14-02-2023 08:24 AM
بقلم : حسين الرواشدة
هل يوجد لدينا ما يلزم من امكانيات واستعدادات وخطط لمواجهة الكوارث الطبيعية ؟
أدعو الله ،أولا ، ان لا يتعرض بلدنا لأي مفاجأة أو امتحان في هذا السياق ، احترم ،ثانيا ،التصريحات التي أدلى بها خبراء أردنيون حول استحالة حدوث زلازل في الأردن،لكن افتراضا أقول : إن ذلك ممكن ،ولو بنسبة واحد بالمليون ، ففي سجلنا التاريخي على امتداد 4000 عام نحو 60 زلزالا مدمرا، ما أقصده ،ثالثا ، ليس قدرتنا على المواجهة ، لأنه لا يوجد دولة تستطيع ذلك لوحدها ، وإنما الوقاية والاحتياط والجاهزية، لتقليل ما أمكن من خسائر في الارواح والممتلكات .
في إطار النقاش العام ، لا يوجد في بلدنا قانون موّحد للكوارث والأزمات ، كما لا يوجد استراتيجية وطنية لإدارة الكوارث ، ولا نظام إنذار وطني للتحذير منها قبل وقوعها ، ما يعني أن الحدّ من خطر الكوارث لم يُدرج بشكل واضح في السياسات والخطط الاغاثية والمستدامة ، إضافة إلى أن التنسيق بين المجالس والإدارات المعنية بالأزمات والكوارث ، سواء التي تعمل على المستوى الوطني العام (ثلاثة مجالس)، او التخصصي العملياتي، والفني ، مازال ضعيفا .
في إطار النقاش أيضا ، لا يوجد لدينا دراسات حديثة حول أوضاع البناء في الأردن ، بحسب بعض المصادر تشكل الأبنية القديمة (عمرها من 40 إلى 70 عاما )، ما نسبته 35% بالعاصمة عمان ، كما أن العمل بمعايير مقاومة الزلازل بدأ ، فقط ، عام 2005 ، وهذه المعايير تطبق على المخططات الهندسية ، فيما تتفاوت نسبة الالتزام بها ، لأنها مكلفة ، علما أن قانون البناء الوطني الأردني صدر العام 1989، لاحظ، هنا، أن معظم الدراسات و الإحصائيات المتوفرة تنصبّ على العاصمة ، فيما يندر وجودها على صعيد المحافظات الأخرى .
ما حدث قبل نحو خمسة أشهر (ايلول 2022 )، حين انهارت إحدى العمارات في ” اللويبدة” (بلغ عدد الضحايا 14 شخصا ) قد يسعفنا بمصارحة انفسنا ، واختبار إمكانياتنا في مواجهة المخاطر والكوارث ، وقد يساعدنا بمعرفة قدرة المباني القديمة على الصمود لمواجهة خطر زلزال ، او اقل من ذلك ، ما حدث، أيضا ،أثناء مواسم الشتاء ، خاصة عند تساقط الثلوج و تراكمها ، يضيء لنا جانبا مهما من صورتنا في مرآة الأزمات ، واقعة رصيف ميناء العقبة (راح ضحيتها 13 شخصا) ، قبل نحو ثمانية أشهر (حزيران 2022 )، تعكس ،أيضا، جانبا من قدراتنا الإدارية والفنية ، وضعف خططنا عند التعامل مع المخاطر والكوارث .
إذا كانت هذه الأزمات الصغيرة (تعمدت عدم الإشارة لأخرى اكبر ) قد كشفت ما لدينا من امكانيات واستعدادات لإدارة الأزمات والمخاطر ، وهي امكانيات متواضعة ومحدودة ، فإن سؤال مواجهة كارثة أكبر -لا قدر الله – يحتاج إلى إجابات أخرى عميقة وثقيلة ، أخشى أننا لم نفكر بها بعد ، ما يستدعي التحرك بسرعة ،على صعيد إدارة الدولة والمجتمع معا ، لوضع منظومة متكاملة ،بشريا و ماليا وعمليا، لتمكين بلدنا من الخروج بأقل الخسائر ، فيما لو تعرضنا لأية أزمة ،طبيعية أو بشرية ،صغيرة او كبيرة .
بقي لدي ملاحظة أخيرة ، وهي أن قدَر بلدنا أن يعيش وسط محيط من الأزمات والكوارث ، السياسية والجغرافيا والتاريخية، كما أن قدَره الذي نعتز به جعله من أول المبادرين لإغاثة الملهوفين، وتضميد جراح المصابين ، وإيواء اللاجئين والمشردين، ربما يكون ذلك جزءا أن من “أسرار ” منعة الأردن وصموده ، وقدرته على ركوب الصعب دوما .
اما الأردنيون فرغم حالة اليأس والإحباط التي استغرقوا فيها ، فإنهم قادرون على فهم معادلة بلدهم، وتقدير مواقفه ، وجاهزون -إذا ما توفرت الادارة والحكمة في التعامل معهم – على مواجهة الأخطار وتجاوزها ، والانتصار على أقدارهم ودفعها بأقدار اكبر ، عنوانها ايمانهم بالله ، ثم بلدهم الذي لا يملكون سواه .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-02-2023 08:24 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |