حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1473

الخطأ في فهم و تطبيق العولمة أسباب رئيسة في تحول حالة الوحدة العالمية إلى حرب

الخطأ في فهم و تطبيق العولمة أسباب رئيسة في تحول حالة الوحدة العالمية إلى حرب

الخطأ في فهم و تطبيق العولمة أسباب رئيسة في تحول حالة الوحدة العالمية إلى حرب

12-03-2023 02:19 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.نشأت العزب
لازلت من أشد المعجبين و المؤيدين لفكرة العولمة بالطريقة التي أفهم بها معنى و مغزى العولمة ، فهمي لهذه الفكرة مبني على فلسفة بناء و قوانين الكون بالإعتماد على العقل و على القدر الذي توصل اليهما العلم و المعرفة لهذه اللحظة، لكن ما نراه الأن هو نتيجة لما حصل في العقدين الذين سبقا جائحة كورونا من تغيّب و تهميش للقيمة و تمكين قواعد الكسب، و الاهتمام بالسعر دون النظر للتكلفة ، إلى طريقة التعامل الأنانية للعديد من دول العالم المتقدمة في طريقة التعامل مع الجائحة ، إلى هذه اللحظة التي يعيشها العالم اليوم و تسير بها البشرية بثقة كبيرة نحو حرب عالمية لا منتصر فيها .
فالفكرة التي تحتاج تهميش وانهاء الأخر بالقوة لإثبات نفسها هي فكرة حكمت على نفسها بالفناء و الإنقراض بذلك، و الخطورة أن يتم هذا بإسم الإتحاد و الإنسانية ، فهذا التشدد للوحدة النمطية و السعي للتطابق الثقافي، الإجتماعي، الإقتصادي و السياسي هو من تسبب سابقا بمقتل 80 مليون شخص في الصين في القرن الماضي و هو من تسبب ايضاً بمقتل 60 مليون انسان في عهد ستالين و هو أيضا من دمر أوروبا و اوقع 40 مليون إنسان فيها و تسبب بمعاناة الملايين بسبب عصبية هتلر المضطرب نفسيا الذي أراد صبغ العالم بصبغة نمطية واحدة.
العالم يحتاج الإختلاف , العلم و المعرفة يحتاجان للإختلاف، التواضع و التقبل، لا يمكن لفكر واحد أن يسمو بالإنسانية و يقودها حيث نضمن مستقبل اطفالنا و حقوقنا و العيش بأمان و سلم عالميين، اذا ما نظرنا إلى معظم النزاعات و الخلافات حول العالم و في مختلف العصور فسنجد أن معظمها كان بسبب محاولة اثبات الفكر و الدين و العرق ، و هذا يدل على تأصل هذه الأفكار في دماغ البشر، فمن غير العقلاني و لا حتى العلمي و الفلسفي محاولة جعل الجميع في قالب واحد فهذا نوع أخر من أنواع التشدد و الإنغلاق، و نتيجة هذا الأمر هو ما سيشهده العالم من حروب و أزمات إقتصادية و كوارث طبيعية سوف تتسبب بإرهاق اقتصاد الدول و تغير ديموغرافية العالم بشكل لا يمكن توقعه أو التنبؤ بنتائجه، هل هذه هي العولمة التي يحتاجها العالم !
العولمة الحقيقة تكمن في وضع قانون عالمي يعنى بإيجاد نظام إقتصادي عالمي عادل أولويته هي إيجاد التوازن بين القيمة و السعر، يعنى بمساعدة الدول الفقيرة و إعطائها الحق بإستخدام ثرواتها، يعنى بالعمل على فتح كل الطرق و الوسائل التي تعنى بتعارف الشعوب و تقبلها لبعضها مع إحتفاظها بكامل هوياتها و عقائدها ما لم تتسبب بالضرر للأخر ، إيجاد قانون لتنظيم عمل الشبكة العنكبوتية لجعلها مكاناً آمناً لتقبل الأخر و التفاهم معه بعيدا عن لغة الكراهية و فرض الرأي و التشدد، الاهتمام بتمكين الملكية الفكرية و العلمية ، العمل على إيجاد بيئة سليمة لجعل جميع الدول تسهم بالتقدم الإنساني في مختلف المجالات و العديد من الأمور الأخرى التي لا يتسع المقال لذكرها.
العالم اليوم أمام تحدي وجودي فما كان بالأمس خياراً أصبح اليوم ضرورة، فلا يمكن لحالات التعصب التي يعيشها العالم اليوم مثل التعصب للنوع ، و التعصب للعلم أو الدين ، و التعصب للكسب و غيرهم الكثير ، الا أن يدفعا العالم إلى صدام يعيدنا مئات السنين للخلف، إن أي فكرة سليمة هي بمثابه بيت قادر على تقبل و التفاهم مع أي فكر مختلف، فلا أحد يملك الحقيقة و لن يمتلكها أحد، فكل معرفة البشرية و منذ الأزل ما هي إلا محاولات للإقتراب من الحقيقة.
هذا جزء من مفهوم العولمة التي أفهم، و هكذا يتم تشكيل وعي جمعي عالمي عادل موحد بعيدا عن تعصب و أصولية الوعي الجمعي المنغلق و المنحاز، فالقانون الحقيقي هو الذي يستمد قدسيته من اهتمام القوي و الضعيف، الفقير و الغني، الأقلية و الأكثرية بتطبيقة بعدالة لإدراكهم أن بذلك تحفظ حالة التوازن و السلم و تتوفر البيئة السليمة للتقدم و التطور .
فالأصولية و التعصب لأي رأي أو معتقد و إستخدام القوة لفرضهما هما أول خطوة في طريق معاناة و انقراض النوع البشري، فجمال الإنسان الحقيقي يكمن في عدم كماله و ذلك ليحاول الإقتراب من الكمال بالتعرف و تقبل إختلاف الأخر، الأخر الذي قد يكون المختلف و النقيض و العكس، فالبشرية جسد واحد و الإختلاف يضمن ديمومتها و تطورها.

بقلم: د. نشأت العزب
azabnashatco@gmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 1473
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-03-2023 02:19 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم