14-02-2023 11:44 AM
سرايا - لا يجد الكثير من السّاسة الأردنيين وهم يحاولون تلمس الدرب الآمن في مواجهة استحقاقات وتداعيات ما بعد علو نجم اليمين الاسرائيلي المتطرف غربي نهر الأردن إلا عدة وسائل تعبيرية عن المخاوف والهواجس أبرزها الدعوة مجددا إلى استئناف الخدمة العسكرية أو العودة لمنطق "الخدمة الوطنية".
وهو الأمر الذي تبنّاه علنًا في عدة محاضرات وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة بالرغم من اعتدال انحيازاته السياسية وعلى أساس القناعة اليوم بأن إسرائيل تحوّلت وبقرار من قادتها ونخبها والأهم من جمهورها العريض إلى دولة كيان احتلال لديها أطماع والصّدام الأردني بالمعنى الهاشمي والشعب معها أصبح مسألة وقت.
نوقشت مسألة العودة للخدمة الوطنية أو الخدمة العسكرية بمعنى تعبئة المجتمع مشددا لمواجهة مخاطر محتملة ليست وشيكة الآن لكنها انتقلت كما يقول رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري من المستوى المتوقع إلى المستوى الاشتباكي المباشر اليوم مع حكومة اليمين الاسرائيلي التي تكثر من التضليل في مقابل برنامج تهدئة أمريكي لا يُطمئن لا الأردن ولا الفلسطينيين.
ومن هنا يمكن اعتبار عودة الحديث وتكراره في الأردن عن الخدمة العسكرية باعتباره انحيازا طبيعيا للمخاوف التي تراكمت الآن تحت عنوان إسرائيل الجديدة والدعوات التبشيرية إلى إعادة تصنيف الجار الإسرائيلي السيء والذي لا يمكن توقعه بعد الآن إلى دائرة العدو وبالتالي انتقاله من دائرة الصديق أو حتى الجار الجيّد وبالتأكيد الشريك.
يتبنّى سياسيون كبار تحذير وتنبيه دولتهم إلى ضرورة الاستعداد حتى في سياق العقيدة البيروقراطية والأمنية ولاحقا السياسية إلى مرحلة الصّدام مع ما سمّاه المصري الأطماع التلمودية في المملكة الأردنية الهاشمية عند النخبة أو الطعمة التي تحكم إسرائيل اليوم.
يزداد التجاوب مع هذا الخطاب وعلى هامش ندوة مغلقة ومثيرة لخبراء وسياسيين تم تبنّي توصية لها علاقة بعودة الخدمة العسكرية وبضرورة تحديد ما إذا كانت الدولة الأردنية اليوم في حالة تموقع تعتبر فيها إسرائيل لا تزال شريكا محتملا أم أنها انتقلت إلى دائرة العدو صاحبة الأطماع الذي لا بد من بناء استراتيجية للتعامل معها بعد الآن.
طبعا يعني ذلك في المقابل تقليص رتبة ومرتبة اتفاقية وادي عربة كأساس انطلقت منه الاستراتيجية الفلسطينية في توقيع اتفاقية سلام محورها اقامة دولة فلسطينية على اراضي عام 1967 وغياب هذا الحل ومعه موت حل الدولتين كما ابلغ المسؤول الدبلوماسي الامريكي هادي عمر عدة نخب اردنية وفلسطينية مؤخرا و لمدة عشر سنوات يعني الاستسلام للمنطق الذي يبدو واقعيا الآن ويشير إلى ما قاله يوما وزير البلاط الأردني الأسبق مروان المعشر علنا بعنوان إسرائيل انقلبت على السلام وعلى الأردن وعلى نفسها أيضا وهي اليوم في خانة العداء.
و على الأردنيين الإجابة على سُؤال بحجم هل إسرائيل يمكنها أن تحترم اتفاقية وادي عربة بعد الآن أم أنها كما قال يوما المفاوض الوطني البارز الدكتور دريد محاسنة بقيت طوال الوقت ولأكثر من ربع قرن تتلاعب حتى بنصوص تلك الاتفاقية مع أن المعروض على المجموعة العربية والفلسطينيين والأردن اليوم هو الالتحاق بركب الاتفاقيات الإبراهيمية والتي تعني شراكة أمنية وسياسية واقتصادية مع الإسرائيليين بوضعهم الحالي دون الأخذ بالاعتبار حساسية الوضع الاجتماعي والسياسي والجغرافي والتاريخي الأردني.
بكُل حال تزداد وتيرة الدعوة لاتخاذ خطوات خاصّة في الأردن ووسط المجتمع الأردني لردع اليمين الإسرائيلي ووتيرة الاستعداد لحالة صدام عسكرية معه حتى في أسوأ الأحوال وعودة التفكير المنهجي على أساس عدم وجود شريك وجار يؤمن بعملية السلام وبما فيها اتفاقية وادي عربة التي سقطت على نحو مفاجئ بمجرد إعلان الحكومة الأخيرة من وجدان الخارطة والبوصلة عند الأردنيين.
وحصرا عند الطبقة السياسية العميقة فيها والانطباع عمليا حتى داخل مؤسسات القرار الاردنية هو أن مسار التكيّف مع الواقع الإسرائيلي الجديد حذر وينطوي على كمائن خلافا لإن التغيّرات البنيوية فيما يسمى بالدولة العميقة في كيان الاحتلال ليس من النوع الذي يمكن تجاهله ومن الصّنف الذي يُسقط الرّهان الأردني على مسألة الشراكة مع الدولة العميقة.
و الاتفاق معها واقامة تفاهمات على هذا الأساس خصوصا وإن ملفات اقتصادية واستراتيجية أساسية باتت مرتبطة بالإسرائيليين من بينها ملفات الطاقة والمياه والغاز.
تلك الهواجس تزيد وسط النخب الأردنية ولا يمكن التعامل معها بنصوص مجردة معزولة عن الوقائع المفروضة اليوم.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-02-2023 11:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |