02-04-2023 09:44 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
يعتبر القطاع التعاوني من القطاعات الهامة التي تسهم في تطوير المجتمعات المحلية في مجال الانتاج والخدمات، فهو يهدف إلى تحقيق التنمية المحلية المستدامة في المناطق الريفية والبادية بمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والحد من مشكلتي الفقر والبطالة، وترسيخ ثقافة العمل الجماعي والاعتماد على الذات.
وتشمل الحركة التعاونية الجمعيات التعاونية، التي تُعرّف بأنها اتفاق مجموعة من الأشخاص الذين يلتقون في القيم والمبادئ المشتركة لتشكيل مؤسسة ذات ملكية مشتركة فيما بينهم تعمل على تقديم الخدمات لأعضائها، وذلك مقابل مساهمات مادية يقومون بتقديمها. فهي شكل من أشكال المساعدة المتبادلة بين الأشخاص الذين تتشابه احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحسين أسلوب معيشتهم وأشغالهم وطرق إنتاجهم.
كما يضم هذا القطاع الاتحادات التعاونية بنوعيها الإقليمية والنوعية، حيث يقصد بالاتحاد الإقليمي ذلك الاتحاد الذي تؤسسه الجمعيات التعاونية في أي من محافظات المملكة، في حين يؤسس الاتحاد التعاوني من قبل الجمعيات التعاونية المتشابهة في الأغراض والغايات.
وعلى الرغم من الأهمية القصوى لهذا القطاع التنموي ودوره المحوري في تحقيق التكافل الاجتماعي، إلا أن التشريعات الناظمة له تمتاز بالقِدم، وبأنها غير قادرة على النهوض بهذا القطاع وتمكينه من القيام بالدور المرجو منه.
فالتشريع الأساسي الذي يحكم عمل الجمعيات التعاونية في الأردن هو قانون التعاون رقم (18) لسنة 1997، الذي حل محل القانون القديم لعام 1971، ولم يخضع لأي تعديل على نصوصه وأحكامه منذ إصداره. فهذا القانون قد أنشأ المؤسسة التعاونية الأردنية كجهة رسمية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ولها بهذه الصفة أن تتملك الأموال والمنقولة وغير المنقولة، والقيام بجميع التصرفات القانونية وإبرام العقود وقبول الهبات والتبرعات.
وتعتبر هذه المؤسسة الخلف القانوني والواقعي للمنظمة التعاونية الأردنية التي تم إنشاؤها في عام 1968، وكانت هي الجهة المسؤولة عن تسجيل الجمعيات التعاونية ومتابعة شؤونها، وهو الاختصاص الذي انتقل منذ عام 1997 إلى المؤسسة التعاونية الأردنية.
إن الانتقال من المنظمة التعاونية إلى المؤسسة التعاونية في عام 1997 قد رافقه إلغاء العديد من الوحدات الإدارية التنظيمية التي كانت موجودة في السابق ولم يحافظ عليها القانون الحالي، أهمها البنك التعاوني الذي كان يتولى إصدار القروض المالية للجمعيات والأعضاء التعاونيين، وتقديم الخدمات المصرفية لهم. كما جرى في عام 1997 إلغاء المعهد التعاوني الذي كان يهدف إلى نشر الثقافة التعاونية، وتوفير التدريب المناسب للقائمين على إدارة الجمعيات التعاونية والعاملين فيها، وإجراء الأبحاث العلمية التعاونية وتنسيقها ونشر نتائجها.
فعلى الرغم من أن القانون التعاون الحالي يحدد في المادة (4) منه وضمن أهداف المؤسسة التعاونية ضرروة تأسيس صناديق تعاونية بهدف تمويل مشاريع الجمعيات التعاونية وتأسيس المعاهد ومراكز التدريب، إلا أن هذه الوحدات الفنية والمالية لم يتم إنشاؤها بالكامل منذ صدور القانون في عام 1997.
وباستعراض تشكيلة المؤسسة التعاونية الأردنية كما حددتها المادة (5) من قانون التعاون، نجد بأنه يترأس مجلس إدارتها رئيس الوزراء نفسه أو أي وزير آخر ينيبه لهذه الغاية. ومنذ سنوات، يترأس وزير الزراعة مجلس إدارة المؤسسة إلى جانب الأمين العام للوزارة المحددة عضويته بموجب القانون. وهذا الأمر يحقق ازدواجية في التمثيل لوزارة الزراعة، على حساب باقي الوزارات التي يمكن أن تستفيد المؤسسة من تمثيلها في مجلس إدارتها كوزارة العمل أو التنمية الاجتماعية.
كما ينص القانون الحالي على أن من ضمن أعضاء مجلس إدارة المؤسسة التعاونية الأردنية رئيس الاتحاد العام التعاوني الأردني. وهذا الاتحاد لم يتم إنشاؤه منذ عام 1997 بالتالي ليس له وجود قانوني، ومع ذلك يعتبر القانون رئيسه عضوا في مجلس الإدارة.
وعلى الرغم من أن الاختصاص الأصيل للمؤسسة التعاونية الأردنية قائم على أساس خدمة الجمعيات التعاونية، إلا أن تمثيلها في مجلس إدارة المؤسسة يقتصر فقط على ثلاثة أعضاء يختارهم مجلس الوزراء. وهذا العدد غير كاف لضمان تواجد حقيقي لقطاع التعاونيات في مجلس إدارة المؤسسة، وذلك اعتمادا على الأكثرية المطلوبة لصدور القرارات والمتمثلة بأغلبية الأعضاء الحاضرين.
واستنادا لقانون التعاون لعام 1997، صدر نظام الجمعيات التعاونية رقم (36) لسنة 2016 الذي يحدد الإجراءات الواجب اتباعها لتسجيل الجمعيات التعاونية ومتابعة شؤون عملها من قبل المدير العام للمؤسسة التعاونية الأردنية. وهذا النظام بحاجة أيضا إلى مراجعة شاملة لإعادة رسم العلاقة بين المؤسسة والجمعيات التعاونية، بحيث يتعزز مبدأ الاستقلالية الإدارية للجمعيات في إدارة شؤونها الداخلية، مع تعزيز الرقابة المالية والمحاسبية من قبل المؤسسة على سجلاتها وقيودها بما يضمن حقوق المساهمين في الجمعية من جهة، وعدم المساس باستقلالها ?لمالي من جهة أخرى.
إن قطاع التعاونيات في الأردن بحاجة إلى معالجة تشريعية جوهرية تسهم في تطوير هذا القطاع، وتمكنه من القيام بالدور المتوقع منه في رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للتعاونيين والمجتمعات المحلية.
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-04-2023 09:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |