07-03-2023 08:13 AM
سرايا - نظمت جمعية الصداقة الأردنية الروسية، أول من أمس، حفل توقيع كتاب “الأوديسة السورية- أنثولوجيا الأدب السوري” للباحث أحمد جرادات، الذي رصد ريعه لدعم صمود الشعب السوري.
تحدث في الحفل الذي أداره الباحث نواف الزرو؛ أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية د. جورج الفار، الذي قال “في الأوديسة السورية نتاخم حدود الألم والوجع السوري والعربي، ومأساة الشعب السوري والإنسان المتألم الذي يرى الحرب على بلاده وفي بلاده وحزن العائلات والمهجرين والمهاجرين من وطنهم.. نلامس يوميات الحرب والقتل الذي دارت رحاها في البيوت والشوارع والبلدات والمدن”.
ويتابع الفار حديثه قائلا “تنتاب القارئ في هذه الأوديسة عواطف جياشة ونشعر بالصراع الذي دار وما يزال يدور في عقل المواطن السوري وقلبه؛ صراع بين اليأس والأمل، بين الموت والحياة، بين الذبح والمقاومة، بين الجنون والحكمة، بين الخوف الذي يسكن العيون والهمة التي تسكن السواعد والإرادة، بين وطن يضيع ووطن ينتصر، بين أحقاد سوداء وتضحيات جسام، بين وحشية همجية وإنسانية عطوفة”.
ويضيف الفار “يضعنا المؤلف في هذا الكتاب أمام الحرب على سورية، في عشرية سوداء امتدت من آذار 2011-2021؛ وتركنا هناك لنعالج أوجاعنا وأوجاع السوريين إخوتنا، الذين عبر عنهم أدباؤهم بمنتهى الشفافية والصدق والعفوية؛ حيث نجد أنفسنا أمام ملحمة وطنية وإنسانية تفيض دماً ووجعاً وحزناً وقتلاً، ولكنها في الآن نفسه تفيض بطولة وتضحية وفداء وأملاً بمستقبل زاهر لسورية العروبة”.
ورأى الفار، أن المؤلف يجعلنا نقف في هذا الكتاب أمام “أدب مقاوم وحروف تتحول إلى سكاكين وكلمات تنطلق كالرصاص، من أدب وشعر ومقال وقصة طازجة كتبت وقت الحرب وتحت أزيز الرصاص، وراح هو إلى المكان ليجمعها وكأنه يجمع الدرر الثمينة خوفاً من أن تضيع. وقد فعل عين الصواب، فهذا الأدب نادر وتلك الشهادات ستبقى للتاريخ وللأجيال من بعدنا”.
وتحدث الفار عن جرادات الذي له قصته الخاصة مع “المسرح والرواية والشعر والأدب”، وفي بداية شبابه كان شاعراً صاحب ثقافة رفيعة قادته نحو التعمق في الأدب العالمي والعربي، وقراءاته المتنوعة ومعرفته العميقة باللغة الانجليزية حولته إلى مترجم لعيون الشعر الذي يؤثر ويكتب فيها، لافتا إلى أن جرادات لم يكتف بالآداب وبالشعر، بل لديه مقدرة هائلة على التحليل السياسي أيضاً واستشراف المستقبل، فقد طور حاسة خاصة ومهارة لملاحقة التفاصيل على الأرض.
ونوه الفار إلى أن المؤلف كان في زمن الثورات يشد الرحال؛ حيث ذهب إلى مصر وتحديدا إلى “ميدان التحرير”، بالذات من أجل استطلاع رأي الناس، ويجلس معهم ليحاورهم ويوثق اللحظة التاريخية، كما رأيناه يشد الرحال إلى سورية وإلى دمشق يوم كان من المخاطرة أن يذهب المرء فيها إلى سورية، وهناك كان يتحدث إلى الأدباء السوريين والناس المحليين ليسألهم عن رأيهم في الحرب الدائرة. وهكذا جمع ما كتبه الأدباء السوريون أثناء العشرية السوداء التي تتحدث هنا الأوديسة السورية.
وعن الكتاب، قال الفار “عندما يقرأ المرء ما كتبه المؤلف وما ينشره يحس بلذة لاذعة وقوية من الصدق والحقيقة لأنه يكتب عن انطباعاته من وسط الشارع المتأثر بما حدث أو ينقل الينا الصورة العفوية للآداب والشعر الذي كتبه الأدباء والشعراء في لحظاتهم الأولى وردود فعلهم العفوية على ما يدور أمامهم، ويتلقى القارئ ذلك وكأنه يمسك بيديه خبزاً طازجاً خارجاً تواً من التنور لا يمكنه مقاومة رائحة الزكية وطعمه اللذيذ”.
ونوه الفار إلى أن تخصص ريع هذا الكتاب يظهر مدى اتحاد المؤلف مع قضية الشعب السوري الذي تعرض هذه المرة إلى مأساة طبيعية هي الزلزال، وكأن ما فيه لا يكفيه. وكان من العوائل الذين تداعوا لنجدة الشعب السوري، كما كان من الأوائل الذين وقفوا مع سورية وقفة عز وشموخ إبان الحرب الإرهابية والعالمية عليها ولم ينل أي شيء من صموده ولم تنحرف بوصلته أبداً.
وخلص الفار إلى أن “الأوديسة السورية”؛ جاءت تعبيراً صادقاً من قلب المعركة لما أحسه الشعب السوري ولما عبر عنه أدباؤه في كتابات شعرية ونثرية طازجة من قلب الحدث ومن قلب أناس عاشوا المأساة، ولكنها في الوقت نفسه تفصح عن هوية من انتقاها ومن حللها ومن تعب في جمعها.