أيضا يلعب دورا
وبحسب ذات المصادر، فإن الماء، والهواء، والطقس هي ثلاثة عوامل تعد حاسمة لاستمرار فرص نجاة العالقين، لكن الحظ أيضا يلعب دورا في مثل هذه الكوارث.
وفي هذا الصدد، أوضحت الوكالة أن ظروف الطقس القاسية في سوريا وتركيا أعاقت جهود الإنقاذ، حيث انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
وقال الدكتور جارون لي، خبير طب الطوارئ والكوارث في مستشفى ماساتشوستس العام بالولايات المتحدة الأميركية: "من النادر عادةً العثور على ناجين بعد اليوم الخامس إلى السابع، وستُفكر معظم فرق البحث والإنقاذ في التوقّف بحلول ذلك الوقت".
ومع ذلك، أشار إلى أنه "ثمة العديد من القصص لأشخاص نجوا بعد مرور سبعة أيام. ولسوء الحظ، عادة ما تكون هذه حالات نادرة وغير عادية".
من جانبه أوضح الدكتور جورج تشيامباس، اختصاصي طب الطوارئ في كلية الطب بجامعة نورث وسترن في جامعة نورث وسترن، أن الأشخاص الذين يُعانون من إصابات قوية، بما في ذلك بتر الأطراف، هم الأكثر عرضة للموت، قائلًا: "إذا لم يتمّ سحبهم في ساعة واحدة من وقوع الكارثة، فهناك فرصة ضئيلة جدًا للبقائهم على قيد الحياة".
الإرادة النفسية والعقلية عوامل مساعدة
وأشار إلى أن المصابين بأمراض أخرى يجدون فرصا ضئيلة بالنجاة، مضيفا أن العمر والحالة الجسدية والعقلية تعتبر كذلك عوامل مؤثرة.
وأكد الخبراء، بحسب الوكالة، أن الإرادة النفسية والعقلية عوامل مساعدة أيضا في النجاة . وأشار تشيامباس إلى أن الأشخاص المحاصرين بجوار الجثث، والذين ليس لديهم اتصال بالناجين أو المنقذين، قد يفقدون الأمل.
كما اتفق الأطباء على أنه "من النادر العثور على ناجين بعد اليوم الخامس، ولذلك فإنه بداية من اليوم السابع ستفكر معظم فرق البحث والإنقاذ في التوقف بحلول ذلك الوقت".
وفي تركيا، ارتفع عدد قتلى الزلزال المدمر في تركيا إلى 20665 بحسب ما أعلنته إدارة الكوارث والطوارئ في تركيا، اليوم السبت. وأضافت أنه تم إجلاء ما يقرب من 93 ألفا من ضحايا الزلزال في جنوب تركيا وأن أكثر من 166 ألف فرد شاركوا في جهود الإنقاذ والإغاثة.
وقالت إن 1891 هزة ارتدادية وقعت منذ أن ضرب الزلزال الأول البلاد في ساعة مبكرة من صباح الاثنين الماضي.
كما ارتفع عدد القتلى في عموم سوريا إلى 3553، أعلنت منظمة الدفاع المدني السوري المعروفة باسم "الخوذ البيضاء"، أن لا مؤشرات على وجود أحياء تحت الأنقاض.
وأوضحت أمس الجمعة، انتهاءها من عمليات البحث والإنقاذ والانتقال لمرحلة البحث والانتشال، وذلك بعد خمسة أيام من كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا.