13-03-2023 10:12 AM
بقلم : الدكتور هيثم الربابعة
يحتل البحث العلميّ أهمّيّة كبرى في سائر المجتمعات الإنسانيّة، وبات واضحًا أنّه ما من تقدّم أو تطوّر وبالتالي حلّ للأزمات التي تعاني منها هذه المجتمعات إلاّ من خلال الاهتمام بالأبحاث العلميّة ودعمها. لكنّ الواقع أنّ البحث العلميّ في بلدنا الأردن لم يرق إلى المستوى الذي يتمنّاه الشعب الأردني حيث تتمكّن من الإنتقال من العالم الثالث إلى واقع العالم المتقدّم بما يحمله من تطوّرات وإختراعات.
فتقدّم الشعوب والتطوّر والإبداع لا يتحقّق إلاّ بالبحث العلميّ الذي يضمن التنمية الشاملة، والتفوّق، والرفاهيّة للإنسان خصوصًا أنّ العالم في سباق نحو المعرفة، والعلوم التي تتطلّب دراسات وافية، وبحوث علميّة هادفة قادرة على دفع عجلة التنمية الشاملة. فالبحث العلميّ هو المدخل الصحيح لإزدهار الأمم، وقد بات من الضروريّ زيادة الإنفاق عليه، والعمل الجادّ في سبيل تعزيزه وتطويره لمواجهة التحدّيات المحدقة به في العديد من المجالات إسوة بالدول المتقدّمة التي تدعم البحوث، والدراسات بالأموال الطائلة للإستفادة من نتائجها.
- أما بالنسبة إلى معوّقات البحث العلميّ، فيمكننا دراستها من ثلاثة جوانب :
"الجانب الأوّل" ، معوّقات تتعلّق بالبحث ومنها:
ََضَعف التواصل مع مركز البحث، والحصول على النماذج المتعلّقة به.
ضَعف النشر في المجلاّت الأجنبيّة والدوريّات العربيّة.
قلّة المراجع، والمصادر، والدراسات السابقة.
"الجانب الثاني" ، معوّقات تتعلّق بالباحث ومنها:
إنشغال الباحث بمسؤوليّات عدّة، وبالتالي عدم إعطائه بحثه وقتًا كافيًا.
عدم الرغبة في إنتاج الأبحاث العلميّة لعدم وجود الحوافز.
عدم وجود مهارات لدى الباحث يتطلّبها البحث العلميّ، تتمثّل في صعوبة إختيار البحث، وتحدّيد المشكلة، ثمّ عدم التمييز بين أهمّيّة البحث وأهدافه.
"الجانب الثالث" ، معوّقات تتّصل ببيئة العمل ومنها:
عدم وجود فرق خاصّة بالباحثين.
عدم وجود الحوافز المشجّعة.
تدخّل النافذين في الدولة من قادة، وإداريّين، وفرض رأيهم على الباحث.
عدم تلقّي الباحث الدعم من الهيئات المساعدة.
عدم تمكّن الباحث من حضور المؤتمرات التي من شأنها مساعدته في تقوية بحثه.
يضاف إلى هذه المعوّقات، قصور المناهج المتّبعة من حيث الخلط بين المنهج، وبين أدوات جمع البيانات الذي أصبح شائعًا ليصبح البحث مجرّد تكثيف للبيانات كاستمارة المقابلة، أو الإستبيان، وهذا يؤدّي إلى إختزال وظائف المنهج العلميّ، وتحويله إلى مجرّد السرد والعرض بعيدًا عن التفسير والتحليل اللذين لا بدّ منهما. وهناك قصور آخر لا يقلّ أهمّيّة عن الأوّل، وهو مرهون بالحوار بين المشتغلين بالبحث في الجامعات، ومراكز البحث، ودعم روح الفريق الواحد الذي يربط الجسور بين كلّ الجهات المعنيّة بالبحث، والمنتفعة به على السواء. ناهيك عن السبب الرئيس الذي يكمن وراء كلّ ذلك، وهو عدم رصد الدول في ميزانيّاتها المبالغ الماليّة اللازمة للبحث، والتطوير العلميّ، إذ لا يشكّل الإنفاق على البحوث العلميّة إلا نسبة قليلة جدًّا مقارنة بما ترصده الدول المتقدّمة ما يُضعف البحوث الأردنية نوعًا وكمًّا.
نحن بحاجة إلى العمل الدؤوب، والتفكير الجدّيّ بزيادة الإنفاق على البحث العلميّ والإهتمام به، فقلّة الإنفاق على البحث العلميّ في الأردن مقارنة مع دول العالم الأخرى هي سبب قصور أداء المؤسّسات الأردنية المعنيّة بالبحث العلميّ. فلا شكّ في أنّ قلّة الإنفاق على البحث العلميّ، والتطوير ستنعكس سلبًا على الباحث الأردني من حيث الإنتاج العلميّ، فالأردن أقل إنفاقًا على هذا الصعيد. وتوفّر المال لإنجاز الأبحاث العلميّة شرط ضروريّ ولا يمكن أن يتمّ من دونه. ويجدر بنا القول هنا بأنّ الأمّة التي لا تستفيد من طاقات علمائها والمتخصّصين فيها لا يمكن أن تنهض.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات العربية الحديثة والتخطيط اللغوي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-03-2023 10:12 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |