02-04-2023 02:24 AM
سرايا - تكثر المشاكل الصحية، ولعل إحداها عسر البلع، حيث لا يمكن الفرد من إكمال وجبة طعامه، وهذا لا يعتمد على عمر الفرد أو إرادته، فالصغير عرضة لتلك المشكلة، كما الكبير الذي يشعر باستياء كبير لعدم قدرته على البلع كالآخرين.
ومن الحالات التي تواجه صعوبة في البلع، الطفل مصعب (اسم مستعار) وهو أحد الأطفال المصابين بالتوحد، وعمره ثلاث سنوات، الذي قالت والدته: “إنه لم يتمكن من الأكل بسبب المشاكل الحسية، حيث كان لا يحب ملمس ورائحة الأرز، ويعاني من بطء في تناول الطعام، إلى أن تم علاجه عن طريق العلاج السلوكي والوظيفي للمشكلة من قبل مختصين”.
الستيني خالد (اسم مستعار) أحد المصابين بالسكتة الدماغية، شخص بحالة متأزمة بعدم قدرته على البلع أثناء الطعام مما أدى إلى زيادة تعبه، وأثر ذلك على عسر البلع وتم تركيب بربيش غذائي عبر الأنف ليتغذى من خلاله ثم ركب له بربيش عبر المعدة ثم تلقى العلاج لمدة تقارب شهر كامل إلى أن تحسنت حالته بشكل كامل.
ولتوضيح مشاكل عسر البلع أفادت دكتورة التغذية إسلام جاد الله، بوجود عوامل مؤثرة على عسر البلع لدى الفرد المصاب، وهذا بسبب لزوجة الطعام ونوعية الطعام المناسب، وهل المصاب جاهز للطعام التكميلي؟.
وأشارت إلى أن نوعية طعام الطفل التكميلي غير حليب الأم والحليب الصناعي يكون من أربعة لستة أشهر ويختلف بحسب عمر الطفل واستعداده لبدء الطعام على ثلاثة أمور رئيسية: حركة الرأس وقدرته على تحريك لسانه للأمام وللخلف وقدرته على الجلوس على المقعد.
وذكرت أن الطفل يأكل طعام البيت بعمر ستة أشهر، مما يساعده على النمو، مع الحذر في تقديم نوعية الطعام ومراعاة قوام وشكل الأكل ودرجة حرارته، ويعتبر هذا بداية جديدة للطفل بعد الرضاعة، مع ضرورة الصبر والمدة اللازمة للطفل في محاولاته الأولى.
ونوهت إلى أن أن قوام الأكل للطفل يكون طريًّا وتكون معلقة الطعام مخصصة له والكمية بسيطة –خمس لست ملاعق- حتى تكون سرعة الطعام مناسبة مع سرعة البلع مع الصبر عند المضغ وهرس الطعام.
كما يفضل نوعية واحدة من الغذاء مع تجربة إطعام الطفل لمدة ثلاثة أيام مع تأكد عدم وجود أي تفاعلات حساسية غذائية، ومن غير إضافات من البهارات بالبداية.
وتقول جادالله: “يتمكن الأطفال من عمر ستة لثمانية أشهر من إدخال الطعام المهروس لوجباتهم اليومية، ومن عمر ثمانية لعشرة أشهر يتطور المضغ، مع تجنب تقديم ما يسبب للطفل خطورة الاختناق”.
وتتابع، على الأم معرفة إشارات بدء أو توقف الطفل عن الطعام، واستخدام وضعية مناسبة للطفل أثناء تقديم الطعام وهذا يساعد براحته في البلع، والتأكد من عدم وجود مشاكل في الجهاز الهضمي أو المريئي والإمساك.
وقالت: “إن كبار السن المصابين بسكتات دماغية الذين يواجهون صعوبة في البلع، بسبب فقدان الأسنان والوهن العضلي وضعف عضلات الفك، بالتالي تقل القدرة على المضغ والبلع”.
ومن الممكن أن يحدث لدى المريض دمج لأعصاب معينة، مثل العضلات والأعصاب المسؤولة عن عملية المضغ والبلع وصعوبة البلع تكون نتيجة أحد مضاعفات الإضطرابات العصبية مثل مرض باركنسون أو السكتة الدماغية أو التصلب الجانبي الضموري أو التصلب العصبي المتعدد. وفق جادالله ويتم التعامل مع مرضى كبار السن مثل الأطفال بحذر، تفاديًا لأي خطر ومراعاة تقديم الأكل المهروس وغير الدسم وعدم وجود أي نقص تغذوي، وفي حال عدم أخذ حاجتهم من الغذاء الطبيعي من الممكن أخذ المكملات الغذائية.
بدورها قالت اختصاصية علاج النطق والبلع د. رهام غانم: “إن مراحل عملية البلع لدى المصاب أكثر من مرحلة منها: البلعومية والفموية والمريئية ويحدث البلع بالساعة الواحدة ما يقارب ثلاثمائة مرة. في المرحلة الفموية من اللازم تحضير اللقمة وإعدادها، وأثناء مرحلة الإعداد يتمكن الطفل من المضغ وجمعها ومزجها باللعاب من خلال الشفة والخدود والفك”. وتتابع، عند تحضير اللقمة يجب أن تكون كروية ورطبة مشبعة بالسوائل، ومن ثم تأتي مرحلة النقل ليأتي الشخص المصاب ويحرك هذا السائل أو اللقمة إلى الخلف من الجزء الخلفي من الفم حتى يستعد لعملية إطلاق البلع، أما المرحلة البلعومية فترتفع حتى تسكر الأنف وتجويف الأنف، والأحبال الصوتية تغلق حتى تحمي الرأتين من أي تسريب من السوائل، وفي هذه المرحلة يجب أن ترتفع الحنجرة وتتقدم إلى الأمام ولسان المزمار يغلق وينزل ويحمي بشكل كامل الرئتين ومن ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي المريئ.
وأفادت بأنه من المهم الاهتمام بالمعلومات الأولية وإعطائها للأهالي حتى يعلموا أين يتوجهوا. واختصاصي النطق يؤدي دورا كبيرا بتشخيص إصابات البلع سواء عند الأطفال أو الكبار ويلعب دورا كبيرا في تحديد نوعية الخلل وبها يبدأ بالخطة العلاجية التي تتضمن تمارين تقوية وتحريك اللسان وتمارين تحسين المضغ.
ويرتكز عادة نجاح العلاج على مجموعة عوامل منها: جلسات أسبوعية من مرتين إلى ثلاث مرات بالأسبوع لحل صعوبة البلع وجلسات تعاونية مع الأهل على مدار 24 ساعة، وكذلك التمارين الآمنة.
وأشارت إلى أن مشاكل عسر البلع بأي عمر من الممكن أن تكون مترافقة مع الأطفال الذين يعانون من مشاكل خلقية وعقلية أو اضطرابات عضلية، وكلما كان التشخيص مبكرًا كان أفضل.
ومن جهته قال الدكتور نورالدين الديري خبير وعالم بطيف التوحد واضطراب النمو: “إن عسر البلع يزداد بشكل أكبر بالأعمار الصغيرة لعدم انتباه الأهالي. ومن الممكن أن تتطور الحالة عنده”.
وأوضح الديري الفرق بين حالة الشخص الطبيعي وحالة التوحد، إذ يكون طفل التوحد لديه مشكلة مع العالم الخارجي من ناحية التواصل في فهم المشاعر وتكون طريقة التعبير صعبة.
وبين الديري أن 35 % من أطفال التوحد تكون لديهم مشاكل مثل عسر البلع ومنها ارتجاع الحمض المريئي وأحيانا تأتي المشاكل في الجهاز الهضمي والانتفاخ والحساسية، ويعد خطر عليهم من ناحية سلوكية.
وذكر أن علاقة اضطرابات الطعام باضطرابات طيف التوحد من الممكن أن تكون لدى المريض حالة انتقائية من مظهر وملمس ورائحة وهي مشاكل حسية مصاحبة لهم.
وأفاد الديري بأن حمية الغولتين والكازين بين 30 و35 % تساعد في تخفيف الأعراض التي تسببها منتجات الغولتين والكازين هو الحليب؛ حيث أظهرت الدراسة أنه يوجد تحسن عند الأطفال في حال علاج مشاكل الغولتين والكازين.
وقال الديري: “إنه يوجد أطفال لديهم مشاكل في الجهاز الهضمي وبسبب الحساسيات يصبح لديهم انتفاخات وآلام، وهذه الحالة تعمل علاقة الطفل مع الطعام غير طبيعية وأن نسبة كبيرة من أطفال طيف التوحد لديهم مشاكل في الجهاز الهضمي، مما يجعل علاقتهم مع الأكل غير طبيعية وصحية، وعند عمل فحص الحساسية يصبح الطفل في حالة صحية ومحبا للطعام وهي أشبه بالطبيعية”.