13-03-2023 08:47 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
الأحكام المسبقة ما تزال تلاحق تجربتنا الحزبية الحديثة، ويحكم البعض عليها بالفشل، وفي النقاش الدائر في الأوساط السياسية ثمة كلام كثير معاد ومكرر عن تجارب الماضي، وعن أولوية الشأن الاقتصادي على غيره من الشؤون وفي مقدمتها الشأن السياسي، وآخرون يقولون إن التشكيل الحزبي يشبه الهرم المقلوب، بمعنى أنه يأتي من القاعدة الشعبية، وليس من القيادات الحزبية، وذلك كلام لا يصلح للنقاش ما لم نتفق على المنطلقات والحقائق القديمة والجديدة التي يجب أخذها في الاعتبار.
في بداية نشوء الدولة تشكلت أحزاب وطنية في الغالب الأعم، وفي فترة الخمسينيات والستينيات نشأت أحزاب تنتمي إلى أيديولوجيات قادمة في معظمها من خارج البلاد، وفي بداية التسعينيات عادت الأحزاب خليطا من ذلك كله، وبقينا على هذا الحال إلى أن دخلنا مرحلة التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، وصدور قانونين جديدين للأحزاب والانتخاب لسنة 2022.
كان ذلك بناء على توجيه ملكي، أراده جلالة الملك أن يكون مشروع الدولة لتدخل به المئوية الثانية من عمرها، وكان تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية إطارا تشاركيا بين جميع التيارات والاتجاهات لكي تتفق على المبادئ والأسس التي تقوم عليها العملية السياسية في شكلها ومضمونها الوطني الجديد، الأمر الذي تمت على أساسه عملية إعادة تشكيل الأحزاب القائمة، وتشكيل أحزاب جديدة وفق شروط ومتطلبات القانون الجديد.
تلك هي القاعدة الدستورية المتينة التي تقوم عليها التجربة الحزبية الجديدة، وهي الضمانة الأولى لإنجاحها وتطويرها وتصاعدها وفق مراحل زمنية تبدأ بتخصيص 41 مقعدا للأحزاب في البرلمان القادم، الأمر الذي يجعل الحركة الحزبية جزءا من عملية متكاملة، في صميم حيوية برلمانية تفضي في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومات من أغلبية حزبية، وهذا يعني أن النجاح أو الفشل يرتبط الآن بتلك التكاملية وليس بالحركة الحزبية وحدها!
هاتان حقيقتان لا بد أن نتفق عليهما عندما نتحدث عن مستقبل الحياة الحزبية الأردنية، ويمكن أن نضيف حقائق أخرى مرهونة بالمستقبل القريب عندما يقف ممثلو الأحزاب في البرلمان وهم يعبرون عن رأي الأحزاب التي يمثلونها، وليس عن رأيهم الشخصي، وعندما تكون تلك الآراء مستندة إلى شروحات لجان الحزب التي ستعمل ضمن مفهوم (حكومة الظل) تدرس القضايا والشؤون الوطنية بدراية وإمعان وتبصر، وفق مقارنة موضوعية بين برنامج الحزب وبرنامج الحكومة استنادا إلى السياسات والأرقام والمؤشرات، الأمر الذي يمكن أن يحدث تغييرا جوهريا في طبيعية وأساليب النقاشات التي ألفنها في البرلمانات السابقة.
نقاشاتنا الوطنية كلها مشروعة وواجبة، ولكن حان الوقت لتغيير قواعد النقاش لتكون أقرب ما يكون لمفهوم الحزمة الواحدة للعملية السياسية، دون إنكار للتحولات الجديدة، ودون مصادرة للنتائج قبل الوصول إليها!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-03-2023 08:47 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |