22-02-2023 08:28 AM
سرايا - بمناسبة احتفالات المملكة بمرور مائة عام على تأسيس الدولة الأردنية وبدء المئوية الثانية من عمرها ومائة عام على إصدار “جريدة الشرق العربي”؛ انطلق حفل إشهار مجلدات جريدة “الشرق العربي” التي جمعتها ووثقتها المكتبة في ثلاثة مجلدات، باعتبارها أول جريدة رسمية لإمارة شرق الأردن.
الحفل الذي أقامته المكتبة الوطنية؛ برعاية وزيرة الثقافة هيفاء النجار، وبحضور مدير عام المكتبة الوطنية د. نضال الأحمد العياصرة، أداره د. جورج طريف، وحضره عدد من الباحثين والمؤرخين، وهم: المؤرخ د. علي محافظة، المؤرخة الدكتورة هند أبو الشعر، والمؤرخ د. سمير الدروبي.
وأشادت وزيرة الثقافة بجهود المكتبة الوطنية في جمع أعداد الجريدة التي توضح الدور الذي كان يقوم به الأردن في طليعة تأسيسه، مشددة على أهمية إطلاع الأجيال الجديدة على تاريخ بلدهم ودوره العروبي الكبير.
تحدث د. محافظة عن محمد بن يوسف الشريقي، فهو من رواد نهضة العرب الحديثة وأديب مرموق وشاعر موهوب وخطيب ملهم وقانوني متميز، ولجأ الى شرقي الأردن، فعين سكرتيراً لمجلس المشاورين (الوزراء) في الإمارة الناشئة بين العامين 1921-1923، ونقل في 28 أيار (مايو) 1923 من موقعه ليعمل مديراً لصحيفة الشرق العربي والمطبعة الرسمية واستمر بمنصبه حتى 28 شباط (فبراير) 1926، وقد صدر من الصحيفة 123 عدداً في ظل إدارته لها، وبعدها نقل الى مديرية المعارف الأردنية مفتشاً بين العامين 1926-1939، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، عين وزيراً للخارجية والمالية والاقتصاد في وزارة إبراهيم هاشم الثانية في 1/9/1945.
وبين محافظة أن عدد مقالات الشريقي المنشورة في صحيفة الشرق العربي 118 مقالاً و11 قصيدة، تتوزع على مواضيع منها المقالات القومية العربية وعددها 43 مقالاً، المقالات المحلية التي تعنى بإمارة شرقي الأردن وأحوالها وعددها 30 مقالاً والمقالات العلمية، الثقافية العامة وعددها 21 مقالاً، والمقالات المترجمة من التركية إلى العربية وعددها 24 مقالاً ومعظمها ترجمة للمؤلف الفيلسوف التركي رضا توفيق الذي لجأ الى شرقي الأردن واستقر فيه.
وأشار محافظة الى أن الشريقي تناول في مقالاته اليومية مواضيع عدة، منها مفهوم الوطن العربي والأمة العربية، تخلف المجتمع، الدعوة الى نهوض العرب القومي، الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، الدعوة إلى إصلاح التربية والتعليم في البلاد، الدعوة إلى الإصلاح السياسي والوحدة القومية والدعوة إلى التفاهم والتعاون بين الشرق والغرب.
وقال د. سمير الدروبي، إن صدور جريدة الشرق العربي بعد إعلان الاستقلال بثلاثة أيام يعد حدثاً ثقافياً وقومياً وسياسياً وأدبياً مهماً، وسارت الجريدة تؤدي رسالتها القومية والتعليمية والسياسية والإدارية والثقافية، ثم صدر قانون جديد للشرق العربي وبدأ تنفيذه رسمياً في الثاني والعشرين من أيلول (سبتمبر) العام 1926، ونصت المادة الأولى من القانون على أنه يسمى بقانون الجريدة الرسمية للعام 1926، ونصت المادة الثانية على (أ) “تؤسس جريدة رسمية في منطقة شرقي الأردن باسم جريدة (الشرق العربي)”، وتنشر فيها جميع القوانين والأنظمة والقرارات والبلاغات والإعلانات الرسمية وما شابهها من المعاملات الرسمية.
وبين أن اللافت في أمر هذا القانون الجديد الذي اشتمل على إحدى عشرة مادة، أن أياً من مواده لم تتضمن السماح بنشر أي مقالات وأخبار أدبية أو علمية أو وطنية، كما كان عليه حال الشرق العربي عند تأسيسها؛ إذ كانت تعنى أشد العناية بنشر المقالات الجادة الرصينة التي تخدم أهداف حكومة شرقي الأردن التي كانت الجريدة في السنوات الثلاث الأولى نافذة إعلامية وفكرية وسياسية وأدبية وثقافية تسعى من خلالها الى نهضة البلاد وتقوية شعورها القومي وربطها ثقافياً وفكرياً وقومياً بالبلاد.
ومن جانبها، قالت د. أبو الشعر، إن جريدة “الشرق العربي” كنز الأردن الثمين، فلا يمكن لأي دارس أو باحث في تاريخ نشوء الدولة الأردنية قبل أكثر من مائة عام أن يدرس البدايات التشريعية، والمدماك القانوني، وتأسيس ومأسسة محاور بناء الإمارة دون العودة للتوثيق من الجريدة الرسمية لدولة الإمارة (الشرق العربي) التي تختزن البدايات ومرحلة التأسيس بامتياز، فهي تشكل المصدر الأساس لكل دارس في تاريخ الأردن وبناء التجربة السياسية والقانونية وبناء مؤسسات الدولة وبنيتها التشريعية، لذا فإن من أولويات الباحث في تاريخ الأردن العودة إلى أعداد الشرق العربي للوقوف على الأرض الصلبة التي توثق لبناء الدولة.
وتناولت تجربتها الطويلة مع الشرق العربي بداية بمرحلة دراستها لمنطقة إربد وجوارها العام 1994 تمتد زمنياً ما بين العامين 1850 و1928، وهذا يعني دراستها للعهد العثماني المتأخر في فترة التنظيمات العثمانية، وانتقلت بعد سقوط الدولة عسكرياً العام 1918 إلى تناول العهد الوطني مع الحكومة العربية الفيصلية والمملكة السورية ومن بعد تأسيس الإمارة العام 1921، وبينت أن سبب امتداد الدراسة للعام 1928 هو قناعتها بأن هوية وشخصية وبناء دولة الإمارة بدأ فعلياً مع نشوء المجلس التشريعي الأول الذي أعطى للدولة الحديثة شخصيتها.
وأشارت أبو الشعر، إلى سبب رجوعها للشرق العربي في كل الدراسات التي أصدرتها منذ العام 1994 وحتى اليوم، بما فيها دراسة تاريخ الأردن من خلال الصحافة أو دراسات في كل من مادبا والسلط والزرقاء ومعان وعمان أو دراستها عن القصبات والقرى أنها وجدت فيها تفاصيل توثق لكل الجوانب التعليمية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، وأضافت أن دراستها الأخيرة لمشروع (موسوعة تاريخ الأردن في عهد الإمارة) كان مصدرها المباشر لتلك الدراسة الشرق العربي، مبينة أنها تستند كثيراً في دراساتها إلى الشرق العربي وفيها العديد من المواد المدهشة عن كل ما يخص محور التعليم من قوانين المعارف ومن تأسيس المدارس.
وفي نهاية الحفل، قامت المكتبة الوطنية بتوزيع أقراص ممغنطة “cd” من جريدة الشرق العربي على الحضور، إضافة الى توزيع مجلدات من جريدة الشرق العربي.