16-03-2023 11:16 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
لم تكن السياسة التي تَبَنَّاها البنك الفدرالي الامريكي والتي اتسمت بالحدِّة المشوبة بالعناد والعنجهية خلال الفترة القريبة الماضية والتي لن ادخل في تحليلها لإثبات صحتها من عدمه فامريكا هي بلا منازع رائدة وقائدة الاقتصاد العالمي برمَّتِه بل هي ضابطة إيقاع الاقتصاد العالمي وجامعاتها هي أم العلوم في الاقتصاد والمال والأعمال وليست بحاجه الى خبير يكتشف لها أبجديات العمل المصرفي ويكتشف ان رفع اسعار الفائدة يؤثر سلباً على قيمة السندات الحكومية ، فأنا هنا لست معنياً بهذا الصدد وكل ما اريد قوله ان هذا السلوك الفيدرالي لم يكن على الإطلاق السبب الرئيسي في هذا الانهيار الاقتصادي المحدود الذي عُرِفَت بدايته ولا اعتقد ان هناك من يدَّعي معرفة نهايته ولا احد يعلم مدى اتساع نطاقه ولا مدى قسوة عواقبه .
الشعب الامريكي المحترم والاكثر واقعية على المستوى المعيشي والحياة المادية البحتة والتي لا يشكك بها احد معلوم لدى المختصين والمهتمين بالشأن السياسي والاجتماعي العالمي ان هذا الشعب ربما يكون المُتَذَيِّل لقائمة شعوب الارض عن جدارة واستحقاق بعدم اهتمامه واكتراثه بالشأن السياسي خارج الولايات المتحدة الاميركية بل ربما لا اكون مُبالِغاً إذا قلت وبالشأن الامريكي الداخلي واعني هنا الدخول في تفاصيل السياسة وتداخلها خارجيًا وداخلياً كما هو حال كثير من شعوب دول هذا العالم الغير متوازن والذي يعيش في حالة من الظلم الناجم عن اختلالات كبيرة في الآونة الاخيره والتي تلقي بظلالها اليوم على العالم بلا استثناء ، فهذا الشعب منغمس في عمله وفي تفاصيل معيشته المادية من قمة رأسه حتى أخمص قدميه ، وكما قال احدهم ان الامريكي لا يهمه بل لا يكترث بان يعرف السيرة الذاتية للمرشح لمنصب الرئيس ، وغالباً قبل يوم الانتخاب يسأل عن اسم المرشح الذي يُمثل الحزب الذي ينتمي اليه ليملأ اوراق الانتخاب حسب الروتين المُتَّبَع .
لا يُشَكِّكُ احد بأن امريكا واوروبا تمارس الديمقراطية داخل حدودها وتمارسها مع شعوبها الأصليين بكامل تفاصيلها ،كما انه لا احد يشكك بالعملية الانتخابيه الرئاسية في امريكا تحديدا ، فالكل يدلي بصوته ويكتب على اوراق الانتخاب الكثيرة الأسماء التي يختارها بحرية تامه، وتدخل العملية الانتخابية برمتها في إجراءات معينة تسير وفق نظام انتخابي طويل عريض مُعَقَد تُفرِزُ في نهاية المطاف الرئيس الامريكي الذي بناءً عليه يدخل البيت الابيض معززاً مكرما .
الأحداث الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ في ألعالم منذ بضع عقود من الزمن بقيادة رؤساء امريكا لهذه الاحداث أمر يدعو للغرابة او الدهشة حيث ان هذه الشخصيات الرئاسية الامريكية لا تعكِسُ بحال من الاحوال الهوية الشعبية والانسانية الامريكيه ولا تمتُ الى ما ورد في مقدمة هذا المقال عن هذا الشعب المحترم ، فهذه الشخصيات الرئاسية كانت وما زالت منسجمة مع واقع الاحداث والمتغيرات الدراماتيكية المتدحرجة والتي ادت الى انحرافات متطرفة في النظام العالمي بكامل تفاصيله ، ولن اذهب بعيداً في استحضار نماذج لهولاء الرؤساء ، فولاية الرئيس جورج دبليو بوش الابن صاحب الفكر المبني على عقيدة دينية غير مسبوقة في البيت الابيض مرتكزها الفكر الصليبي البائد كما قالها هو بنفسه وحاول البيت الابيض التغطية على ذلك بالقول انها كانت زلة لسان من الرئيس الذي قاد تحالفاً دولياً ضد العراق
" بالرضى او بالإكراه " كانت هي البداية للتغيير العالمي الاكثر عمقاً وابعد بكثير من التغيير الجيوسياسي الذي حدث ، بل كانت له تداعيات ما زالت ارتداداتها حتى هذه اللحظة نشطة وما زالت فاعله وقابلة الى إحداث متغيرات بلا حدود .
لم ولن تكون رئاسة باراك اوباما لأعوام ثمانيه شهادة او شاهدة على ديمقراطية امريكا بأن تولى رئاستها رجل من اصول افريقية ولم تكن امريكا بحاجة الى شهادة حسن سلوك عالميه ومنحها ابراء ذمة بِخُلُوِّها من العنصرية او اية اتهامات او ادعاءات غير واقعيه ، لم تكن امريكا على الإطلاق بحاجة الى اي شيء من هذا القبيل ولم تكن بوارد النظر اصلاً في اي ادعاء يصدر عن اي جهة كانت " هذا لو كان هناك من يجرؤ على هذا الادعاء " بل كانت حالة تستدعي شخصية اوباما في ظرف تم صناعته امريكياً كصناعة امواج التزلج التي يتم عملها في بيئة مشابهة لمياه المحيط فتجعل فيها امواج عالية عاتيه ثم تُسكِنُ هذه الأمواج بما يتناسب مع الرياضة التي يتنافس بها المتنافسون ، فقد جاء اوباما عقب الزلزال الذي ضربت به امريكا منطقة الشرق الاوسط بلا هواده ، ثم جيء بالسيد اوباما ليضفي على الاجواء نوعاً من الطمأنينة الجوفاء والتي تجلت ببعدها عن الواقع والحقيقه في كلمته التي القاها في جامعة القاهرة ، هذا الرئيس الذي لم ينتبه للخطوط الحمراء التي رُسِمَت له وبلا انتباهٍ منه اراد ان يتخذ موقفاً حاسما في سوريا فتم منعه مباشرة وادرك انه كاد ان يقع في المحظور .
واستطرداً " لانني اعشق الاستطراد " اقول ،
لا يختلف اثنان على ان شعوب الارض كلها تعتز وتفتخر عندما يكون لها قائدا شجاعاً عادلاً حازماً لا يهاب ، وهذه فطرة اودعها الخالق سبحانه وتعالى في البشرية كلها على اختلاف الوانها والسنتها فلا زال العالم كله يحتفي ويذكر ويعيد في سِيَر القادة الابطال العظام الذين خلدهم التاريخ منذ الجاهلية الاولى وسيبقى هذا السلوك وتبقى هذه المشاعر ما دامت الحياة .
لم يكن دونالد ترامب من الذين عملوا في البيت الأبيض قبل توليه الرئاسة ولم يكن معروفاً او ضمن الدائرة الفاعلة على المستوى السياسي الامريكي الأعلى قبل ظهوره فجأة ودون سابق انذار ليعتلي سدة الحكم ويمسك بزمام الامور الداخلية والخارجية بصلاحيات غير معهودة ولا محدودة ، وادار النظام العالمي والامريكي من مكتبه في البيت الابيض ، فأعطى ، ومنع ، ومنح ، وحجب ، وظلم واعتدى ،
ولم يردعه احد ، وكان واثق الخطوة يمشي بلا التفاتة الى قانون عالمي تم كسره عن سبق اصرار وعمد ،
ولو كنتُ امريكياً لما قبلت رئيساً غيره ولو خيروني الى الابد ، فهذه صفات منسجمة مع وضع عالمي مهزوز الاركان مختل الموازين معوّج يراه حتى من به رمد ، فمن اطاح بهذا الرئيس !!!
كل حدثٍ له ارهاصات وكل فعلٍ له مقدمات ،
ما يجري الان في شرق اوروبا وهذه الحرب الدائرة هناك والتي لم يكن للمتحاربين ولا للجيران الداعمين لها يدُ في نشوبها ولم يكن لهم جميعا مصلحة فيها خسر من خسر او ربح من ربح مع انه لن يكون هناك رابح في هذه الحرب ، فمَن اوقد نار هذه الحرب !!
هذه حرب بدأت في ظل قيادةً امريكية واضح انها ليست قادرة على فرض كلمتها فيها بل غير قادرة على اظهار فرط قوة قراراتها التي كانت طاغية في كل الاحداث التي سبقت هذه الحرب فنراها اليوم تتحدث بلهجة مختلفة إن على صعيد الدعم العسكري المباشر او التلويح بالقوة النووية او الحديث الغير معتاد من القوة الاكبر على هذا الكوكب والتي هي مواقف امريكية غير مسبوقة على الإطلاق ، فهل كان انتخاب الرئيس بايدن له دلالات بناءً على المعطيات!!
لا نعلم هل سيأتينا الشعب الامريكي برئيس جديد يحكم العالم بأوامره المعلنة من بعيد !
ام ان الدولة العالمية العميقة قد بدأت بسحب البساط من تحت اقدام امريكا لتعيد بسطه من جديد!
أم ربما الهدوء الطاغي للرئيس بايدن هو حقاً الهدوء الذي يسبق العاصفة بالتأكيد!
ام ربما يعيد هذا الشعب الرئيس دونالد ترامب ليحكم العالم مستعرضاً توقيعه بالأسود الطاغي المليء بالوعيد والتهديد !!
أم برأيك عزيزي القارئ ، هل ما زالت خيوط اللعبة الأممية بيد امريكا تفعل بها ما تريد والى أمدٍ بعيد !!
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-03-2023 11:16 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |