حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2887

خطاب فرنسا المرتاب ،وكأن أوروبا بلا انياب

خطاب فرنسا المرتاب ،وكأن أوروبا بلا انياب

خطاب فرنسا المرتاب ،وكأن أوروبا بلا انياب

20-02-2023 11:18 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يوسف رجا الرفاعي
نداءات الرئيس الفرنسي التي اطلقها في كلمته بمؤتمر ميونخ للامن لا تحتاج الى ترجمان سياسي متمرس ولا الى خبير استراتيجي او الى من يقرأ ما بين السطور ليخبرنا ان هذا الخطاب هو استثنائي وحقيقي وواقعي جداً بعيداً كل البعد عن كلمات وخطابات "الزمن الاوروبي الجميل " الذي يبدو انه ولّى في قراءةٍ اوليَّةٍ للمشهد الاوروبي من فصله الاول الذي بدأ منذ عام بسيناريو لم يكن مُعَدّ مسبقاً كما تبدو الامور في ظاهرها ، اما الحقيقة فسوف تكشِفُ النقاب عنها المقبل من الايام والتي ربما لن يطول انتظارها .

نداءات متكررة غير مألوفة مليئة بالرعب او"للتخفيف وعدم المبالغة " مليئة بالخوف تطلقها دولة اوروبية عظمى على لسان رئيسها ماكرون يَشعُر المستمع له بأن اوروبا بكاملها محاصرة من جهاتها الاربع وان انقضاض العدو بات وشيكاً بل اكثر من ذلك وكانما الوقت بدأ ينفذ وعلى الجميع ان يكون على اهبة الاستعداد للقادم المجهول .

هذه النداءات لشحذ همم اوروبا " واصدقائها " لمواجهة الخطر والتحديات المحدقة الآن باوروبا باكملها هو استفزاز للمراقبين المعنين بالشأن السياسي العالمي او الاقليمي ، بل واستفزاز لمن ليس له شأن او لِمَن لا يزال في مرحلةِ الحبو لفهم الكلام السياسي امثالي ، على الرغم من ان هذا الخطاب الماكروني الذي هو في غاية الواقعية لانه في غاية وقمة وضوح التناقضات التي عاشتها وتعيشها اوروبا منذ امدٍ بعيد ، وعلى الرغم من انه كان صادقاً في التصريح علناً بالحديث عن الازدواجية في المواقف الاوروبية المنحازة كلياً للظالم والتي لم يسلم منها كل شعب عانى على هذه الارض من ظلمٍ وقهرٍ كانت فرنسا ظهيراً فيه وشريكاً لأم الخبائث والظلم السياسي والاستبداد الاستعماري (( بريطانيا )) ومِن خَلفِهِم كثير من دول اوروبا ، وكان مُستَفِزاً فيما قاله عن تخوفه من روسيا " الاستعمارية " فماذا كانت تصنع فرنسا في الشرق الاوسط وفي افريقيا وما تزال!!

غريب هذا الذي يحدث الان بل ومستهجن جداً إلا إذا كان المشهد يسير ضمن خطةٍ وترتيباتٍ بعيدة المدى والتي اعود واقول ان مقبل الايام سيكون كفيلاً بكشف النقاب عنها لا محاله ، وغريب تخوف الرئيس من خطرٍ داهم ، لقد احترنا في فهم وربط الحديث ليكون الفهم منطقياً ، فعندما يقول ان روسيا كانت تعتقد انها تستطيع انهاء العملية العسكرية في اوكرانيا في ظرف ساعات أو بايام قليلة معدوده وها هي الحرب تكاد تنهي عامها الاول دون تحقيق روسيا لأهدافها ،
فما الذي يُخيفُكَ ايها الرئيس المحترم !!

الحرب الروسية الجارية الان ، سأكون جريئاً "لأهرف بما لا اعرف واتطفل لأتحدث بعلمٍ غايةً في الاحترام والسمو والرفعة والمنعة وهو العِلمُ العسكري "
فاقول ان هذه الحرب التي لغاية هذه الساعة قد اطاحت بخبرات كبار الجنرالات الروس بل وجعلت من الضرورة والحتمية العودة الى قراءة ومراجعة ما كان يعرف بالعقيدة العسكرية القتالية الروسية إذ أن مجريات ونتائج هذه الحرب - والكلام عن الحرب من طرف الجيش الروسي - لانه لا يجوز بحال من الاحوال مقارنة القوة العسكرية الروسية بالقوة والقدرات العسكرية الاوكرانية ، فالمقارنة لا تجوز ، فكل النتائج على الأرض جعلت علامة التعجب التي ربما كانت في بداية هذه الحرب خجولة او يُهمس بها همساً اصبحت الان علنية وبلا تردد تحمل معها تشكيكا اكيداً بما كان يُقال ويُكتب عن قطب التوازن العالمي الثاني هل كان وهماً او كان نسجاً من خيال كما نُسِجَ عن القوة العسكرية العراقية بانها القوة العالمية الرابعة
وان لديها نووي وكيماوي واسلحة عابرة للقارات ومدافع عملاقه بل زعموا اكثر من ذلك ، فهل ستكون روسيا كالعراق !! أخبِرونا إن كنتم تعلمون !!

تَخوُفكَ سيد ماكرون له دلالات ، وحديثك عن السلام
الذي تنشده ايضاً له دلالات ، فانت تريد سلاماً محمياً بقوة السلاح لذلك ناشدت الخبراء والمفكرين الاوروبيين القادرين على تطوير القدرات الدفاعية في اوروبا من اجل السلام ، وهذا الفهم المنطقي والعقلاني والموضوعي لطرح كلمة السلام ، ولكن هذا الفهم يبدوا انه حصريًا لأوروبا واصدقائها ، اما السلام الذي هو خارج حدود اوروبا فله معايير مختلفة تماماً ، فالسلام خارج حدودكم يعني ما تعيشه دول كثيره في منطقة الشرق الاوسط وكثير من دول افريقيا وامريكا اللاتينية ، وكما قلت انت فالفهم والتفكير مختلف في هذه الدول عن الفهم والتفكير الاوروبي اختلافا كبيرا .

لم يتطرق السيد ماكرون الى ذكر الهيئات والمنظمات والمجالس الدولية للشكوى لديها عن اعتداء روسيا ليس على اوكرانيا وحدها إنما كما يقول هو اعتداء على اوربا باكملها بل هو تهديد للشرق الاوسط بل للعالم اجمع ، لم ولن يخطر ببال ماكرون ولا ببال من كان قبله ولا مَن سيأتي بعده ان يرشد اوروبا للذهاب الى هذه المنظومة كلها بدأً من الامم المتحدة وما ينضوي تحتها من مسميات انتهاءً بمجلس الامن وفصله السابع مرورواً بكل المحاكم الدولية على اختلاف درجاتها فكأنما أنشئت هذه الهيئات والمجالس بل وثبت بالوجه القطعي انها وُجِدَت وأُنشأت من اجل دول بعينها والشاهد على ذلك ما تحتويه ادراج ملفاتها الملئية بالشكوى والتظلم والبكاء والانين المعجون بالذل والهوان ممن انشئت من أجلهم ،
وعلى هامش هذا المؤتمر الذي انتم بصدده الان فلن نتحدث عن جزيل عطائكم وفائض كرمكم وهبَّتِكم لنجدة المنكوبين من زلزال تركيا وسوريا فما قدمتموه شاهدٌ على فِعلِكم الخير لهذه الشعوب التي ذاقت من قسوة ظلم استعماركم لها ما يجعل من ارسالكم لهذه المساعدات البائسة الهزيلة معذوراً وبلا عتاب .

لم يعد خافياً على احد ان هذه الحرب الدائرة الان بين روسيا واوكرانيا لم يكن لاوروبا يد فيها ، ولم يعد خافياً ايضاً تَبَرُّم إن لم اقل كل الدول الاوروبية فمعظمها وفي مقدمتها الدول الكبرى والعظمى - المانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا ، وأن هناك صوت قوي وعريض معارض لهذه الحرب ومعارض لسياسات هذه الدول على السنة شعوبها ، وواضح ان هذه العقوبات التي فُرضت على روسيا والتي كان آخرها الاستيلاء على اموالها المودعة في الخارج هو اقوى ما لدى اوروبا لمواجهة هذا الخطر المحدق الان والقادم لا محالة الى عموم اوروبا كما يرى الرئيس الفرنسي ، وواضح ايضاً ان اوروبا ليست مستعدة عسكريا وكانما جيوشها في اجازة ويبدو المشهد الاوروبي الان بمجمله مُمَثلاً بحلف الناتو امام واقع هذه الحرب التي يتصدون لها أشبه ما يكون " كالفيل بلا انياب " وخير شاهدٍ على هذا خطاب ماكرون المرتاب .
يوسف رجا الرفاعي








طباعة
  • المشاهدات: 2887
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-02-2023 11:18 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم