19-03-2023 08:29 AM
سرايا - "لست طموحة، بل لدي رغبة و إرادة قوية لأترك بصمتي في مرحلة وطنية جديدة". هكذا أكدت رغد صدام حسين قرار عودتها القريبة الى ارض الوطن، بلهجة الواثقة من قدرتها على لعب دورٍ مفصلي حاسم في المشهد السياسي العراقي.
وقالت أن جثمان والدها سيعود مكرّما إلى العراق، وسيكون له استقبال عسكري وجماهيري مهيب، لينال حقه كرمزٍ وطني تماماً كما يتم تكريم كل رموز الدول في العالم أجمع.
كلام “رغد” جاء في لقاء خاص لبرنامج “المشهد” عبر “استديو العرب” في الذكرى العشرين لاسقاط النظام العراقي في بغداد عام 2003، بعد الدخول الأميركي الى العراق وتصفية رموز الحكم فيه.
لا شك أن تلك المحطة المفصلية أرخت بثقلها وقلبت موازين القوى والمشهد السياسي عربياً اقليميًا ودوليًا، لكن "ابنة الزعيم العراقي" بدت متفائلة ومؤمنة بمحبة الشعب وحاجته لوجودها، مؤكدة أنها تفتخر بمرحلة حكم والدها وقيادته للبلاد. فقالت: لقد كانت مرحلة عزّ وشرف ونضال، لأننا كعائلة كنا مع الناس وناضلنا لأجل الوطن ولم نفكر بالهجرة عنه. كنا نعيش لحظات الحرب في بلدنا، ولم نكن نستبعد سقوط صاروخ على مسكننا في كل لحظة.
الاحتلال
واعتبرت رغد أن العراق لا يزال محتلاً. وفيما ذكّرها المضيف الاعلامي هاني النقشبندي بخروج الجيش الأميركي من البلاد، أجابت بحزم: الاحتلال لا يزال موجوداً، والشعب العراقي يعرف التفاصيل. فهو الذي عانى ضغوط الاحتلال والادارات السيئة التي تعاقبت على حكم البلاد تحت مظلة هذا المحتل. وهؤلاء لا يستطيعون الاستمرار بحكم العراق لا اسبوعا ولا يوما واحدا بدون المظلة الأميركية.
إحراجٌ وتماسك
وأظهرت ابنة الزعيم الراحل تماسكاً ملحوظاً أمام الأسئلة الحرجة التي كادت تدمعها، عن اللحظات الأخيرة من حياة والدها صدام وإعدامه والتعامل المسيئ مع جثمانه. لكنها رفضت بشكلٍ قاطع الحديث عن تفاصيل تلك اللحظات، ولم تخض في الاخذ والرد حول طريقة التعامل مع جثمانه بعيد الاعدام، ولا في ما يشاع حول نبش قبره وعدي وحسين ومصطفى من قبل عناصر تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”. كما تمنعت عن الاجابة حول معرفتها بمكان القبور في الوقت الحالي، وأصرت قائلة: ليس مهما كيف تم اغتيال والدي بل المهم هو ان نهايته كانت نهاية عزّ ترضي الله سبحانه وتعالى وترضي كل المسلمين في العالم وكل الأحرار والابطال، ولا شك أنها ترضي الشعب العراقي الذي يحفظ لوالدي مكانة احترام وتقدير ومحبة رغم كل ما قيل وما يقال.
وأضافت: عدم احترام جثمان الميت يخالف شرع المسلمين بالدرجة الأولى. ويخالف أدبيات الحكم والتعامل مع الرموز في كل دول العالم عربيًا ودوليًا، بغض النظر عن ظروف الوفاة.
وأردفت: أنا رغد صدام حسين وهذا لقب أعتز به. نحن عشنا في مرحلة وطنية صعبة وكان لنا دوراً مشرفاً شجاعاً، وقدمنا الكثير من الشهداء للوطن. ولم نشعر بالخوف الا على الوطن. لقد تربينا على الشجاعة والاقدام والمقاومة. فأنا لا أعرف الخوف بل اعتدت على الشجاعة وعلى اخذ القرارات في كل لحظة استثنائية.
إصرارٌ على العودة
وأبدت ابنة الزعيم الراحل دبلوماسية عالية في معرض ردها على عدة أسئلة توالت حول مدى ثقتها بالشارع العراقي، ومدى تقبّل الشعب لعودتها، وموافقته على اعطائها دوراً ومنحها الثقة بإعادة نهج عائلتها الى المشهد العراقي. فأكدت على احترامها لأبناء بلدها ولخياراتهم معلنة ايمانها بالله وثقتها بأنها قادرة على ترك بصمة وطنية مميزة، وقالت: أترك للشعب مسألة تفاعله وتقبله لعودتي. فليحكموا على أدائي وأفعالي في الفترة المقبلة.
وفيما كرر المحاور سؤاله عن مدى تقبّله لعودتها ومشاركتها في القرار السياسي، جددت تأكيدها على أنها تمتلك ارادة صلبة وقوية، وقالت أنها مصممة على أن تكون جزءا من المرحلة الوطنية المقبلة، مشيرةً إلى تواصلها مع المؤيدين في العراق، رافضة التفريق بين عشيرة وفئة وطائفة.
وإذ شددت على ضرورة تماسك شعب العراق ليتخلص من سيطرة المحتل، قالت: أنا مؤمنة بالله وبالوطن وبمحبة الناس. ولقد أصبحت جاهزة لدخول معترك السياسة. وسيكون لي بصمة قوية وسألعب بإذن الله دورا حاسما.
واستدركت: ما أعرفه من خلال تواصلي مع المحبين في بلدي أن الشعب يعاني ضغوطا كثيرة، وانه مؤمن بقضيتنا ويحترم دور وتاريخ عائلتنا. فنحن ناضلنا في مرحلة عزّ وفخر حفظنا فيها كرامة شعبنا وبلادنا.
خيانة والدها
وتماهت بذكاء في جوابها على السؤال حول الخيانة التي طالت والدها، فلم تجب بأسماء من غدروا به، ولم ترفع سيفها بمواجهة أي فريق. بل شددت على اعتزازها بكل اهل العراق، وبالذين بقيوا مخلصين وأبدوا إيمانا قويًا بالقضية الوطنية حتى اللحظات الاخيرة. وقالت: لماذا ننظر الى قلة غدرت ولا نرى شعبا آمن بقضيتنا وناضل معنا حتى اللحظة الأخيرة.
وفيما أكدت أنها تؤيد عودة كل العراقيين الى بلادهم بغض النظر عن مواقفهم، لأن العيش في الوطن حق لكل شرائحه وابنائه، قالت: المشاعر شيء والمسؤولية شيء آخر. ناسنا تعرضوا لضغوط كبيرة ولا زالوا يعانون وطأة الاحتلال، وأنا أقدم كل احترامي لكل الذين صمدوا ولم يتركوا ايمانهم بالوطن والقضية.
وأضافت: أقدم احترامي لكل الاخوة الذين كانوا على سدة الحكم خلال مرحلة حكم والدي ولتضحياتهم، ولكل من يؤمن بعزة الوطن ويفخر بمرحلة بنضالنا.
وقدمت التهاني بشهر رمضان لكل العراقيين والمسلمين في العالم، ثم خاطبت اهل بلدها باللهجة المحلية: “ديروا بالكم على بعض وما اتخلوا الغريب يشتت بينكم لأجل مصالحه. القادم افضل باذن الله. وأكرر تحياتي لكل ناسي وكل المحبين في العالم، معاً سنقوم بدور جميل لهذا الوطن بإذن الله.“
ليست هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها "رغد" عن عودتها الى العراق، لكنها في هذا اللقاء بدت أكثر إصرارا.
فهل سيكون لعودتها ثقلا سياسيا، وهل ستترك بصمة كما تتوقع، أم أنها ستعود ادراجها بعد دفن والدها؟
أسئلة عديدة ستُطرَح بعد هذه المقابلة التي كررت فيها العديد من مواقفها السابقة. فإذا كان قرار عودتها_ كما قالت_ رهنًا لإرادة و تفاعل الشعب العراقي، ماذا عن الظل الايراني والعراقيل التي قد تعترض خطواتها؟
وهل حسبت حسابا للقيادات الراهنة وسط التصريحات التي تتوالى منددة بمرحلة حكم والدها باعتبارها فترة مظلمة من عمر العراق؟
وهل ستتجاهل "الاحتلال" الذي تؤكد هي على بقاء سطوته بعد عشرين سنة من اقتلاع نظام والدها؟ ام انها تتوقع من الشعب العراقي المأزوم أن يمد لها يد التعاون ويمنحها الثقة باعتبار عودتها كحبل نجاة من الازمات القائمة؟
على ماذا تراهن رغد صدام حسين بعد عشرين سنة من مغادرتها للبلاد؟ سؤال يطرح نفسه.. والأجوبة ربما تكون رهن الأحداث القادمة!