06-03-2023 04:10 PM
بقلم : الدكتور عماد نعامنة
أوْلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله أيّما اهتمام بملفّ التعليم منذ تولّيه سلطاته الدستوريّة، حيث يحظى قطاع التعليم بعناية جلالته، إذْ ما يفتأ يسدي توجيهاته السامية وتطلعاته السديدة ورُؤاه الثاقبة للمعنييّن في هذا المجال؛ بغيةَ تطوير المنظومة التعليميّة، والارتقاء بجودة التعليم ومخرجاته وفق المعايير العالميّة المتقدّمة؛ ليبقى الأردن في عُليا مكانته في ميدان التربية والتعليم، فجعلت الورقة الملكيّة النقاشية السابعة التربيةَ والتعليمَ مدار رحاها ومناط فكرها، إذْ قال فيها: " نتطلّع إلى أردن يتبوّأ مكانه في مصافّ الدول التي سبقت في هذا الميدان، واستطاعت بالجهد والمثابرة انتزاع المراكز المتقدمة فيه". وها هو ذا جلالته يؤكّد في المئويّة الثانية من عمر المملكة الأردنيّة الهاشميّة، ضرورة أنْ يستعيد تلك الصدارة التي تبوّأها في المئويّة الأولى من عمر وطننا، حيث قال مستشرفًا ملامح مستقبل الأردنّ المشرق في أثناء إطلاقه رؤية التحديث الاقتصاديّ: "نريده مستقبلا مشرقًا نعزّز فيه أمننا واستقرارنا، ونمضي خلاله في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع. نريده مستقبلًا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم، وننهض فيه باقتصادنا، وتزداد قدرات قطاعنا العام وفاعليته، ويزدهر فيه قطاعنا الخاص؛ فتزداد الفرص على مستوى متكافئ، ونواجه الفقر والبطالة بكلّ عزم، ونحدّ من عدم المساواة، وينطلق شبابنا في آفاق الريادة والابتكار".
وليس لقاء جلالته وولي ّعهده الميمون سموّ الأمير الحسين بن عبدالله الثاني حفظهما الله بمعالي وزير التربية والتعليم الموقّر الأستاذ الدكتور عزمي محافظة الأكرم في قصر الحسينيّة العامر بأدلَّ على ذلك. وإننّا في هذه العجالة نستلهم من ذاك اللقاء المثمر الرسائل الآتية:
- حرص جلالته على أنْ يتبوّأ التعليم في الأردنّ المكانة المرموقة التي حظي بها على مرّ قرنٍ مضى، من تقدير دول المنطقة والعالم بأسره، فكانَ يُنظر للأردنّ على أنّه بيتٌ للخبرة التعليمية والتربويّة ومصدر تنمية الموارد البشريّة الماهرة.
- التعليم قطاع إستراتيجيّ ومدخل رئيس من مدخلات التنيمة المستدامة، ومن شأنه أنْ يوجّه مستقبل الوطن، ومسار نهضته، وأنّ قطاع التعليم من القطاعات الحيّوية التي تعدّ ركيزة أساسيّة التي تقوم عليها الأركان الأخرى: السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة... فطريقنا نحو النهضة والحضارة تبدأ من نهضة التعليم، والتعليم ليس إلّا.
- التعليم يستحوذ على التوجهات العالميّة والتفكير العالميّ الجادّ نحو التحوّل والتغيير؛ لذا فقد تنادى العالَم بقضّه وقضيضه إلى عقد قمّة عالميّة دوريّة على أعلى مستويات روّاد التربية والتعليم وقادته، تتمحور حول تحويل التعليم.
- الاهتمام بالتعليم النّوعيّ لا الكمّي، بدءًا من مرحلة الطفولة المبكّر في بيئة مدرسيّة جاذبة ومتطوّرة على امتداد الوطن، والتوجه نحو التعليم المهني والتقنيّ بعيدًا عن الانحياز للتعليم الأكاديميّ – على أهمّيّته - بوصفه أحد مُحركات عجلة التنمية الاقتصاديّة، والحدّ من البطالة والفقر، ولا سيّما أنّنا نحيا في عصر الرقمنة والمهن التقنية والتطبيقيّة التي تستقطبُ أنظار عالم العولمة.
- التّمكين وتطوير كفايات الموارد البشريّة؛ لتصبح موارد امؤهّلة وطاقات منتجة وفاعلة، بوصفها رأس مال أيّ تطوّر ومحور أيّ نهوض، فلا بدّ من إحكام الصنعة في تنميتها وفق أطر المؤهلّات والكفاءات الوطنيّة والعالميّة؛ لكي تكون قادرة على المنافسة، وامتلاك زمام الريادة والإبداع. وهذا يستلزم أنْ يتسنّم ذروةَ القيادة كلُّ مَن تُؤْنس فيه الكفاءة، استنادًا إلى مبدأ سيادة القانون، بعيدًا عن الواسطة والمحسوبيّة أو أيّة اعتبارات أخرى، وفي هذا الصّدد، قال جلالته في الورقة النقاشيّة السّادسة: "يعتبر موضوع التعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا من أكثر المواضيع التي يتم التطرق إليها عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة بعض الممارسات بهذا الخصوص، والتي أرى فيها تجاوزًا على مؤسساتنا وإثقالًا لها وللمواطن بموظفين غير أكفياء، وتجريدًا وحرمانًا لها من الكفاءات والقيادات التي تساهم بالارتقاء بها والنهوض بعملها في خدمة الوطن والمواطن. وهنا، لا بدّ من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات".
- تكاتف الجهود لمعالجة الفاقد التعليميّ الذي يعانيه الطلبة على مستوى العالم – والأردن جزء من العالم – نتيجة الجائحة الوبائيّة (كورونا 19) وما سبقها من فقر التعلّم، وما تتكشّف عنه مستويات الطلبة في الاختبارات الدّوليّة؛ لذا تعكف وزارة التربية والتعليم على تأسيس إستراتيجيّة وطنيّة للبرنامج العلاجيّ التعليميّ (الفاقد التعليميّ).
وختامًا، فمن نافلة القول أنّ معالي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلميّ الأستاذ الدكتور عزمي محافظة أنموذج لرجل المرحلة تفانيًا في العمل الجادّ والإخلاص فيه، فضلًا عن أنّه ذو عقليّة علميّة منفتحة، وذو اطّلاع واسع على أفضل الممارسات العالميّة تربويًّا، وتعتمل في خلده رؤًى وتطلّعات وأفكار تطويريّة تنويريّة جمّة، ويتمتّع بسمات شخصيّة وفيرة أبرزها الأناة الاستشرافيّة والانطلاقة التّشاركيّة، والتفكير التأمّليّ والتبحُّر بحيثيّات ملفات التربية والتعليم قاطبةً، ما جعله مصدر تقدير البيت الهاشميّ العامر، ومحطّ ثقة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ووليّ عهده الأغرّ الحسين بن عبدا لله الثاني رعاهما الله وسدّد خطاهما؛ لما فيه خير الوطن والأمتين العربيّة والإسلاميّة والإنسانيّة جمعاء.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-03-2023 04:10 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |