05-04-2023 11:32 AM
بقلم : د. محمد أبو حمور
أعادت الأزمة التي شهدتها بعض البنوك الغربية مؤخراً توجيه الأنظار إلى أهمية القطاع المصرفي والدور المحوري الذي يضطلع به في الاقتصاد، ومن نافلة القول تأكيد أن النهوض بالاقتصاد وتحقيق الطموحات التنموية لا يتم إلا بتوفر قطاع مصرفي كفؤ ومستقر، موثوق ومواكب للتطورات التكنولوجية.
والثقة عنصر أساس في تمكين المصارف من القيام بدورها في تمويل الاستثمارات التي بدورها تولد الوظائف وتساهم في النمو الاقتصادي ورفع مستوى معيشة المواطنين، ولهذه الغاية لا بد للبنك أن يحظى بثقة المودعين، فالأزمات المصرفية وافلاس البنوك يحدث في أغلبه نتيجة لانتشار الذعر ومسارعة المودعين لاسترداد ودائعهم في حال شعورهم أن البنك غير قادر على الوفاء بالتزاماته تجاههم، وتظهر أزمات البنوك عادة لأسباب متعلقة بالبنك نفسه بما في ذلك سوء الادارة وعدم كفاءة العاملين ما يؤدي لقرارات غير رشيدة، أو أسباب متعلقة بالظروف الاقتصادية مثل انخفاض أسعار الصرف أو تراجع قيمة الضمانات كالعقارات أو عدم كفاية الاجراءات الرقابية أو الارتفاع الجامح في نسب التضخم.
ونظراً لطبيعة عمل البنوك فأنه لا يوجد بنك يستطيع تلبية طلبات سحب كل الودائع كونها مستخدمة في عمليات مالية واستثمارية متنوعة، لذلك فالضمانة الأساسية لعدم إفلاس البنك هي في الثقة بأن المودعين لن يطلبوا سحب ودائعهم في وقت واحد، وأن السيولة المتوفرة لدى البنك ستكون قادرة على مواجهة الطلب الطبيعي للسحوبات، وانهيار الثقة أو الحفاظ عليها وتعزيزها يرتبط بعدة عوامل لعل أهمها هو السياسات النقدية ومدى ملاءمتها للتطورات المحلية والعالمية وقدرتها على الحد من التضخم والحفاظ على استقرار سعر الصرف وحماية الاستثمارات والقدرة على معالجة الثغرات والاخطاء التي قد تظهر في آداء بعض البنوك.
وبهذا الخصوص لا بد من الإشارة إلى أن البنك المركزي الاردني وعبر سياساته واجراءاته الحصيفة أثبت قدرته على تجنب الازمات وارتداداتها وبشكل يضمن استقرار القطاع المصرفي في الأردن ناهيك عن الحفاظ على استقرار أسعار الصرف ولمدة زادت عن ربع قرن، كما أن مؤسسة ضمان الودائع تشكل ركناً أساسياً في الحفاظ على استقرار القطاع المصرفي عبر تأمين ودائع قطاع واسع من المتعاملين مع البنوك، وما من شك في أن توسيع الغطاء التأميني سيساهم في تعزيز الثقة وبث الطمأنينة في نفوس المودعين بمختلف فئاتهم.
كما أن إدارات البنوك تتحمل مسؤولية خاصة في الحفاظ على ثقة المودعين والمستثمرين، فسياسات الإقراض الحصيفة والقرارات المستندة إلى تحليل علمي والحرص على جودة الأصول والاحتفاظ بسيولة ملائمة كلها عوامل أساسية في ضمان قيام البنك بأعماله بكفاءة وفاعلية، ومن المهم أيضاً التزام المصداقية في التعامل مع المودعين والمقترضين وتقديم الخدمات وفق أفضل الممارسات، مع مواكبة مختلف التحديثات والحرص على الشفافية والحوكمة الرشيدة ورفع كفاءة العاملين والحفاظ على خصوصية التعاملات المالية وسريتها وفق ما تتطلبه التشريعات ذات العلاقة وتوفير خدمات مصرفية متميزة وجاذبة.
الثقة هي الشرط الأساس لاستمرار عمل الجهاز المصرفي وبدونها تنهار البنوك وتتعمق الأزمات في مختلف القطاعات، وإذا ضعفت الثقة نتيجة لبعض الاخطاء أو ضعف الرقابة فسوف تضعف القدرة على تبني سياسات نقدية فاعلة نظراً لتوسع أعمال القطاعات غير الخاضعة للرقابة، وتتراجع الثقة بالعملة المحلية، كما أن ذلك سيؤدي الى هروب رؤوس الاموال وتعطيل الدورة الاقتصادية وتراجع قدرة الدولة على تنظيم ومراقبة الانشطة الاقتصادية المختلفة، ويعتمد استقرار القطاع المصرفي ونموه ومساهمته في آداء دوره في الاقتصاد الوطني على ثقة المتعاملين سواءً كانوا مودعين أو مقترضين، ونمو البنوك وتطورها ونجاحها مرهون بتحقيق أعلى قدر ممكن من الثقة وعلى مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-04-2023 11:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |