09-04-2023 10:04 AM
بقلم : د. عدلي قندح
معيار الذهب هو نظام نقدي ترتبط فيه قيمة عملة الدولة بشكل مباشر بكمية ثابتة من الذهب. في ظل هذا النظام، يمكن استبدال العملة بوزن ثابت من الذهب، عادة في شكل عملات ذهبية أو سبائك. وقد تم استخدام المعيار الذهبي بشكل شائع في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ولكن تم التخلي عنه من قبل معظم البلدان خلال فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات.
وقد استُخدم الذهب كعملة مفضلة عبر التاريخ لأنه نادر، ويصعب الحصول عليه، وقابل للطرق، ولا يتآكل. وكان أول استخدام معروف لها كعملة مسكوكة حوالي 600 قبل الميلاد، في ليديا، في تركيا الحالية.
إذا عادت الولايات المتحدة إلى معيار الذهب، فهذا يعني أن الدولار الأمريكي سيكون قابلاً للتحويل إلى كمية ثابتة من الذهب. وسيتطلب ذلك من الحكومة الأمريكية الاحتفاظ بمخزون من الذهب لدعم العملة المتداولة. وسيتم ربط قيمة الدولار بقيمة الذهب، وسيكون المعروض من الدولارات محدودًا بكمية الذهب التي تحتفظ بها الحكومة.
هناك العديد من الإيجابيات والسلبيات المحتملة للعودة إلى المعيار الذهب. من أبرز الايجابيات تحقيق الاستقرار، حيث يُنظر إلى معيار الذهب على أنه نظام نقدي مستقر لأنه يربط قيمة العملة بسلعة مادية. وهذا من شأنه أن يمنع الحكومة من التلاعب بقيمة العملة، مما قد يساعد في تقليل التضخم وعدم استقرار السوق. وثانيا، القدرة على التنبؤ، وذلك نظرًا لمحدودية المعروض من الذهب، فإن كمية العملة المتداولة ستكون متوقعة، مما يسهل على الشركات والمستثمرين تخطيط مواردهم المالية. وثالثاً، زيادة الثقة، حيث يعتقد البعض أن العودة إلى معيار الذهب من شأنه أن يزيد الثقة في الدولار الأمريكي، حيث سيُنظر إليه على أنه مخزن للقيمة أكثر موثوقية.
أم سلبيات العودة لمعيار الذهب فاهمها ان عرض النقود سيكون محدوداً ومقيدًا بكمية الذهب التي تحتفظ بها الحكومة. وقد يؤدي هذا إلى نقص في الأموال خلال فترات التوسع الاقتصادي، مما قد يخنق النمو. وثانياً، ان معيار الذهب سيجعل من الصعب على الحكومة الاستجابة للصدمات الاقتصادية، حيث لن يكون لديها القدرة على طباعة المزيد من الأموال أو تعديل أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد. وهذا يعني أنه لا يمكن للبنك المركزي تنفيذ السياسة النقدية مثل التأثير على أسعار الفائدة أو ضخ الأموال في الاقتصاد في ظل هذا النظام. وثالثاً، ارتفاع تكلفة تكوين مخزون من الذهب، لأن الذهب سلعة ثمينة. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الحفاظ على المعيار الذهبي نفقات مستمرة، مثل تأمين وتخزين الذهب.
باعتقادي أنه من غير المحتمل أن تعود الولايات المتحدة إلى معيار الذهب في المستقبل القريب. فقد تخلت عنه في عهد الرئيس نيكسون عام 1971. ومنذ ذلك الحين، تعمل الولايات المتحدة بموجب نظام نقدي ورقي، حيث أن قيمة العملة ليس مرتبطًا بشكل مباشر بأي سلعة مادية مثل الذهب أو الفضة، بل من خلال الثقة في حكومة الولايات المتحدة واقتصادها. ومن أبرز العقبات الكبيرة أمام العودة لمعيار الذهب أن كمية احتياطيات الذهب التي تحتفظ بها الولايات المتحدة حاليًا، حوالي 8133.5 طنًا وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، غير كافية لدعم المعروض النقدي بالكامل. وقد تؤدي العودة إلى معيار الذهب إلى تقييد قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي في استخدام السياسة النقدية للاستجابة للأزمات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، ويمكن أن يحد أيضًا من قدرة الولايات المتحدة على الانخراط في التجارة الدولية، حيث ستكون قيمة الدولار الأمريكي مرتبطة مباشرة بسعر الذهب، والذي يمكن أن يكون متقلبًا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-04-2023 10:04 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |