حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1851

مقالان قديمان، من أين لك هذا؟؟

مقالان قديمان، من أين لك هذا؟؟

مقالان قديمان، من أين لك هذا؟؟

17-02-2023 03:56 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد يونس العبادي
من بين أوراق صحافتنا الأردنية، مع نهاية المنتصف الأول للقرن الماضي، تطالعنا مجلة الميثاق، بمقالٍ بين صفحاتها لرئيس تحريرها آنذاك، للمرحوم ضيف الله الحمود.
فتحت عنوان "من أين لك هذا؟" تناول الحمود في مقاله، العديد من المفارقات، في زمانه، وهي مفارقات ربما يصح القول فيها، إنها صالحة لكل زمان، بما يعبر عن حيوية المشهد الصحفي الأردني، ومقدرته على صياغة نصوصٍ قادرة على محاكاة الواقع.
ومما جاء في هذا المقال، الزاخر بالمعاني والدلالات: "أنت يا هذا، محافظ حراج، وظيفتك غير مصنفة، وراتبك مع مخصصات عائلتك، وضمائم غلاء المعيشة يقل عن ثماني عشرة ليرة، تكاد لا تسد نفقات تلك العائلة الكبيرة المكونة من تسعة أشخاص، منهم انجالك الثلاثة الذين تعلمهم في مدرسة المدينة.. ومع هذا فقد اشتريت، خلال السنوات الست، التي مرّت على وجودك في الوظيفة، أكثر من خمسين دونماً من أجود أراضي قريتك، وزوجت ابنك الأكبر، وساهمت في رأس مال المطحنة التي أنشئت منذ مدة قريبة في البلدة.. فمن أين لك هذا يا محافظ الحراج؟".
ويمضي بصور تعبيرية، قائلا: ".. وأنت يا صاحب السعادة آمنا بدرجتك الرابعة، وآمنا وصدقنا بدرجة زميلك الثالثة، وبدرجة صديقك الثانية، ولكن الذي لم نؤمن به قط، ولن نصدقه هذه القصور الشامخة التي بنيتموها، والمزارع الواسعة التي أنشأتموها، والسيارات الفخمة التي اقتنيتموها أنتم، وبعض سادتكم الوزراء أمن رواتبكم هذا؟ كلا فمن أين لكم هذا؟؟".
كما "وأنت تاجر عرفناك قبل بضعة سنين فقيراً معدماً، ونراك اليوم وجيهاً ثرياً منعماً، وها هم أقرانك الذين اشتغلت وإياهم في سنةٍ واحدةٍ وتاريخٍ واحد، قد أفلسوا بسبب السياسة الحكومية الاقتصادية المتعبة".
هذه المقتطفات أعلاه، كانت من مقالٍ طويل للمرحوم الحمود، ويقول في مقالٍ ثانٍ، "عاتبني بعض الموظفين من ذوي الدرجات الدنيا، على مقالي الأخير، كما عاتب نفر آخر من ذوي المقامات العليا، أسرة "الميثاق" على التعليقات البريئة، والانتقادات النزيهة الجريئة التي نوجهها إليهم.. نحن نكتب ما نكتبه ونقول الذي نقوله خدمةً لبلادنا، ودفاعاً عن حقوق شبعها وأبنائها، وعن مصالح الوطن".
ويقول إنّ هؤلاء العاتبين ليسوا هم المقصودين من كتابتي، ولا أدري لماذا حشروا أنفسهم وأقحموها في هذا الموضوع، وإنني خشيت كبار الموظفين فهاجمت صغارهم، ولكن حديثي من الذين يثرون على حساب زملائهم، ويقول إنه قصد في مقاله "فئة تقل وتكثر، وتتضاءل وتشتهر حسب فساد الظروف، وصلاح الأحوال، وقد وجدت في كل زمانٍ ومكان، ويجب محاربتها كيلا يستفحل أمرها".
بل ويذهب متحدياً في مقاله إلى الحديث عن وزراء وأمناء عامين في زمانه، قائلا: "وأنت يا صاحب العطوفة درجتك الثانية، وثروتك كما يقدرها معارفك تزيد عن مئة ألف ليرة فقط، ومعدل راتبك خلال الأربعة والعشرين عاماً التي قضيتها في الخدمة تساوي مائة وخمسين ألف ليرة سنوياً.. لقد دخلت الحكومة شريداً فقيراً معدماً لا تملك من حطام الدنيا شيئاً.. فمن أين لك هذا".
لقد ختم المرحوم الحمود مقاليه بسؤال: من أين لكم هذا يا أصحاب الوزارات والسيادات؟، في مقالٍ جريءٍ مليءٍ بالصور، والأمثلة، المستقاة من خيال الكاتب، ولكنها كلمات تصلح لكل زمانٍ، وفيها إشارة وتحذير إلى ما نسميه بزماننا اليوم بـ "الفساد الأصغر" والفساد بشكلٍ عامٍ.
هي بعض أوراق من صحيفةٍ أردنيةٍ في زمانٍ مضى.. بقيت جميلة تعابيرها رغم تقادم الزمان، ورحم الله الكاتب ضيف الله الحمود.








طباعة
  • المشاهدات: 1851
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم