20-03-2023 06:05 PM
بقلم : الدكتور ثامر محمد العناسوة
التقارب المصري التركي حدث مهم وتاريخي في حقل العلاقات الدولية، ولقد تم الترتيب له مسبقاً برعاية قطرية في فترة المونديال عندما إلتقى الرئيسان المصري والتركي في احدى المبارايات وضمن إطار نظرية المبارايات في العلاقات الدولية؛ لذا أي تصريحات أو خطوات تصدر سواء من القاهرة أو أنقرة مرتب لها وتم التفاهم عليها.
يعتبر التقارب التركي المصري تحول سياسي إقليمي دولي بعد انقطاع دام إحدى عشرة عاماً فالربيع العربي والانقلاب في مصر كان سبب رئيسي بإنقطاع العلاقات بين الدولتين، ونتيجة تدخل الوساطة القطرية نشهد اليوم انفراج بين الجانبين لتكون المصالح هي الموجه والمحدد والثابت الأساسي الذي لا يتغير في العلاقات الدولية و القاسم المشترك وتطغى على جميع الأيدولوجيات والمبادئ والقانون وما شابه ذلك .
في الواقع ولا يخفى على أحد أن الخلافات كانت عميقة وطويلة وصلت لحد القطيعة لتعود مجدداً ببناء جسور الثقة والجدية الحقيقية في تجاوز العديد من الإشكاليات كما هو الحال بالمتغيرات التي طرأت على العلاقات السعودية الإيرانية حديثاً برعاية ووساطة صينية جميع هذه الأحداث وغيرها ما هي إلا دلالات ومؤشرات على تحولات استثنائية وجوهرية عصفت العلاقات الدولية ومما لا شك فيه أن الدول المحورية والفاعلة دولياً واقليمياً ودبلوماسياً تلعب دور الوسيط في العديد من القضايا العالقة منذ وقت طويل وذلك من خلال تقريب، وتوطيد وجهات النظر، وإعادة الروابط دبلوماسياً.
ويمكن اعتبار عودة العلاقات بين العديد من الدول مناورات دبلوماسية مثيرة للإهتمام في وقتنا الحالي والتي ستشكل برأيي تحول جيوستراتيجي وإعادة تموضع للدول في إطار السياسة العالمية وتشكيل تحالفات جديدة أكثر توازناً في النظام الدولي.
إن تطور العلاقات التركية المصرية أتت نتيجة مصالح متبادلة كما ذكرت سابقاً كتصدير الغاز مثلاً والاشكاليات الواقعة في البحر الأبيض المتوسط أو المساهمة في حل الأزمة السورية تزامناً بالتقارب السوري المصري والسوري التركي وكذلك حلحلة القضايا العالقة في ليبيا وغيرها من المصالح التي تهم الجانبين.
كما لا بد من الإشارة أن الدبلوماسية المصرية بدأت بالانفتاح والاستدارة واقعياً لعلاقاتها العربية الإقليمية ولعب دوراً أكثر تأثيراً يليق بدولة بحجم " مصر " حيث بادرت بحسن النوايا بإعادة علاقاتها مع الدولة السورية وكانت أول زيارة لوزير الخارجية المصري سامح شكري لدمشق بعد انقطاع منذ عام ٢٠١١، لتواصل القاهرة بترميم علاقتها مع أنقرة من خلال تعميق الثقة المتبادلة بين الجانبين كما جاء بإجتماع وزيري الخارجية التركي والمصري في القاهرة فتركيا تعي تماماً مدى مساهمة مصر في إيصال الغذاء إلى الدول الأفريقية، ويمكن أن تفضي تطور العلاقات إلى ممر جديد لتصدير الحبوب لمنع حدوث أزمات غذائية والتعويل على مصر أن تكون طرفاً فاعلاً في العديد من القضايا الاقليمية والدولية.
في الواقع ان الإنفراج في العلاقات السعودية الإيرانية بوساطة صينية فتحت المجال أمام العديد من الدول المتنازعة في إعادة رسم سياستها الخارجية ومراجعة علاقاتها فالتقارب السعودي الإيراني ساهم بتشكيل خارطة الطريق للعلاقات الاقليمية والدولية الجديدة، وعطفاً على ما سبق من المحتمل القريب أن تشهد الساحة السياسية تقارباً تركياً سورياً وبوساطة روسية فموسكو تعي تماماً مدى أهمية هذا التقارب وإيجاد حلول وتفاهمات للإشكاليات الواقعة بين الجانبين بموافقة روسية بطبيعة الحال، ناهيك عن وقف العمل والغاء اعتماد اللغة الفرنسية كلغة رسمية في دولة مالي الأفريقية واعتماد لغات أخرى نتيجة دخول موسكو على من خلال قوات فاغنر مناطق النفوذ الفرنسية في شمال وجنوب افريقيا .
بهكذا تكون الدبلوماسية المكوكية وتوزيع الأدوار بين بكين وموسكو فعالة وواقعية ووقائية بإمتياز وأكثر تأثيراً وبغياب الدور الأمريكي الأوروبي الواضح والمثير للجدل جميع ما تم التعرض له وما نراقبه اليوم يمكن وصفه بحركات تحرر وتمرد لم نشهدها في السابق للعديد من الدول نتيجة معاناتها التبعية والتحكم بتحديد مصيرها وعلاقاتها وتحالفاتها حيث مصالحها، وهو ما يأذن بولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-03-2023 06:05 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |