بقلم : د. عدلي قندح
يبدأ بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الاميركي بمناقشة المؤشرات الأخيرة للنمو المتواضع في الإنفاق والإنتاج، حيث يشير البيان بوضوح إلى أن الاقتصاد آخذ في التوسع، وإن لم يكن بوتيرة سريعة، كما يشير إلى أن مكاسب الوظائف كانت قوية وأن معدل البطالة ظل منخفضًا، مما يؤكد وجود سوق عمل صحي. ومع ذلك، يشير البيان أيضًا إلى أن التضخم لا يزال مرتفعًا، مما قد يكون مدعاة للقلق. ويوصف النظام المصرفي الأمريكي بأنه سليمٌ ومرن، لكن التطورات الأخيرة المتعلقة بانهيار ثلاثة بنوك أميركية قد تدفع باتجاه تشديد شروط الإئتمان أكثر وخاصة للأسر والشركات، مما قد يؤثر على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم. إلا أنه يعود ويذكر بأن مدى هذه الآثار غير مؤكد.

من أبرز نقاط القوة في هذا البيان أنه يقدم لمحة عامة متوازنة عن الوضع الحالي للاقتصاد من خلال تسليط الضوء على التطورات الإيجابية والسلبية. ويقر البيان بعدم اليقين فيما يتعلق بالتأثير المحتمل للتطورات الأخيرة، والمتعلقة بانهيار ثلاثة بنوك، على الاقتصاد. إلا أن اللجنة أكدت أنها لا تزال مهتمة للغاية بمخاطر التضخم بالرغم من كل الانتقادات التي وجهت لتأثير قرارات بنك الاحتياط الفيدرالي. والملفت للانتباه أن بيانات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الاخيرة تم التصويت عليها بالاجماع من قبل كافة أعضاء اللجنة.

أما أبرز نقاط الضعف في البيان أنه لا يقدم تفاصيل محددة عن الوضع الاقتصادي الحالي أو التطورات الأخيرة التي تؤثر على قرارات اللجنة، ولا يوفر جدولًا زمنيًا واضحًا للوقت الذي قد يكون فيه اضفاء المزيد من التشديد على السياسة النقدية مناسبًا، وترك ذلك للتطورات والأحداث المستقبلية، ومع ذلك فهذا أمر مفهوم ومقبول.

ولمعالجة هذه المخاوف، قررت اللجنة رفع النطاق المستهدف لسعر الأموال الفيدرالية إلى 4.75%–5٪، وذلك بهدف تحقيق الحد الأقصى من العمالة وأيصال التضخم الى المعدل المستهدف عند 2 في المائة على المدى الطويل. أما لماذا يختار الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة كوسيلة لمحاربة التضخم فلأنها أداة أكثر مباشرة وفعالية للتحكم في العرض والطلب على النقود في الاقتصاد. ومع ذلك، يستخدم الاحتياطي الفيدرالي ايضاً أداة السوق المفتوحة بتخفيض حجم محفظته من سندات الخزينة وديون الوكالات والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، بهدف امتصاص السيولة من السوق وتخفيض الطلب وبالتالي تخفيض معدلات التضخم. والبيان يشدد على أن اللجنة تلتزم بشدة بإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة. وما يجب تذكره أن هناك العديد من العوامل العالمية التي تدفع التضخم للارتفاع وهذه العوامل خارجه عن سيطرة السلطات النقدية في اي دولة.

وبين البيان أنه عند تحديد مدى الزيادات المستقبلية في النطاق المستهدف لسعر فائدة أموال بنك الاحتياطي الفيدرالي، ستأخذ اللجنة في الاعتبار حجم التشديد التراكمي للسياسة النقدية، والوقت اللازم، time lag، الذي تحتاجه السياسة النقدية لكي تؤثر بسياساتها على النشاط الاقتصادي والتضخم، والتطورات الاقتصادية والمالية، بما في ذلك ظروف سوق العمل، وضغوط التضخم والتوقعات، والتطورات المالية والدولية.

وتجدر الاشارة الى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتحكم في الأدوات الثلاث للسياسة النقدية–عمليات السوق المفتوحة، ومعدل الخصم، ومتطلبات الاحتياطي. حيث أن مجلس محافظي نظام الاحتياطي الفيدرالي مسؤول عن معدل الخصم ومتطلبات الاحتياطي، واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هي المسؤولة عن عمليات السوق المفتوحة. وباستخدام الأدوات الثلاث، يؤثر الاحتياطي الفيدرالي على الطلب والعرض من الأرصدة التي تحتفظ بها مؤسسات الإيداع في البنوك الاحتياطية الفيدرالية، وبهذه الطريقة يغير سعر الأموال الفيدرالية.

ويتوقع أن تؤدي التغييرات في سعر الأموال الفيدرالية إلى سلسلة من الأحداث التي تؤثر على أسعار الفائدة الأخرى قصيرة الأجل، وأسعار الصرف الأجنبي، ومعدلات الفائدة طويلة الأجل، ومقدار المال والائتمان، وفي النهاية، مجموعة من المتغيرات الاقتصادية، بما في ذلك التوظيف، الناتج وأسعار السلع والخدمات.