27-02-2023 08:26 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
أظن ما يكتب اليوم عن الإشاعة ورغم التطور في مجال الإعلام، والحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي، وما أنتجته من منصات، وغيرها في ما أثرت بالرأي العام، وعلى صعيد المحتوى العربي، لم يصل بعد إلى مستوى التحدي الذي نعيشه اليوم، حول الإشاعة، ومستوى تطورها، فالاستجابة ليست بمستوى التحدي.
فنحن اليوم، نعيش في عصر الدعاية والإشاعة، أكثر مما نعيش في زمن الفوضى، فكثير من المثقفين يعرف «جوبلز» ذلك الوزير المشهور في زمن هتلر، الذي أقنع الألمان بـ «هتلر» والحكم النازي، رغم قصور الأدوات آنذاك، وترفها اليوم.
وبالمفهوم البسيط، فإنّ نظرية «جوبلز» التي غادرتها المجتمعات المتقدمة، تقوم على فهمٍ بسيطٍ يقول، إذا ما جاءك ضيف للبيت فإسأله تشرب القهوة أو الشاي، وبذلك يستحيل عليه أنّ يطلب العصير، فيبقى في إطار السؤال، وهذا الحديث هو مقدمة لمّا نعيشه اليوم، من عصر الإشاعات، المتوالدة عبر فضاءٍ رقمي معلومة أدواره، بغض النظر عن قواه وإعلامييه ومثقفيه الحقيقيين.
فنحن اليوم، نعيش في عصر الإشاعة، والتي هي كذبة تولد كما الطفل، وتنمو تكبر، وتنتشر، وتصبح يافعة متداولة ودارجة على ألسن العديدين، دون أنّ يخطر ببالهم ولو لأدنى لحظة، أنهم يرددون الأكاذيب.
وحتى يتم وأد هذه الفكرة، أو هذا المولود الذيي ينمو خلال دقائقٍ أو ساعات محمولاً على أدوات وتقنيات التواصل الاجتماعي، فإنك تحتاج للكثر لتكذيب هذه الرواية، والتي غالباً ما تكون هي نتيجة لجهةٍ حاقدة، أو إثر ما بثه جاهل دون علم أو غيره.
إننا اليوم، نعيش عصر الإشاعة بامتياز، ذلك أنّ العديد من أخبار «النفي» تفوقت على الأخبار الاصلية، حتى أنّ بعض الجهات رسميةً كانت أو غيرها، تمضي دوائرها الإعلامية ساعات مشغولة، ولربما مشدوهة، فيما يقال وكيفية صياغة روايةً مضادة له.
إننا اليوم، بحاجةٍ إلى ثقافة موسوعية أكبر، تجاه ملكات النقد الفكري، كي يستطيع العامة، والناس، والجامعيين على مختلف اختصاصاتهم، أنّ يتدربوا، أو يتعلموا، ولو على سبيل المرور بموادٍ مشتركة من المتطلبات الجامعية، أنّ يكونوا على صلةٍ بالمفاهيم الأولية لأدوات التواصل الاجتماعي، وما يبث عبرها من أدوات تواصلٍ اجتماعي، والأخيرة هي حقل مهم لبيئة الإشاعة.
اليوم، نحن في الأردن، وفي عالمنا العربي، وفي العالم عموماً، نرى أنّ الإشاعة باتت سمة «متداولة» عبر الفضاء الرقمي، وهي تنشط أو تكون خاملة في المجتعات، حسب الدولة، وما تتبناه من مبادئ، وحسب جغرافيتها، ونحن وعلى مدار السنوات الأخيرة، في هذا الوطن، عانينا كثيراً من هذه النماذج من الإشاعات، التي تغذيها حسابات مرتبطة إما بالتآمر أو بالحقد، أو بالحسابات الشخصية، ويظن أصحاب هذه الإشاعات، أنهم يريديون إشغال المؤسسات الرسمية، أو تحقيق مآربهم.
إننا اليوم، بحاجةٍ إلى فهم الإشاعة، وإدخال هذه المفهوم ودراسته، في حقول الإعلام الأكاديمي، لفهم الإشاعة، وكيف تولد، وكيف تنمو، وكيف تصبح لدى العامة حقيقية، بل إنّ البعض في مجالسنا يحاجج بالأدلة، والبراهين، على الرواية الحقة، ومن يقابله يستمسك بالإشاعة مدعياً أنه قرأها عبر موقع «مارق» أو عبر حساب لشخص مدجج بـ «المآرب».
نحن نعيش في زمان مليء بإشاعات تتغذى على هواةٍ، وعلى أدواتٍ منحت الجاهل والعالم، والمارق، غيرهم.. المقدرة على البث والكتابة، حتى باتت هذه الظاهرة عبئاً على العارفين، وعلى النخب، وعلى من كاهلهم يقع عاتق إثبات المعرفة ونشر مفاهيم الحقيقة، وتنوير الرأي العام.
إنّ الاشاعة اليوم، ليست ظاهرة محلية وحسب، بل هي عابرة للقارات نتيجة لأدوات التواصل الاجتماعي... ولكننا معنيين بدراسة هذه الظاهرة المتنامية، ووضعها في مختبر البحث والفهم، فهي ليست مستحدثة، بل هي قديمة، ولكن باتت أكثر نشاطاً في زمن الأدوات النشطة..
ديناميكة الإشاعة حقل مهم، وعنصر حظي باهتمام الباحثين، وهي اليوم محل بحث وسؤال، وبحاجة لاختصاص.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-02-2023 08:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |