27-03-2023 11:50 PM
سرايا - عكست أرقام وإحصائيات التقرير السنوي لدائرة قاضي القضاة حول الزواج لسنة 2022، حالة متشابكة من العوامل والأسباب التي أدت إلى الانخفاض الملحوظ في أعداد الزيجات الكلية العام الماضي، إذ تركزت أعمار الزواج الإجمالية الخاصة بالزوج في الفئة العمرية من 26-40 عاما، وللزوجة بين 18-25 عاما.
وجاءت دعوة قاضي القضاة الدكتور عبدالحافظ الربطة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد الأسبوع الماضي للإعلان عن التقرير السنوي، لدراسة وتحليل هذا “الواقع المتغيّر” ومعالجة أسبابه، موجهّة إلى المؤسسات ذات العلاقة، وسط تأكيدات مختصين أيضا بأهمية دور منظمات المجتمع المدني كرافعة أساسية في تحمّل الأعباء في مسارات التوعية والتثقيف والحماية القانونية لأفراد المجتمع.
وبالعودة إلى مؤشرات التقرير، أظهر أن الفئات العمرية التي تركزت فيها عقود الزواج الإجمالية (الخاصة بالزوج) هما في الفئتين العمريتين من 26-29 عاما بواقع 19115 عقد زواج لسنة 2022، وفي الفئة العمرية من 30-40 عاما بواقع 18634 عقد زواج، من المجموع الكلي البالغ 63834 ألف عقد زواج.
أما إجمالي حالات الزواج الإجمالية الخاصة بالزوجة، فأظهرت تسجيل 11323 ألف حالة زواج في الفئتين العمريتين من 18-20 عاما، ومن 21-25 عاما بواقع 24197 حالة زواج من المجموع الكلي.
وكشفت الأرقام الرسمية عن انخفاض “ملحوظ” في حالات زواج الفتيات دون سن 18 عاما في 2022، بنسبة 27.5 % عن العام 2021 بواقع يتراوح من 8037 إلى 5824 حالة زواج.
وفي السياق قالت المحامية والحقوقية هالة عاهد، بأن قراءة أرقام الزواج والطلاق، تتطلب النظر إلى التقارير بصورة كلية شمولية أولا، مرتبطة بالظروف المحيطة وبتحليل اتجاهات الأردنيين في قضايا الزواج والطلاق، وفهم طبيعة التغيّرات الحاصلة تجاه مؤسسة الزواج، عدا التدقيق في الصورة الأصغر والشرائح العمرية للزواج والطلاق على حد سواء.
وأكدت عاهد، ضرورة الأخذ بعين الاعتبار في مسألة زواج “القاصرات”، الالتفات إلى أعداد الذكور الذين تزوجوا دون سن 18 عاما وكذلك الإناث، ما يعطي مؤشرات على أن الفتيات ما زلن الفئة “الأضعف” في حالات الزواج المبكّر الذي غالبا ما يكون بقرار من الأهل.
كما رأت عاهد أن انخفاض أرقام زيجات من هم دون 18 عاما، جاء في سياق الانخفاض الكلي لعقود الزواج الإجمالي، منوهة بأن الأرقام لا تزال مرتفعة، وأن الاستثناءات تطبّق بشكل واسع.
وأشارت إلى أن عدد حالات الزواج في الفئة العمرية من 21-25 بالنسبة للفتيات في تقرير 2022 هي الأعلى، حيث سجلت أكثر من 24 ألف حالة، قائلة إن الزواج في هذه الفئة العمرية يجب أيضا الوقوف عنده من منطلق تفضيل الأردنيين للزواج من الأصغر سنا بين الإناث، وهو ما له انعكاسات عدّة إذا لم تتوافر مقوّمات التمكين الاقتصادي والتعليمي للفتيات.
وبالعودة إلى التقرير، أظهر أن حالات الزواج لمن هن بين 16و18 عاما من الاناث بلغت 5824 حالة، مقابل 143 حالة للذكور ممن هم ضمن الفئة العمرية ذاتها في 2022.
ولفتت عاهد إلى أن الزواج في عمر مبكّر للفتيات يعكس غياب قرار الزواج لهن، وبأنها ليست شريكة فيه، فيما نبهت إلى أن الحديث عن انخفاض حالات الطلاق في هذه الفئة العمرية ليس مؤشرا حقيقيا؛ لأن حالات الطلاق قد تحدث في عمر متقدّم.
وفي سياق متصل، رأت المديرة التنفيذية لمعهد تضامن النساء المحامية إنعام العشا، أن تراجع أعداد عقود الزواج مرده بالدرجة الأولى إلى أسباب اقتصادية، وارتفاع نسب البطالة بين صفوف الشباب من ذكور وإناث في الفئة العمرية في عمر العمل، قائلة إن أسبابا أخرى متعلقة بزيادة حالات العنف الأسري ونشوء خلافات أسرية نتيجة استعصاء الحالة الاقتصادية وعدم القدرة على تلبية الحاجات الأساسية للفرد، يلعب دورا أساسيا في ذلك، عدا عن تغيّر “النظرة المجتمعية إلى مؤسسة الزواج” في البلاد.
وبحسب بيان تحليل لـ”تضامن” صدر أمس، فإن معدل البطالة في الأردن خلال الربع الثالث من عام 2022 سجل ما نسبته 23.1 %، بارتفاع مقداره 0.5 نقطة مئوية عن الربع الثاني من العام ذاته (2022)، كما سجلت معدلات البطالة بين الذكور خلال الربع الثالث لعام 2022 ما نسبته 20.5 %، مقابل 33.1 %، للإناث.
وأشار البيان إلى أنه بذلك يكون معدل البطالة للذكور، قد انخفض بمقدار 0.7 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 2.3 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثالث من العام 2021، فيما انخفض معدل البطالة للذكور خلال الربع الثالث من عام 2022، مقارنة بالربع الثاني من العام نفسه (2022)، بمقدار 0.2 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 3.7 نقطة مئوية.
وفي ضوء تلك الأرقام، دعت المحامية العشا إلى ضرورة إعادة النظر في رسائل التوعية في المجتمع حيال مؤسسة الزواج، وتوفير فرص عمل “حقيقية” للشباب، منوهّة بأن ذلك يستدعي تضافر الجهود الرسمية والشعبية والأهلية في مساندة الشباب، بما في ذلك دعم منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية التي تتحمل أعباء كبيرة مع الحكومة في توفير الحماية القانونية والتوعية للأفراد والشباب.
وأضافت أن الحاجة ماسة إلى بناء مؤسسي لحالات الزواج، لأن المشكلات الناجمة عن فشلها لا تظهر فجأة وكذلك الحلول لا يمكن أن تكون “سحرية”.
وما تزال جائحة كورونا تلقي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية للمواطنين خاصة من هم في سن العمل، حيث قالت العشا إن هناك “ثمنا أخلاقيا وقيميا واجتماعيا للأبعاد الاقتصادية لمشكلة البطالة”.
وفيما يتعلق بانخفاض أعداد حالات الزواج المبكر لمن هم دون سن 18 عاما، اعتبرت العشا أن هذا الانخفاض نسبي، ارتبط بانخفاض عقود الزواج الكلية، مشددة على أهمية مواصلة تكثيف الجهود من أجل الحد منه.
وشددت على ضرورة تكثيف حملاتها التوعوية حول الآثار السلبية لزواج القاصرات، معتبرة أن الحملات تركت أثرا إيجابيا آخر طرأ على انخفاض نسبة وعدد عقود زواج القاصرات للعام 2022 المبين في تقرير دائرة قاضي القضاة.
الغد