حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1986

"التعديلات القضائية" في إسرائيل توضح تناقضاتها

"التعديلات القضائية" في إسرائيل توضح تناقضاتها

"التعديلات القضائية" في إسرائيل توضح تناقضاتها

14-03-2023 08:41 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد يونس العبادي
ما الذي يجري في إسرائيل اليوم؟ وهل بدأ المجتمع المتناقض هناك يعبر عن صورةٍ أكثر وضوحاً؟ وهل فشل هذا المشروع بعد عقودٍ من العمل عليه، وضح الاموال فيه.. ذلك أنك تستطيع أن تصنع هياكل دولٍ، وتستطيع أنّ تجد لها رموزاً، ولكنك دوماً ما تعجز عن صناعة مجتمعٍ، وناسٍ، وعمرانٍ بشريٍ، هو أهم من العمران المادي.
إنّ ما يجري في إسرائيل اليوم لافت جداً، فنتيناهو اجترح معادلة حكمٍ تقوم على تحويل شكل الدولة هناك، من مدنيٍ إلى ديني، وما خطة "الإصلاحات القضائية" التي يسير بها هو والمتحالفون معه من الاحزاب الدينية (الحريدية)، إلّا البداية التي أرستها سابقاً قوانين يهودية الدولة، فإضعاف القضاء هناك هو الخطوة المتوقعة بعد إرساء يهوديتها، ذلك أن فئة من المجتمع هناك تريد أن تقصي الأخرى، وهي فئة الليبراليين، أو من يرون في إسرائيل بأنها دولة مدنية، أو كما يطرحوا في سرديتها، بأنها امتداد للحضارة الغربية، وسط منطقةٍ غير ديمقراطية.
اليوم، ومع انتهازية نتنياهو، تتبدى الصورة بشكل أوضح، عن الفئة الأكبر هناك، وهي فئة اليهود المتطرفين، الذين أوغلوا ليس في دماء الفلسطنيين وحسب، وإنما يختلفون اليوم مع أبناء جلدتهم على شكل الدولة، فيريدون حمل مطرقة القضاء بوجه كل من يعارض حلمهم المبني على معتقداتهم حصراً.
وما تحذير الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ من "تمزق إسرائيل" إلّا تعبير عن حجم وعمق المتغيرات الكبيرة المعاشة هناك اليوم، فمنذ أكثر من شهرين والمظاهرات والاحتجاجات تطارد نتيناهو بشخصه، وتحمله مسؤولية المآلات، وهو يحاول بكل قواه أن يصدر أزمته الداخلية، سواء إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أم إلى غيرها من قضايا المنطقة.
ويرى هرتسوغ أنّ إسرائيل تسير اليوم إلى الهاوية، ونقطة اللاعودة، بل ويعجز رغم كل صيحاته عن إيقاف الانقسام الحاصل هناك.. ولا تجد صيحاته أيّ أذن صاغية من قبل الائتلاف الحاكم، فنتيناهو يريد البقاء في السلطة، ويريد تجنب محاكمته بقضايا الفساد، ولقاء هذا الامر فـ "لتخرب الدنيا".
وهذا التحذير يثير هواجس الغرب أيضا،ً فمن تأمل مشهد زيارة وزير الدفاع الامريكي لويد أوستن الأخيرة، وكيف اضطربت مواعيدها جراء المظاهرات وحجم الاحتجاجات، لتنتهي إلى قمةٍ سريعةٍ في المطار، يؤكد أنّ إسرائيل اليوم عاجزة عن تقديم نفسها حتى لمن صاغها، أو يبرر وجودها.
فهناك "الدولة" كلها تسير بالسقوط بيد فئة من المتطرفين، الذين ينتجون ذات خطاب الكراهية، حتى بات عبئاً على سرديتها وروايتها، بل وصورتها في عيون داعميها.
إن ما يجري في إسرائيل اليوم هو تعبير عن تشظٍ كبير، وله أوجه سياسية يعبر عنها أحزاب الحريديم وامتداد مساحاتها لقاء تراجع الأحزاب التقيلدية مثل العمل وغيرها، وهو أمر طبيعي في ظل مشروع تأسس بدايةً على أيديولوجية استقت مفاهيمها من معتقداتٍ دينية، وإن كانت في مرحلتها الأولى تقدم القومية على الدين.
وهو أيضا، تشظي اجتماعي، بين من يرون في إسرائيل بأنها امتداد ليبرالي غربي ديمقراطي، مقابل تيار آخر يرى فيها مشروعاً دينياً.
إنّ تأمل المشهد في إسرائيل اليوم، وإصرار نيتناهو وائتلافه الحكومي على المضي بتعديلاتهم القضائية، والتي هي ليست إلا عنواناً لصراع أكبر في العمق، يدرك بأننا أمام أيام حبلى بالكثير من المتغيرات هناك، ولربما هي حتمية التاريخ، ومنطق الأشياء والأمور..








طباعة
  • المشاهدات: 1986
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-03-2023 08:41 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم