01-03-2023 08:42 AM
سرايا - على الرغم من انتهاء زمن الاستعمار البريطاني، وانسحاب الجيش البريطاني من الدول التي كانت تعتبر من مستعمرات بريطانية، لا تزال بريطانيا تحتفظ بسلطتها على أكثر من 14 إقليماً حول العالم،
تعرف باسم "أقاليم ما وراء البحار البريطانية"، منها 10 مأهولة بالسكان، وغالبيتهم يعتبرون مواطنين بريطانيين.
وعلى الرغم من أن الحاكم أو أي مسؤول آخر يدير الإقليم، يكون مسؤولاً عن الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الداخلي؛ والحكومة المنتخبة في الإقليم المعني مسؤولة عن المجالات المحلية مثل الرعاية الصحية والهجرة والاقتصاد، وللأقاليم دساتيرها وقوانينها الخاصة.
لكنها تتبع التاج البريطاني وقد تتواجد قواعد عسكرية للجيش البريطاني داخل بعض تلك الأقاليم. وليس لديهم تمثيل منفصل دولياً. فما هي أشهر تلك الأقاليم وكيف أصبحت تحت الاستعمار البريطاني؟
1- جبل طارق مستعمرة بريطانية أخذت اسمها من قائد مسلم
هي أحد أقاليم ما وراء البحار البريطانية، وتضم أكثر من 32 ألف شخص. وتقع على منطقة صخرية متوغلة في مياه البحر الأبيض المتوسط. شمال سواحل الجزائر وأخذت اسمها "جبل طارق" من القائد المسلم طارق بن زياد في القرن الأول الهجري.
في عام 1704، استولت القوات الهولندية على جبل طارق من إسبانيا. وتم التنازل عن الإقليم لاحقاً لبريطانيا العظمى إلى الأبد بموجب معاهدة أوتريخت عام 1713. لتبقى المنطقة مستعمرة بريطانية حتى 1981 عندما ألغت بريطانيا هذه المكانة وقررت إقامة مناطق حكم ذاتي فيما بقي من مستعمرات بريطانيا السابقة.
وبعد تغيير طريقة الحكم في منطقة جبل طارق، طالبت إسبانيا بإعادة المنطقة لسيادتها، مشيرة إلى أن الاتفاقية بين البلدين تنص على إعادة المنطقة إلى إسبانيا في حال حدوث تنازل بريطاني عنها. أما بريطانيا فأعلنت أنها لم تتنازل عن المنطقة، وأن الحكم الذاتي لا يلغي انتماء المنطقة إلى التاج البريطاني. مع ذلك وافقت بريطانيا على فتح ميناء جبل الطارق أمام السفن الإسبانية.
ومثلت جبل طارق قاعدة مهمة للبحرية الملكية، لا سيما خلال الحروب النابليونية والحرب العالمية الثانية، حيث سيطرت على الممر من وإلى البحر الأبيض المتوسط، ولا تزال هذه المنطقة مهمة من الناحية الاستراتيجية، حيث يمر نصف التجارة البحرية في العالم عبرها.
ويعتمد اقتصاد جبل طارق إلى حد كبير على السياحة والمقامرة عبر الإنترنت والخدمات المالية الضريبية والتزويد بالوقود للسفن المارة من هناك.
2-أنغيلا من أقدم المستعمرات البريطانية
وصل المستوطنون الإنجليز الأوائل أنغيلا عام 1650. وركزوا على زراعة التبغ، ولاحقاً استولى الفرنسيون مؤقتاً على الجزيرة عام 1666، لكنهم أعادوها إلى السيطرة الإنجليزية بموجب شروط "معاهدة بريدا" في العام التالي.
جلب المستوطنون الأوروبيون الأوائل معهم مجموعة من العبيد الأفارقة. وأُجبر العبيد على العمل في مزارع السكر، وبمرور الوقت، تفوق عدد الأفارقة وذريتهم عدد المستوطنين البيض. وبعد إنهاء تجارة الرقيق في نهاية المطاف داخل الإمبراطورية البريطانية عام 1834، بقي الكثير منهم في الجزيرة.
وبعد عدة محاولات للاستقلال، تم إرسال 300 جندي بريطاني في 1969. وأعيدت السلطة البريطانية، وأصبحت أنغيلا أحد أقاليم ما وراء البحار البريطانية.
3- برمودا ملاذ ضريبي ومركز سياحي
يتكون أرخبيل برمودا من 181 جزيرة شمال المحيط الأطلسي، وأصبحت إحدى المستعمرات البريطانية عام 1684. وكانت في البداية مركزاً لبيع العبيد، ولكن مع توقف تجارة الرقيق بحلول نهاية القرن الـ17، تطورت المستعمرة إلى قاعدة للتجار والبحرية الملكية، وبعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت مركزاً مالياً وملاذاً ضريبياً.
يبلغ عدد سكان برمودا حوالي 64 ألف شخص، مما يجعلها ثاني أكثر الأقاليم البريطانية اكتظاظاً بالسكان، ويشكل السود الذين ينحدرون من العبيد الأفارقة، حوالي 50% من السكان، بينما يمثل البيض، ومعظمهم من البريطانيين والأيرلنديين والبرتغاليين، 30%.
4- جزر فيرجن.. مستعمرات بريطانية وأراض أمريكية
في أوائل القرن السادس عشر شهدت الجزر صراع الإنجليز والهولنديين والفرنسيين والإسبان والدنماركيين للسيطرة عليها، أما السكان الأصليون للجزيرة خلال هذه الفترة؛ فيُعتقد أنهم إما فروا إلى جزر أكثر أماناً أو قتلوا.
وتصارعت تلك القوى على بناء مستعمرات في الجزر الرئيسية لسنوات حتى عام 1672، استولى الإنجليز على معظمها وفي الوقت نفسه، سيطر الدنماركيون على جزر أخرى. أدخل البريطانيون قصب السكر الذي كان سيصبح المحصول الرئيسي ومصدر التجارة الخارجية، وتم جلب أعداد كبيرة من العبيد قسراً من إفريقيا للعمل في مزارع قصب السكر.
في عام 1917، اشترت الولايات المتحدة الجزر التي سيطر عليها الدنماركيون مقابل 25 مليون دولار أمريكي، وأعادت تسميتها "جزر فيرجن الولايات المتحدة".
بينما بقيت الجزر التي سيطر عليها البريطانيون مستعمرات بريطانية، ولاحقاً مُنحت بالحكم الذاتي في عام 1967 وأصبحت لاحقاً أحد أقاليم ما وراء البحار البريطانية، وتعتمد في اقتصادها اليوم بشكل أساسي على السياحة وخدمات الملاذات الضريبية.
5 – جزر كايمان.. لا ضرائب على الثروة أو الدخل
تقع جزر كايمان جنوب كوبا، وتعتبر جزءاً من منطقة غرب البحر الكاريبي، وتعد المنطقة مركزاً مالياً عالمياً رئيسياً للملاذات الضريبية، للشركات الدولية والأثرياء. ويعود ذلك لكون حكوماتها المتعاقبة لم تفرض ضريبة دخل أو ضريبة أرباح رأس المال أو أي ضريبة ثروة، مما يجعلها ملاذاً ضريبياً شهيراً.
سيطرت إنجلترا رسمياً على جزر كايمان عام 1670، وشأنها شأن باقي أغلب المستعمرات البريطانية وأقاليم ما وراء البحار البريطانية، تم جلب العديد من العبيد الأفارقة للجزر، وأصبح من ينحدر من أولئك العبيد يمثل 24% من سكان الجزر البالغ عددهم 78 ألف نسمة.
6- جزر فوكلاند
جزر فوكلاند هي أرخبيل جنوب المحيط الأطلسي. وتتمتع جزر فوكلاند بالحكم الذاتي الداخلي، لكن المملكة المتحدة تتحمل مسؤولية الدفاع والشؤون الخارجية.
شهدت تلك الجزر مستوطنات فرنسية وبريطانية وإسبانية وأرجنتينية. وسيطرت بريطانيا بالكامل في عام 1833، لكن الأرجنتين تحتفظ بمطالبتها بالجزر. وفي أبريل/نيسان 1982 غزت القوات الأرجنتينية الجزر.
ما أدى إلى اشتعال الحرب، التي عُرفت باسم حرب الفوكلاند، وراح ضحيتها آلاف القتلى، وانتهت باستسلام الأرجنتين.
في استفتاء عام 2013 على السيادة، صوت سكان جزر فوكلاند لصالح البقاء بوضع أقاليم ما وراء البحار البريطانية. لكن الوضع السيادي للإقليم هو جزء من نزاع مستمر بين الأرجنتين والمملكة المتحدة.
7- أكروتيري وديكيليا قواعد عسكرية بريطانية في قبرص تموّلها الولايات المتحدة
على الرغم من اعتبار أكروتيري وديكيليا، إقليماً بريطانياً لما وراء البحار في جزيرة قبرص، لكنه في الحقيقة ليس سوى قواعد وأراض عسكرية احتفظ بها البريطانيون، بموجب معاهدة عام 1960، وقعتها المملكة المتحدة واليونان وتركيا وممثلون عن القبارصة اليونانيين والأتراك، عندما حصلت قبرص على استقلالها عن الإمبراطورية البريطانية.
وأرادت بريطانيا الاحتفاظ بالسيادة على هذه المناطق؛ لأن هذا يضمن استخدام القواعد العسكرية في قبرص، وتأتي أهمية تلك القواعد بالنسبة للبريطانيين بسبب الموقع الاستراتيجي للجزيرة، على البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من قناة السويس والشرق الأوسط.
في عام 1974، حدث انقلاب عسكري قام به الحرس الوطني القبرصي؛ في محاولة لتحقيق الاتحاد مع اليونان، فدخلت تركيا شمال قبرص؛ مما أدى إلى إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية. وتوقف التقدم التركي عندما وصل إلى منطقة قاعدة ديكيليا لتجنب الصراع العسكري مع المملكة المتحدة.
بسبب العلاقات بين المملكة المتحدة وأمريكا، سُمح للأمريكان بوضع رادارات داخل تلك القواعد، وفي عام 1974، عندما قررت الحكومة البريطانية الانسحاب بالكامل من قبرص، بسبب الضغط على ميزانية الدفاع. والطلب المتزايد على القوات البريطانية في أيرلندا الشمالية.
عارضت الولايات المتحدة بشدة أي انسحاب بريطاني من شأنه أن يؤدي إلى فقدان الولايات المتحدة الوصول إلى معلومات الرادارات، فوافقت الولايات المتحدة على المساهمة في التكاليف الأساسية، وألغى البريطانيون خطة الإغلاق.