حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2650

عن تأجيل أقساط القروض: قراءة متأنية

عن تأجيل أقساط القروض: قراءة متأنية

عن تأجيل أقساط القروض: قراءة متأنية

22-03-2023 08:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رعد التل
أصبح موضوع تأجيل أقساط القروض الشغل الشاغل للشارع الأردني في هذه الأيام بين مؤيد ومُعارض، لا بل أصبح سقف الفئة المؤيدة لهذا التأجيل يتعالى، من دون تحديد للأثر المترتب على الأمر وما يلحقه من تبعات. فأي تأجيل هو عملياً زيادة لمدة تسديد القرض وكذلك زيادة لكلفة القرض بسعر فائدة أعلى. فالقسط الذي يتم تأجيله هو عبارة عن قرض جديد يتم سداده في نهاية عمر القرض بسعر فائدة أعلى وبالتالي كلفته وعبء السداد أكبر.

تُشير البيانات إلى أن هناك حوالي 800 ألف مُقترض من البنوك العاملة في المملكة، وإذا ما أضفنا إليهم حوالي 400 ألف حامل لبطاقة ائتمانية، فإن عدد المُقترضين يرتفع إلى 1.2 مليون مُقترض. ومن المعلوم أن حاملي البطاقات الائتمانية كان لهم ترتيب خاص مع بنوكهم في طريقة سداد الدفعات المُستحقة شهرياً خلال الجائحة، إذ كان هناك اتفاق بين العميل والبنك على آلية السداد، بحيث تتراوح الأقساط بين 5 % في حدها الأدنى و100 % من الرصيد المسحوب.

أما بقية المُقترضين، والبالغ عددهم 800 ألف مُقترض، فقد قامت البنوك بتأجيل أقساط القروض لهم 6 مرات خلال جائحة كورونا، كإحدى الأدوات الاستثنائية لمواجهة تداعيات الجائحة التي أثرت سلباً على دخول المُقترضين بسبب الإغلاقات الجزئية والكلية. وكان أحد أهم أهداف هذا التأجيل، إلى جانب ضمان توفير السيولة في يد المقترضين لتغطية نفقاتهم الأساسية، هو المحافظة على تعهدات المقترضين للبنوك. كما أن البنوك تعاملت أيضاً مع العديد من الحالات الفردية في عمليات التأجيل خلال الجائحة، وفقاً لمُمارسات مصرفية سليمة، دون أي تدخلات أو ضغوطات شعبوية.
في العام 2021، عادت البنوك لتأجيل الأقساط مرتين، وتحديداً في شهر رمضان وعيد الأضحى، ليصل عدد مرات التأجيل إلى 8 مرات، وذلك أيضاً مراعاة لضعف القطاعات الاقتصادية التي كانت ما تزال تُعاني من بقايا تداعيات الجائحة، وثلاث مرات أخرى في مُناسبات مختلفة في العام 2022 ليُصبح عدد مرات التأجيل 11 مرة.
اليوم، على الفئة المُطالبة بتأجيل أقساط القروض أن تُدرك وتعي أن هذا العدد الكبير من عمليات التأجيل في أقساط القروض يحمل مخاطر عالية، وألا تتفاجأ بما سيترتب على ذلك من زيادة في الأعباء المالية مُستقبلاً، وخاصة أن عمليات التأجيل، وإن كانت خالية من العُمولات كما يتم الإعلان عنه عندما تتخذ البنوك قراراً جماعياً بتأجيل أقساط القروض، إلا أنه يرافقها فوائد مُتراكمة تؤدي إلى زيادة قيمة ومدة القرض، وتكبد المُقترض مبالغ كبيرة حتى نهاية عمر القرض.
أما فيما يتعلق بمن يطالب الحكومة أن تفرض على البنوك هذا التأجيل، فهذا أمر غير منطقي، فقطاع البنوك قطاع خاص يندرج تحت شركات المساهمة العامة، ويُسهم فيه مستثمرين عرب وأجانب، ولا يستطيع أحد أن يفرض عليهم قراراته. وعلى كل شخص أو قطاع يطلب هذا التأجيل أن يقيس الأمر عليه. فعلى سبيل المثال، هل تستطيع الدولة الطلب من قطاع معين، كالتجار مثلاً، البيع من دون أرباح خلال فترة شهر رمضان المُبارك؟ الجواب بكل تأكيد لا، لأن الأردن دولة مؤسسات تحافظ على القطاع الخاص وتُراقبه وتحاسبه ضمن الأدوات الدستورية والقوانين الناظمة في حال حدوث المُخالفات. الجهاز المصرفي الأردني قوي ومتين ومُراقب من البنك المركزي الأردني الذي يطبق أفضل المعايير الدولية للمحافظة على سلامته، مما يُعزز الثقة في هذا القطاع ويجعله جاذباً للاستثمارات العربية والاجنبية، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال التدخل في إدارته وقراراته المصرفية، مما يؤثر سلباً على الاستثمار في هذا القطاع، وعلى الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الأخرى.
خلاصة القول، إن تأجيل أقساط القروض كان أداة استثنائية في مرحلة استثنائية، وتكرارها بشكل عشوائي يُرتب العديد من المخاطر، وهو ما دفع أغلب المختصين بالشأن الاقتصادي والمالي للمطالبة بعدم تأجيل أقساط القروض، فالتأجيل ليس الحل.








طباعة
  • المشاهدات: 2650
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-03-2023 08:23 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم